اللجنة الوزارية للكهرباء تواجه مشكلة حسم الخلاف حول تشكيل الهيئة الناظمة

أمامها مهمة وضع خريطة طريق لإصلاح القطاع

TT

اللجنة الوزارية للكهرباء تواجه مشكلة حسم الخلاف حول تشكيل الهيئة الناظمة

ترحيل خطة الكهرباء من جدول أعمال الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء إلى لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، يفتح الباب أمام نقاش هادئ بعيداً عن الضوضاء الإعلامية، يراد منه تحصين الخطة بتوفير شروط ومقومات إنجاحها بما يؤدي إلى وقف الهدر تدريجياً في هذا القطاع المكلف للخزينة التي تتكبّد تأمين الكلفة الباهظة للعجز الذي يصل سنوياً إلى أكثر من 1700 مليون دولار، مع أن هناك مشكلة في تغذية جميع المناطق بالتيار الكهربائي.
وقد يكون من غير السابق لأوانه إصدار تقويم نهائي لجدوى خطة الكهرباء التي أعدتها وزيرة الطاقة، ندى البستاني، ما لم تنته اللجنة الوزارية من دراستها، لكن هذا لا يمنع، كما يقول وزير في اللجنة لـ«الشرق الأوسط»، إبداء مجموعة من الملاحظات لا بد أن تحضر على طاولة مناقشتها. ومن أبرزها:
- خلو الخطة من تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء بذريعة أنه لا بد من إدخال تعديلات على قانون الكهرباء؛ تمهيداً لتعيينها من قِبل مجلس الوزراء، رغم أن الحكومة تعهدت أمام مؤتمر «سيدر» تشكيل هذه الهيئة في قطاعات الاتصالات، والكهرباء، والطيران المدني.
- وجوب الإسراع بتشكيل مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان بعد أن تعذّر تشكيله في الحكومات السابقة بسبب الخلاف على تسمية أعضاء المجلس.
- ضرورة الربط بين الخطة المؤقتة والخطة الدائمة للنهوض بقطاع الكهرباء؛ لأن من غير الجائز الفصل بينهما على أن يكون تلزيم تنفيذهما في وقت واحد.
- وضع تلزيم الخطتين في عهدة دائرة المناقصات على أن تتولى اللجنة الوزارية وضع دفتر شروط التلزيم؛ تمهيداً لإجراء مناقصة دولية لتلزيمها.
- يجب أن تلحظ الخطة المؤقتة لإنشاء معامل في المرحلة الأولى بقدرة 1450 ميغاواط وجوب إعادة تأهيل شبكات التوزيع وخطوط النقل؛ لأنها في حاجة إلى إصلاح لتفادي الهدر الناجم عن الأعطال التي تكبّد خزينة الدولة عجزاً إضافياً، خصوصاً أن لا مفر من تأهيلها مع إقرار الخطة الدائمة.
- يفترض أن تحسم اللجنة الوزارية أمرها لجهة الاعتماد على البواخر لإنتاج الطاقة في المرحلة المؤقتة، أو أن تبحث في بدائل أخرى.
- مع أن رئيس مجلس إدارة شركة «سيمنز» الألمانية كان أبدى خلال وجوده ضمن وفد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لدى زيارتها بيروت، استعداده لتأهيل خطوط النقل وشبكات التوزيع، إضافة إلى إعداد دراسة شاملة لقطاع الكهرباء، فإن هناك ضرورة للتواصل معه أو مع مسؤولين في شركات أخرى لإعادة تأهيل هذا القطاع.
لذلك؛ فإن اللجنة الوزارية هي الآن أمام مهمة وضع مشروع خطة متكاملة للكهرباء في خلال أسبوع، كما اقترح رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة، يعاد طرحها على مجلس الوزراء للتوافق على أي خطة يجب اعتمادها من دون أن تكون المقترحات التي أعدتها الوزيرة البستاني غائبة عنها؛ لما فيها من جدية للبدء بخطوات مدروسة لوقف الهدر ولو على مراحل وزيادة التعرفة تدريجياً، شرط خفض ساعات التقنين والاستغناء لاحقاً عن المولدات التي تؤمّن التيار الكهربائي لقاء بدل مالي يُدفع لأصحابها.
وعليه؛ فإن اللجنة الوزارية أمام وضع خريطة طريق لإصلاح قطاع الكهرباء، وهذا يضعها أمام اختبار جدي حول إمكانية التوافق على نقاط أساسية واردة في خطة الوزيرة البستاني، إضافة إلى حسم الجدل حول تشكيل الهيئة الناظمة ومجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان من دون إقصاء دائرة المناقصات عن تلزيم الخطتين الدائمة والمؤقتة.
وترأس الحريري أمس أول اجتماعات اللجنة الوزارية المكلفة بحث ملف الكهرباء.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.