تكاليف الوفود الرسمية تثير شكوكاً حول جدية التقشف

سفر الرؤساء الثلاثة استحوذ على 37 % من إجمالي النفقات

TT

تكاليف الوفود الرسمية تثير شكوكاً حول جدية التقشف

بينما يتسابق المسؤولون اللبنانيون على المواقف الداعية للتقشف ومكافحة الفساد ورفض الهدر، جاء جدول أعمال جلسة الحكومة التي ستعقد اليوم (الخميس) متضمنا 17 بندا من أصل 54 حول طلب سفر للمشاركة في مؤتمر أو ندوة أو معرض، وطلبات لوزراء أو موظفين من الفئة الأولى أو أساتذة جامعيين.
وكانت اعتمادات السفر والمؤتمرات الخارجية قد وصلت عام 2017 إلى 26.4 مليار ليرة لبنانية (نحو 17 مليون دولار أميركي)، بحسب «الدولية للمعلومات»، فيما اكتفت مصادر رئاسة الجمهورية بالتأكيد لـ«الشرق الأوسط» أن الوضع لن يبقى على ما كان عليه في السابق والرئيس ميشال عون ماض في تعليماته التي سبق أن تحدث عنها في جلسة مجلس الوزراء وبالاتفاق مع رئيس الحكومة سعد الحريري، لجهة مطالبة الوزراء بخفض عدد طلبات السفر لهم أو لموظفين في وزاراتهم وحصرها بالضروري جداً، وأوصى بتكليف السفراء اللبنانيين في الخارج حضور المؤتمرات للتخفيف من التكاليف على الخزينة.
ويتم عادة سفر الوفود بعد موافقة مجلس الوزراء على الاعتمادات المطلوبة لتغطية النفقات المختلفة من كلفة الطائرة (للرؤساء) أو بطاقات السفر، وبدلات الانتقال والفنادق والسيارات وغيرها، وهو ما يفترض بحثه على طاولة الحكومة اليوم بشأن الـ17 بندا المدرجة في جدول الأعمال.
وتؤكد مصادر مطلعة أن إدراج هذه البنود لا يعني الموافقة عليها، خاصة في ظل القرار المتخذ من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بخفض الإنفاق، وتشير لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هناك سبعة بنود من أصل الـ17 المدرجة في جلسة اليوم تندرج تحت خانة التسوية، أي سبق أن قامت الوفود بها، فيما سيتم بحث العشرة الأخرى واتخاذ القرار المناسب بشأنها». وتوضح أن «الأولوية لتكليف البعثات الدبلوماسية في الخارج لتمثيل لبنان وحضور المؤتمرات، أما إذا كانت الاجتماعات متخصصة وقد يكون السفير غير ملم بها فلا بد عندها من مشاركة خبراء ومتخصصين من بيروت» على غرار اجتماع مجلس محافظي الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي في الكويت، حيث يتم توزيع المساعدات والقروض، وهذا هو المدرج ضمن بنود جلسة اليوم، مضيفة: «حتى في حالة الموافقة فهذا لا يعني ترك حرية اختيار عدد أعضاء الوفد للوزير كما كان في السابق، إذ بات عليه تحديد العدد في وقت سابق تحت عنوان أساسي هو الاختصار».
مع العلم، أن وزيري «الحزب التقدمي الاشتراكي» وائل أبو فاعور وأكرم شهيب قاما بخطوة متقدمة في هذا الإطار، بإصدارهما قرارا بمنع سفر الموظفين في وزارتيهما، وفي كل الإدارات التابعة لهما إلى الخارج على حساب الخزينة، وتكليف البعثات الدبلوماسية اللّبنانية في الخارج بهذا الدور باستثناء الحالات التي تطلب التوقيع على اتفاقيات تعود بالفائدة على الوزارة وبعد عرض الموضوع على الوزير.
ويصب القراران وفق بيانٍ مشترك لشهيب وأبو فاعور في إطار «سياسة التقشف ووقف الهدر في الإنفاق والمحافظة على المال العام التي قرّر الحزب التقدمي الاشتراكي المضي بها عبر وزيريه في الحكومة، وفي إطار التجاوب مع توجهات الرأي العام المتذمر والرافض لسفر المسؤولين والموظفين الحكوميين على حساب الخزينة، في ظلّ الأزمة الاقتصادية الخانقة والعجز الكبير في الموازنة والظروف المعيشية الضاغطة على غالبية اللبنانيين».
ووفق «الدولية للمعلومات» كان قد رُصد في موازنة عام 2017 اعتمادات بقيمة 15.5 مليار ليرة للنقل والانتقال وكذلك للوقود والمؤتمرات في الخارج، مشيرة إلى أنه، نظراً لكثرة حالات السفر ونفاد الاعتمادات الأساسية، قد تم نقل اعتمادات إضافية من احتياط الموازنة إلى الوزارات المعينة لتغطية هذه النفقات الإضافية التي بلغت 10.8 مليار ليرة، وتبين أن الرئاسات الثلاث استحوذت على مبلغ 9.787 مليار ليرة أي ما يشكل 37 في المائة من إجمالي هذه النفقات.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.