ليبيون يحتجون للمطالبة بإطلاق سراح سجناء نظام القذافي

TT

ليبيون يحتجون للمطالبة بإطلاق سراح سجناء نظام القذافي

تظاهر أمس عدد من أبناء قبيلة المقارحة في العاصمة الليبية طرابلس للمطالبة بإطلاق سراح سجناء نظام معمر القذافي، وفي مقدمتهم مدير إدارة الاستخبارات العسكرية السابق اللواء عبد الله السنوسي، في وقت أصدرت فيه وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني قراراً، يقضي بإيقاف منح التراخيص وتنظيم المظاهرات مؤقتاً لدواع وصفتها بـ«الأمنية».
واحتشد عشرات المواطنين صباح أمس أمام مقر بلدية طرابلس بميدان الجزائر، مطالبين بإطلاق سراح السنوسي، صهر الرئيس الليبي الراحل، وباقي رموز النظام المحكومين بسجون العاصمة، ورفع المتظاهرون صوراً للسنوسي، ولافتات تصفه بـ«رجل المصالحة الوطنية». وطالب المشاركون في الوقفة الاحتجاجية بالإفراج الصحي عن السنوسي، وفقاً للقوانين المعمول بها بالداخل والخارج. وتلا أحد المشاركين بياناً، أشار فيه إلى ضرورة معاملة السنوسي بالمثل، أسوة بمن تم الإفراج عنهم مؤخراً، موضحا أن السنوسي الذي حُكم عليه بالإعدام مع آخرين: «يمتلك القدرة على إجراء مصالحة وطنية، ولم يكن يوماً عدواً لأبناء وطنه». كما طالب بضرورة الإفراج عن جميع أبناء القبائل المسجونين؛ «لتعزيز المصالحة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد».
ومثّل زواج السنوسي من شقيقة الزوجة الثانية للقذافي صفية فركاش، نقله نوعية في حياته، ما قربه من الدوائر الحاكمة، وتقلد عدداً من الوظائف، من بينها نائب رئيس منظمة الأمن الخارجي. وعلّق كثير من رواد التواصل الاجتماعي أمس على الوقفة الاحتجاجية، التي نادت بالإفراج عن السنوسي، وتساءلوا باستنكار: «هل كان يستطيع أحد أن يتظاهر سلمياً أثناء وجود السنوسي على رأس جهاز الاستخبارات للمطالبة بالإفراج عن مسجونين؟».
وكانت وزارة العدل في الحكومة المؤقتة، التابعة لمجلس النواب في شرق ليبيا، قد أصدرت قراراً عدّ مناكفة لحكومة الوفاق في طرابلس، يقضي بالإفراج عن السنوسي، بالإضافة إلى قرار مماثل يقضي بالإفراج عن البغدادي المحمودي، آخر رئيس وزراء في عهد القذافي. لكن حقوقيين اعتبروا أن القرارين «منعدمان» لوجود السجينين لدى حكومة الوفاق بغرب البلاد. علما بأن السنوسي والمحمودي معتقلان في سجن بطرابلس، يخضع لسيطرة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، والتي يترأسها فائز السراج.
وكانت محكمة استئناف طرابلس قد أصدرت أحكاماً بإعدام تسعة من رموز النظام السابق، بينهم السنوسي والمحمودي، بعد محاكمتهم، وذلك لدورهم في محاولة قمع الانتفاضة التي أسقطت النظام السابق في 2011. وردت وزارة العدل بحكومة الوفاق بأن المحمودي لا يزال نزيلا بمؤسسة الإصلاح والتأهيل عين زارة (ب)، الخاضعة لإدارة الشرطة القضائية التابعة لوزارة العدل بحكومة الوفاق، موضحة أن «حالته الصحية محل متابعة من قبل الإدارة المختصة بوزارة العدل، وسيتم تمكينه كغيره من حقوقه الأساسية التي نص عليها القانون إذا اقتضت حالته الصحية ذلك».
وأطلقت سلطات طرابلس أبو زيد دوردة، رئيس جهاز الأمن الخارجي في نظام القذافي، منتصف فبراير (شباط) الماضي لدواع صحية، بعد أن قضى ثماني سنوات في سجون العاصمة طرابلس، الواقعة تحت قبضة الميليشيات المسلحة.
في شأن قريب، قالت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني، إنه «في إطار تنظيم حق التظاهر السلمي، ونظراً للظروف الأمنية الحالية التي تمر بها بلادنا ليبيا، والتهديدات بالقيام بأعمال تخريبية تمس الوطن والمواطن، فقد أصدر وزير الداخلية فتحي باشا أغا تعليماته لمديريات الأمن، تقضي بإيقاف منح التراخيص، وتنظيم المظاهرات والاعتصامات مؤقتاً إلى حين زوال أسباب التوقعات الأمنية».
وأرجعت الداخلية في بيان، أمس، سبب ذلك، إلى «الخوف من قيام أصحاب النفوس المريضة باستغلال المظاهرات والاعتصامات لتنفيذ أعمال التخريب والشغب».
وينظر بعض المتابعين لقرار إيقاف منح التراخيص وتنظيم المظاهرات، على أنه يستهدف التصدي للمظاهرات الداعمة للقوات المسلحة العربية، وهو رد على خروج المواطنين أول من أمس في مدينة صرمان بالغرب الليبي ودعم المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».