مؤشرات جديدة إلى تحرك قوات حفتر نحو طرابلس

السرّاج يسعى إلى احتواء «بوادر تمرد» في حقول نفطية

TT

مؤشرات جديدة إلى تحرك قوات حفتر نحو طرابلس

سعى فائز السرّاج رئيس حكومة الوفاق الوطني في العاصمة طرابلس إلى احتواء بوادر تمرد في حقل «الشرارة» أكبر حقول النفط التي تظاهر عمالها، بالإضافة إلى عمال في حقلين آخرين؛ بزيادة رواتبهم بمقدار الثلثين في وقت يرتفع فيه إنتاج البلاد من النفط، بينما قال اللواء عبد السلام الحاسي قائد غرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش الوطني الليبي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشير خليفة حفتر أصدر قراراً بتعيينه قائداً لمجموعة عمليات المنطقة الغربية التي تشمل العاصمة، فيما يعد مؤشراً جديداً على اعتزام القائد العام شن حملة عسكرية للوصول إلى طرابلس.
وبهذا القرار يكون الحاسي رسمياً هو قائد غرفة عمليات تحرير طرابلس، علماً بأنه مسؤول غرفة عمليات الكرامة بالجيش الوطني وترأس قواته لتحرير معظم المدن الليبية التي سيطر عليها الجيش مؤخراً شرقاً وجنوباً.
وقال الحاسي إن قرار تعيينه صدر منذ نحو عشرين يوماً، رافضاً الإفصاح عن مغزى القرار وطبيعة عمليات قواته، لكنه ألمح، في المقابل، إلى أن الهدف من القرار هو «تحرير» العاصمة من قبضة الميليشيات المسلحة التي تهيمن عليها منذ نحو خمس سنوات.
وقال مصدر عسكري آخر لـ«الشرق الأوسط» إن الغرفة التي يترأسها الحاسي ستكون بمثابة غرفة عمليات لكل الوحدات العسكرية التابعة للجيش الوطني بالمنطقة الغربية، بحيث تتلقى كل الوحدات التعليمات منها مباشرةً، لافتاً إلى أن هذه الغرفة تحل محل غرفة عمليات طرابلس التي كان يقودها اللواء الصادق المزوغي، وتم الإعلان عن تغيير اسم الغرفة وقائدها قبل أيام فقط.
في المقابل، شهدت العاصمة طرابلس، أمس، تحركات وحشوداً عسكرية للميليشيات المسلحة. وقال سكان محليون إنهم شاهدوا أرتالاً عسكرية تتحرك في معظم أرجاء المدينة بشكل مفاجئ منذ الساعات الأولى من الصباح.
وتحدثت مصادر أمنية وعسكرية عن حالة استنفار بين عناصر الميليشيات والكتائب المسلحة في المدينة، خصوصاً في مناطقها الجنوبية والغربية وباتجاه مطار طرابلس الدولي، معتبرة أن تحركات الميليشيات في طرابلس هي مجرد رد فعل على تعيين الحاسي قائداً لغرفة عمليات الجيش الوطني لتحرير العاصمة.
وقال مسؤول عسكري على صلة بما يحصل في طرابلس، لـ«الشرق الأوسط»، إن الميليشيات المسلحة في العاصمة تحتشد على ما يبدو تمهيداً لشن هجوم على مدينة ترهونة التي تقع على بعد 80 كيلومتراً جنوب طرابلس، مع تحليق لطائرات استطلاع أجنبية في سماء المنطقة.
ووسط هذه الأجواء التقى المشير حفتر أمس، في مقره في الرجمة خارج مدينة بنغازي شرق البلاد، مع وفد ضم سفراء الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا في لقاء هو الأول من نوعه على هذا المستوى.
والتزمت حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السرّاج الصمت، كما لم يصدر أي تعليق رسمي من البعثة الأممية التي رعت قبل نهاية العام الماضي هدنة بعد معارك دامية أسفرت عن مقتل وإصابة المئات من سكان العاصمة.
لكنّ وسائل إعلام محلية ذكرت أن ما يجري في العاصمة طرابلس هو استعراض عسكري للقوات التابعة لآمر منطقة طرابلس العسكرية العقيد عبد الباسط مروان، مشيرةً إلى أن هذا الاستعراض تم بالتنسيق مع رئاسة الأركان العامة والمجلس الرئاسي.
إلى ذلك، سعى فائز السرّاج أمس، إلى احتواء بوادر تمرد في حقل «الشرارة»، بالإضافة إلى عمال في حقلين آخرين؛ بزيادة رواتبهم بمقدار الثلثين. وفي محاولة لتدارك الموقف، ترأس السرّاج اجتماعاً في العاصمة ضم نائبه عبد السلام كاجمان، وعضو المجلس الرئاسي للحكومة أحمد حمزة، ووزيري التخطيط والحكم المحلي، ومستشاره الاقتصادي، لبحث آلية تنفيذ المشاريع التنموية في منطقة الجنوب، وترتيب هذه المشروعات من حيث الأولوية، وتشمل الأولويات المشاريع الخدمية وتوفير الاحتياجات الضرورية للمواطنين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.