خيبة أمل أميركية من مماطلات الحوثيين... وتعهد بمعارضة «الساعين إلى إضعاف اليمن»

تولر التقى عبد الملك في عدن وشدد على وجوب حصر السلاح بيد الدولة

رئيس الوزراء اليمني لدى استقباله السفير تولر في عدن أمس (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني لدى استقباله السفير تولر في عدن أمس (سبأ)
TT

خيبة أمل أميركية من مماطلات الحوثيين... وتعهد بمعارضة «الساعين إلى إضعاف اليمن»

رئيس الوزراء اليمني لدى استقباله السفير تولر في عدن أمس (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني لدى استقباله السفير تولر في عدن أمس (سبأ)

في سياق سعي واشنطن لتعزيز دعمها للحكومة اليمنية أكد سفيرها ماثيو تولر خلال زيارته مدينة عدن أمس على استمرار الدعم الأميركي لليمن ورفض أي محاولات لإضعافه أو زعزعة استقراره، وفيما عبر عن إحباط بلاده جراء مماطلة الحوثيين في تنفيذ اتفاق السويد، قال إنه يأمل أن ينفذ الاتفاق وأن تنحصر ملكية السلاح في يد الدولة.
وجاءت زيارة تولر إلى المدينة عقب يوم من زيارة السفير الروسي لها، كما أنها أول زيارة له للمدينة التي اتخذتها الشرعية عاصمة مؤقتة للبلاد بعد الانقلاب الحوثي، منذ 2001.
وأثنى السفير الأميركي على أداء الحكومة الشرعية ورئيس وزرائها معين عبد الملك وعلى سكان مدينة عدن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» وقال «يسعدني أن أعود اليوم إلى عدن، وهي مدينة عشت فيها لفترة في العامين 2000 و2001».
وأضاف «لقد عانى سكان هذه المدينة التاريخية كثيرا من عنف المتطرفين والفصائل المسلحة وتخريب المؤسسات الحاكمة من قبل من لا يرغبون في أن يصبح اليمن دولة مستقرة ومزدهرة يستحقها مواطنوها ولكن رغم كل ذلك، ثابر سكان هذه المدينة وأظهروا اليوم عزمهم على المساهمة في بناء بلادهم وحل النزاعات السياسية الكامنة في قلب الصراع الحالي».
وعبر السفير تولر عن سروره بالاجتماع برئيس الوزراء معين عبد الملك، ووصفه بأنه «يمني وطني يسعى جاهدا لخدمة بلاده، ويقود حكومة تسعى إلى تلبية احتياجات كافة اليمنيين بغض النظر عن انتماءاتهم العائلية أو القبلية أو الإقليمية أو السياسية، ويكمن مستقبل اليمن في أيدي من يشاركونه هذه الرؤية».
كما عبر عن سروره بلقاء وزراء آخرين وممثلين عن القطاع الخاص، وقال إن «الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة اليمنيين الذين يريدون دولة قوية ومستقلة ومزدهرة وذات سيادة، وسنعارض من يسعون إلى إضعاف اليمن وزعزعة استقراره».
وفي مؤتمر صحافي عقده تولر بحضور رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك، قال إن بلاده «تبذل كل الجهود الممكنة لإنهاء الصراع في اليمن»، مشيراً إلى أن بعض المجموعات اليمنية تهدد بأسلحة ثقيلة دول الجوار. في إشارة إلى الميليشيات الحوثية.
ولم يخف السفير الأميركي قلق بلاده من الأوضاع في اليمن، لكنه شدد على وجوب «حصر السلاح في اليمن بيد الدولة فقط». وقال «واشنطن حريصة على وحدة اليمن واستقراره، ولقاءاتنا هنا تبحث تعزيز التعاون في مختلف المجالات».
وفيما شدد على الالتزام بالقرارات الدولية بحظر توريد السلاح لليمن قال إن واشنطن تشعر بالإحباط من مماطلة الحوثيين في الالتزام بالاتفاقيات، كما أنها مستمرة في دعم الحكومة اليمنية.
ولفت إلى استراتيجية واشنطن في اليمن ولخصها في «العمل مع الحكومة لمواجهة الجماعات المتطرفة» مشيرا إلى أن وزير خارجية بلاده مايك بومبيو يتابع أوضاع اليمن، وأصدر بيانين بشأنها خلال الأيام الماضية كما أنه «سيصدر تصريحات بشأن أنشطة إيران ونوايانا تجاهها قبيل مغادرته المنطقة».
وقال تولر إن بلاده «مطلعة على الاتفاقيات التي وقعها الحوثيون مراراً مع الحكومة، وتأمل بتنفيذ الاتفاقيات».
وفي إشارة منه إلى أنشطة الفصائل الجنوبية المعارضة للحكومة الشرعية قال سفير الولايات المتحدة لدى اليمن «ندرك أهمية عدن ونعمل مع الحكومة على إعادة بناء المؤسسات» وأوضح أن واشنطن «لا تدعم الجماعات التي تسعى إلى تقسيم اليمن».
وعما إذا كانت واشنطن ستتخذ ذات الخطوة الروسية بإعادة افتتاح قنصليتها في عدن، قال تولر: واشنطن تأمل في إعادة فتح سفارتها في صنعاء باعتبارها عاصمة البلاد. وكان رئيس الحكومة اليمنية استقبل الأربعاء في عدن السفير الروسي فلاديمير ديدوشكين، حيث جرت مناقشة ما يمكن أن تقدمه روسيا من دعم لإسناد جهود الحكومة في تطبيع الأوضاع بالمناطق المحررة إلى جانب الجهود الأممية والدولية لوقف الحرب وتطبيق مرجعيات الحل السياسي المتوافق عليها.
وكانت زيارة وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت إلى عدن، هذا الشهر، فتحت الباب أمام زيارات الدبلوماسيين الغربيين للمدينة فيما يرجح أنها مساع دولية لإسناد الحكومة الشرعية لفرض سلطاتها الأمنية وإسناد جهودها في تطبيع الأوضاع.
في غضون ذلك أفادت مصادر يمنية رسمية بأن رئيس الوزراء معين عبد الملك ثمن خلال استقباله تولر في عدن أمس الدور الأميركي الفاعل في اليمن بالعمل مع التحالف الداعم للشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، والذي قاد إلى الحيلولة دون سقوط اليمن في الأطماع الإيرانية. وقال «إنه يعول على الدور الأميركي في الضغط على إيران للتوقف عن خططها ومشروعها التخريبي والتدميري، والكف عن استمرارها في دعم ميليشيات الحوثي الانقلابية».
وأضاف: «إن التعامل الجاد مع أسباب الحرب التي أشعلتها الميليشيات، وإزالة مظاهر انقلابها على الدولة الشرعية واستعادة المؤسسات بالاستناد إلى مرجعيات الحل السياسي المتوافق عليها، هو الحل الوحيد لإنهاء النزاع في اليمن».
وجدد التأكيد على أن الحكومة تعاملت إيجابيا مع اتفاق السويد الذي رعته الأمم المتحدة، وحرصت ولا تزال على تطبيقه في الواقع العملي، لكن العراقيل المفتعلة من ميليشيات الحوثي وبعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على توقيعه ما زالت تقف عائقا دون التنفيذ.
وترفض الميليشيات الحوثية تنفيذ اتفاق ستوكهولم بشأن الانسحاب من الحديدة وموانئها، منذ نحو ثلاثة أشهر، وهو ما يهدد - بحسب تقديرات المراقبين- بعودة العمليات العسكرية إذا أصرت الجماعة على موقفها المتعنت.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.