غوتيريش: أسلحة «حزب الله» تعرّض استقرار لبنان والمنطقة للخطر

أعرب عن قلق بالغ من الأنفاق وشحنات المعدات الحربية

أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)
أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)
TT

غوتيريش: أسلحة «حزب الله» تعرّض استقرار لبنان والمنطقة للخطر

أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)
أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)

هيمن شبح أسلحة «حزب الله» على أحدث تقرير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بشأن تطبيق القرار 1701، إذ عبّر عن «قلق شديد» من أن يؤدي ذلك إلى تعريض «استقرار لبنان والمنطقة للخطر». وفي إشارة ضمنية إلى إيران، طالب الدول الأعضاء بـ«القيام بواجباتها» لجهة عدم تزويد الكيانات والأفراد في لبنان بالسلاح والعتاد الحربي. وطالب الحكومة اللبنانية باتخاذ «كل الإجراءات الضرورية» لنزع أسلحة الميليشيات تطبيقاً لاتفاق الطائف والقرارات الدولية.
ورحب الأمين العام للمنظمة الدولية في أحدث تقرير له حول تنفيذ القرار 1701، بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، مهنئاً الرئيس سعد الحريري على «هذا الإنجاز». ولاحظ انضمام أربع نساء إلى الحكومة، مشجعاً السلطات اللبنانية على «بذل المزيد من الجهود لضمان المشاركة الكاملة والفاعلة للمرأة في السياسة اللبنانية». واعتبر أنه «من المهم الآن أن يعالج مجلس الوزراء التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية المتشعبة التي تواجه لبنان». وحض خصوصاً على «تسريع وتيرة التقدم في تنفيذ الإصلاحات البنيوية والمالية، ولا سيما التي جرى التوافق عليها في مؤتمر سيدر (لدعم لبنان)، من أجل معالجة الوضع الاقتصادي المتردي».
وطالب غوتيريش الحكومة الجديدة بأن «تمتثل لسياسة النأي بالنفس التي اعتمدها لبنان، انسجاماً مع بيان بعبدا لعام 2012»، وبأن «تتوقف كل الأطراف اللبنانية وجميع اللبنانيين عن التورط في الحرب السورية وغيرها من النزاعات في المنطقة»، مندداً بـ«التحرك المزعوم للمقاتلين والمعدات الحربية عبر الحدود اللبنانية - السورية».
ودعا الطرفين إلى «مضاعفة جهودهما في اتجاه الامتثال التام للقرار 1701 من أجل الحفاظ على مرحلة الهدوء التي سادت خلال السنوات الأخيرة وتوطيدها». وشدد على أن «الالتزام المتواصل من كل الأطراف بالقرار 1701 لا يزال مهماً لاستقرار لبنان والمنطقة»، لافتاً إلى أن «عدم الامتثال يزيد خطر التوترات واحتمال التصعيد إلى أعمال عدائية». وعبَّر عن «القلق البالغ» حيال وجود أنفاق عبر الخط الأزرق، مشجعاً «القوات المسلحة اللبنانية» على «إجراء كل التحقيقات اللازمة على الجانب اللبناني»، من أجل «التأكيد أن الأنفاق لم تعد تشكل خطراً أمنياً». وكذلك عبّر عن «القلق من الخطابات النارية من الطرفين في ما يتعلق بالوضع على طول الخط الأزرق، مما يزيد خطر حصول سوء حسابات وتصعيد إلى نزاع».
وشجع الطرفين «بقوة» على التوصل إلى اتفاق على التقدم من أجل «حل نقاط الخلاف الموجودة على طول الخط الأزرق»، مؤكداً أن «الأعمال الأحادية في هذه المناطق تصعّد التوترات على طول الخط الأزرق ويجب تلافيها»، مبدياً استعداد المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش، وقائد القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان «يونيفيل» الجنرال ستيفانو ديل كول، لمد يد العون في هذا الإطار. وإذ شدد على حرية تحرك عناصر «يونيفيل» في منطقة عملياتهم، عبّر عن «القلق لأن القوة الموقتة لم تتمكن من الوصول إلى أماكن شمال الخط الأزرق فيما يتصل باكتشاف أنفاق جنوب الخط الأزرق»، فضلاً عن «القلق أيضاً لأن نتائج تحقيق القوات المسلحة اللبنانية في أحداق بلدة مجدل زون في 4 أغسطس (آب) 2018 تختلف عن نتائج تحقيق (يونيفيل)»، فضلاً عن أن السلطات اللبنانية لم تتخذ أي إجراء ضد المهاجمين. وجدد المطالبة بأن «تفي هذه السلطات بمسؤوليتها لضمان التحرك غير المعرقل لعناصر (يونيفيل)، والمحاسبة التامة لمن يهاجمون حفظة السلام».
وكذلك عبّر كبير الموظفين الدوليين عن «القلق البالغ» من استمرار الطلعات الجوية للطيران الحربي الإسرائيلي، موضحاً أنها «تشكل انتهاكاً للقرار 1701 والسيادة اللبنانية». وكذلك هي الحال بالنسبة إلى استمرار احتلال الشطر الشمالي لبلدة الغجر والمنطقة المحاذية لها شمال الخط الأزرق، مندداً بـ«كل الانتهاكات للسيادة اللبنانية»، ومطالباً إسرائيل بوقفها. وإذ رحب بانخراط الجيش اللبناني مع «يونيفيل» في «تطوير استراتيجية انتقالية كي تتولى البحرية اللبنانية تدريجياً مسؤوليات المهمة البحرية لـ(يونيفيل)»، دعا إلى «إحراز تقدم سريع» في هذه العملية.
وكرر غوتيريش أن «الاعتراف الذاتي المتكرر بالاحتفاظ بأسلحة غير مرخصة خارج سيطرة الدولة من (حزب الله) وغيره من الجماعات المسلحة، في انتهاك للقرار 1701، يبعث على القلق الشديد ويعرّض للخطر استقرار لبنان والمنطقة»، مضيفاً أن «الادعاءات عن نقليات أسلحة غير مرخصة إلى جماعات مسلحة غير تابعة للدولة في لبنان لا تزال أيضاً مبعث قلق بالغ». وأوضح أن الأمم المتحدة «ليست في وضع يمكّنها من التحقق من هذه التقارير بصورة مستقلة»، لكن «إذا ثبت ذلك، فإن النقليات تشكل انتهاكاً خطيراً للقرار 1701»، مطالباً الدول الأعضاء بأن «تقوم بواجباتها بموجب القرار 1701 لمنع البيع أو التزويد بالأسلحة أو المعدات ذات الصلة بها لكيانات أو أفراد في لبنان». وكذلك حض الحكومة اللبنانية على «اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لضمان التنفيذ الكامل للبنود ذات الصلة في اتفاقات الطائف والقرارين 1559 و1680، والتي تطلب نزع أسلحة كل الجماعات المسلحة في لبنان».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.