العراق يبحث سبل تأمين حدوده الغربية بعد معركتي سنجار والباغوز

TT

العراق يبحث سبل تأمين حدوده الغربية بعد معركتي سنجار والباغوز

بينما تلقى العراق دعماً أميركياً لجهة تعزيز الجهود الخاصة بمكافحة الإرهاب، أكدت قيادة العمليات المشتركة أن القوات العراقية المرابطة عند الحدود الغربية، على أهبة الاستعداد لمواجهة أي طارئ، بعد معركتي الباغوز شرقي سوريا، وسنجار غربي العراق.
وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي قد تلقى اتصالاً هاتفياً من مايك بينس نائب الرئيس الأميركي، جرى خلاله التأكيد على دعم علاقات الشراكة بين بغداد وواشنطن؛ طبقاً لبيان صدر عن مكتب عبد المهدي. وأضاف البيان أن الولايات المتحدة أكدت «الاستمرار في مساندة جهود الحكومة العراقية، للقضاء على بقايا (داعش)، إلى جانب المساعدة في إعمار العراق، ودعم الاستقرار في المناطق المحررة».
وأشاد نائب الرئيس الأميركي، طبقاً للبيان، بدعم عبد المهدي «لحقوق الأقليات الدينية، ومتابعة شؤون الإيزيديين، والسعي لإعمار المناطق المحررة، من أجل إعادة جميع المهجرين إلى ديارهم».
إلى ذلك، أكدت وزارة الدفاع أن «داعش» يلفظ أنفاسه الأخيرة في منطقة الباغوز، في محافظة دير الزور السورية الحدودية مع العراق. وأورد بيان للوزارة أن «قواتنا تراقب الموقف عن كثب، وهي في أقصى درجات التأهب لحدوث أي طارئ». وأضاف البيان أن «حدودنا ستكون مقبرة لكل من يحاول الوصول أو العبور إليها، وأن مقاتلينا من ضباط ومراتب قد تسلموا التعليمات والأوامر التي ينفذونها، في حالة حدوث أي خرق أمني على الحدود مع سوريا».
وكان رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، قد قال في مؤتمره الصحافي الأسبوعي: «أجرينا تقييماً للأوضاع على الحدود العراقية السورية، ولا يزال القتال هناك على أشده، وقد تحسم المعركة في الباغوز خلال أيام». وأضاف أن «العراق يعمل بكل جهده للسيطرة على حدوده، وهناك إجراءات متخذة لتأمينها ومنع (داعش) من الانتقال إلى العراق».
وفي هذا السياق، يقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك خطة قبل معركة الباغوز وبعد معركة الباغوز، وهذه الخطة جاءت عقب الاجتماع الثلاثي الذي عقد في سوريا قبل أيام، والهدف منها هو تمتين المناطق الرخوة، وسيتم في ضوئها تطوير الجهد الاستخباري والجهد المعلوماتي». وأضاف: «ستتم أيضاً إقامة سدود ترابية أخرى وتدعيمها، كما ستتم إعادة تشكيل وتدوير بعض القطعات، كما سيتم الاعتماد على محاور غرب نينوى وغرب الأنبار، مثل القائم وغيرها؛ حيث ستكون الأكثر تحصيناً، فضلاً عن مناطق العياضية وصحراء الأنبار والحضر والقيروان، التي ستكون قيد التمتين والتحصين».
من جهته، أجرى مجلس الأمن الوطني تقييماً للوضع الأمني على الحدود العراقية السورية وقضاء سنجار. وقال مكتب رئيس الوزراء في بيان له، أمس الأربعاء، إن «مجلس الأمن الوطني عقد اجتماعه الدوري برئاسة رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، عادل عبد المهدي، لبحث القضايا المعدّة لجدول الأعمال؛ حيث أجرى تقييماً للوضع الأمني على الحدود العراقية السورية وقضاء سنجار، وآخر التطورات المتعلقة بإنهاء وجود (داعش) بمنطقة الباغوز في سوريا».
وأضاف البيان أن «مجلس الأمن الوطني ناقش الموازنة المالية لوزارتي الدفاع والداخلية، كما اطلع المجلس على تقرير قدمه رئيس أركان الجيش الفريق الركن عثمان الغانمي، عن مشاركة العراق في اجتماع المركز الرباعي الأمني، لبحث الترتيبات الأمنية المشتركة، للسيطرة على الحدود مع سوريا ومحاولة تسلل الإرهابيين من بقايا (داعش) إلى الجانب العراقي».
وفي هذا السياق، يرى خبير الأمن الوطني الدكتور حسين علاوي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «خطر (داعش) قد زال؛ لكن المخاطر المقبلة من بقايا التنظيم، من المراهقين والأرامل، هو الخطر المقبل؛ بالإضافة إلى ثنايا التطرّف العنيف وزواياه القاتلة، التي تولد تنظيمات إرهابية جديدة، وبالتالي فإن محاربة الكراهية ومطاردة الفلول هي المهمة الجديدة للقوات العراقية والمؤسسات المدنية». وأضاف علاوي أن «سنجار تمثل عقدة التقاء ونقطة تحدٍّ؛ حيث إن إرث سنجار فرصة لإعادة إعمارها، وقوى سنجار من قوات (الكردستاني) تشكل تحدياً للعراق؛ لكنه خلال المستقبل ستكون هناك ضرورة لإزالة هذا التهديد بالتعاون مع الحكومة التركية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.