نتنياهو يتهم صحافيين بتجاهل «البعد التاريخي» لقرار الجولان

TT

نتنياهو يتهم صحافيين بتجاهل «البعد التاريخي» لقرار الجولان

هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الصحافيين المرافقين له، خلال عودته أمس من الولايات المتحدة إلى تل أبيب، وذلك بدعوى أنهم لا يفهمون «البعد التاريخي للاعتراف الأميركي بضم الجولان». وقال: «في هذه الزيارة التاريخية حققت لإسرائيل حلماً طمحنا إليه 50 عاماً، وأنتم لا تبثون سوى دقيقة واحدة في التلفزيون حوله».
وكانت الصحافة الإسرائيلية، على عكس المعارضة السياسية التي رحبت بقرار الاعتراف، أوضحت أن القرار الأميركي لا يقدم ولا يؤخر شيئاً إزاء الحقيقة بأن الجولان سوري. وكان هناك من اعتبره قراراً يجعل إسرائيل تعيش على الحراب إلى الأبد. وأجمعت وسائل الإعلام على رؤية قرار ترمب هدية انتخابية يقدمها لنتنياهو حتى يساعده على عدم السقوط في الانتخابات، المزمع إجراؤها في التاسع من أبريل (نيسان) المقبل.
وكان نتنياهو شكر رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترمب، على هذا الاعتراف، بكلمات تمجيد وتبجيل. وقال: «إننا نعيش أياما تاريخية. فطيلة عقدين من الزمن، بين 1948 و1967 كانت سوريا تمطر بوابل من الصواريخ الفتاكة على مواطني إسرائيل الذين تواجدوا أسفل مرتفعات الجولان. وقد عاش جيل كامل من الأطفال الإسرائيليين في خطر دائم. ولكن في غضون يومين مدهشين في يونيو (حزيران) 1967، تسلق جنود إسرائيل البواسل تلك المرتفعات ليحرروا الجولان، مما يحمل دلالة راسخة بالنسبة لكل إسرائيلي وبالنسبة لي شخصياً، إذ كان أحد أولئك الجنود البواسل شقيقي، الذي أصيب خلال المعركة قبل أن وضعت الحرب أوزارها بثلاث ساعات. وبعد ذلك بعدة سنوات، بصفتي ضابطاً في وحدة خاصة، قدت جنودي خلال عملية سرية في عمق الأراضي السورية، ثم في طريق عودتنا عبر الجولان إلى إسرائيل، كدنا نتجمد حتى الموت في عاصفة ثلجية، خلال عام 1967 عندما أخذت إسرائيل السيطرة على الهضبة. منذ ذلك الحين، ثبت مدى غلائها لأمننا، لأنه في عام 1973، عندما شنت سوريا هجمة مباغتة على إسرائيل، سمحت لنا هضبة الجولان بالتصدي للهجمة الأولية القاسية والرد بالهجوم على القوات السورية، لنصل لاحقاً وفي غضون ثلاثة أسابيع مشارف مدينة دمشق. ومع أن عدد قواتنا كان أصغر من عدد قواتهم وكمية أسلحتنا أقل، إلا أن جنودنا البواسل انتصروا في إحدى أشرس معارك الدبابات في تاريخنا. وبعدما دحرت إسرائيل أعداءها في هاتين الحربين، اضطررنا للانتظار مدة نصف قرن تقريباً حتى بلوغ هذه اللحظة في هذه الغرفة لنترجم انتصارنا العسكري إلى انتصار دبلوماسي. ولهذا السبب، يعدّ قرار الرئيس ترمب الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان قراراً تاريخياً، فيه يحقق عدلاً تاريخياً مزدوجاً». وقال نتنياهو إنه يقصد بالحديث عن العدل التاريخي المزدوج أن «إسرائيل حصلت على هضبة الجولان خلال حرب عادلة للدفاع عن النفس، ولأن جذور الشعب اليهودي في الجولان تعود لآلاف السنين. فعلى امتداد تاريخ الشعب اليهودي الطويل قلّت تلك الإعلانات الصادرة عن زعماء غير يهود، تناصر شعبنا وبلدنا: الملك الفارسي كوريش، واللورد بلفور، والرئيس هاري ترومان والرئيس دونالد ترمب. والرئيس ترمب صنع ذلك ليس مرة واحدة بل مرتين، عندما أصدر إعلانه الشجاع عن أورشليم وإعلانه الشجاع هذا اليوم عن الجولان. ويأتي هذا في وقت يُعتبر الجولان أهم من أي وقت مضى لأمننا. إذ يصدر في حين تحاول إيران التموضع في سوريا بغية المساس بإسرائيل. وبعد أن أطلقت سوريا طائرات دون طيار إلى داخل مجالنا الجوي فضلاً عن الصواريخ صوب أراضينا. فكما كانت إسرائيل تقف شامخة عامي 1967 و1973، تقف هذا اليوم شامخة، إذ نمسك بالهضبة ولن تتخلى عنها أبداً».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».