«14 آذار» تتجه نحو الاجتماعات السرية بعد اغتيال شطح

تهديدات «بالجملة» تطال نوابا وإعلاميين عبر اتصالات ورسائل قصيرة و«واتس آب»

«14 آذار» تتجه نحو الاجتماعات السرية بعد اغتيال شطح
TT

«14 آذار» تتجه نحو الاجتماعات السرية بعد اغتيال شطح

«14 آذار» تتجه نحو الاجتماعات السرية بعد اغتيال شطح

علقت الأمانة العامة لقوى «14 آذار» أمس اجتماعاتها السياسية الدورية التي تعقدها أسبوعيا كل يوم أربعاء في مكاتبها القائمة في منطقة الأشرفية في العاصمة بيروت، على خلفية الأوضاع الأمنية الخطرة وتلقي أعضاء فيها تهديدات لم يسلم منها في الأسبوعين الأخيرين نواب وإعلاميون في صفوف «14 آذار» كان آخرهم أمس النائب في كتلة المستقبل عمار حوري.
وأعلن كل من النواب أحمد فتفت وخالد الضاهر (المستقبل) وستريدا جعجع (القوات اللبنانية)، إضافة إلى الإعلاميين مي شدياق، التي نجت من محاولة اغتيال في شهر سبتمبر (أيلول) 2005، ومقدم برنامج في تلفزيون المستقبل نديم قطيش، في وقت سابق تعرضهم لتهديدات بالقتل عبر اتصالات هاتفية ورسائل قصيرة وخدمة الـ«واتس آب» من أرقام لبنانية وأخرى خارجية. وازدادت وتيرة هذه التهديدات منذ اغتيال الوزير السابق محمد شطح، أحد أبرز مستشاري رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري، في تفجير سيارة مفخخة استهدف موكبه في وسط بيروت في 27 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وأوضح النائب في كتلة المستقبل عمار حوري، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «أبلغ الأجهزة الأمنية بمضمون اتصالات ورسائل وصلته عبر خدمة (الواتس آب) وهي تتولى حاليا ملاحقة الموضوع»، مبديا أسفه لأن «الأرقام مكشوفة وواضحة وهي من داخل لبنان وخارجه». واستغرب كيف أن «من قاموا بهذا العمل لا يخبئون هويتهم ولا يخجلون»، وأشار إلى أن هذه الحملة «سبق وبدأت عبر مواقع التواصل الاجتماعي كما لو أنها حملة منظمة تهدف لإيجاد بيئة لا تستوعب العيش الآخر ولا تحتمل الرأي الآخر».
ورفض حوري اتهام جهة معينة بالوقوف وراء هذه الحملة، بخلاف ما ذهب إليه النائب خالد الضاهر باتهامه حزب الله بالوقوف وراءها. وقال حوري: «لا أود الاستعجال بالاتهام وأفضل التريث لنتأكد عبر الأجهزة الأمنية ما إذا كانت هذه التصرفات فردية أم أنها تأتي في إطار حملة منظمة». وكان مكتب حوري أمس أعلن عن تلقيه «منذ يوم السبت الفائت، عددا من الاتصالات ورسائل (الواتس آب)، تتضمّن شتائم من داخل لبنان وخارجه»، لافتا إلى «إبلاغ الجهات المختصة بها كي يُبنى على الشيء مقتضاه».
وفي حالات مماثلة وبعد تقدم صاحب العلاقة بإخبار إلى الأجهزة الأمنية، يحال الملف إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية الذي يتولى التحقيق في قضايا مماثلة ويضطلع بمسؤولية التحري عن الأرقام التي ترسل التهديدات من خلالها لكشف هوية أصحابها وملاحقتهم. وفي سياق متصل، أعلنت الأمانة العامة لقوى «14 آذار» في بيان أصدرته أمس أنه «أمام إصرار القتلة والمجرمين على تصفية التيار الاستقلالي اللبناني، وأمام خطورة الأوضاع الأمنية المتنقّلة، قرّرت تعليق اجتماعاتها السياسية الدوريّة، مرحليّا، في مقرّها في الأشرفية»، على أن «تبقي مكاتبها مفتوحة للأمور الإدارية فقط». وأكدت أنها «لن تتراجع عن التزامها الدفاع عن قضية لبنان الواحد الحر السيّد المستقل، وهي ستتابع اجتماعاتها الدورية بشكل سرّي وفي أماكن مختلفة وعندما تقضي الحاجة».
وقال عضو الأمانة العامة إدي أبي اللمع وممثل حزب القوات اللبنانية فيها، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «الفريق الآخر عودنا على التهديدات العلنية والمباشرة ومن ثم التنفيذ»، مشيرا إلى أن «اليوم يبتكرون وسائل مختلفة للتخويف ظنا منهم أن بإمكانهم تغيير إرادة الناس، لكن كل ما فعلوه خلال السنوات التسع الأخيرة لم يغير رأي 14 آذار وقيادييها، لأن هذا الفريق الاستقلالي لا يزال صامدا على الرغم من كل حملات التهديد والوعيد».
وعما إذا كان يتهم حزب الله بالوقوف وراء حملة التهديد هذه، أجاب أبي اللمع: «الأمور باتت واضحة، ونسمع في الأيام الأخيرة تصريحات وتهديدات من دون أي حشمة أو حياء، وهم يطلقون تهديدات علنية على مسمع الناس وأمام عدسات وسائل الإعلام، لكننا مصرون على متابعة طريقنا وألا نسمح لهم أن ينالوا منا».
وكانت النائبة عن حزب القوات اللبنانية ستريدا جعجع أعلنت في بيان أول من أمس أنها تلقت منذ مساء السبت الماضي على هاتفها الخلوي الخاص سلسلة اتصالات من أرقام خلوية محلية وخارجية ومن أرقام مغفلة «تهديدات شخصية بالقتل وشتائم وعبارات بذيئة»، على غرار ما حصل مع النائب فتفت والإعلاميين شدياق وقطيش. وأشارت إلى أنها «أبلغت المراجع المعنية في قوى الأمن الداخلي للقيام بالاستقصاءات اللازمة من أجل معرفة هويات المتصلين واتخاذ الإجراءات المناسبة بحق من يتبع هذا الأسلوب المشين، الذي لا يجدي نفعا، ولا ولن يؤثر على مواقفها المبدئية الثابتة».
كذلك، أعلن النائب في كتلة المستقبل خالد الضاهر خلال مؤتمر صحافي عقده في طرابلس أول من أمس، أن «رسائل تهديد» وردته من أرقام لبنانية وأجنبية إضافة إلى «اتصالات مباشرة شتمتني وشتمت أهلي». وقال: «ليكفوا عن هذه الأساليب الرخيصة وخصوصا أن الذين تكلموا وتحدثوا نفسهم نفس حزب الله وأنصحهم ألا يخسروا كثيرا من الوقت والمال في إيصال رسائل التهديد والتخويف، لأن الرسائل التفجيرية لا تخيفنا فكيف برسائل الكلام؟ أنصحهم بالتوقف عن ذلك».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».