أمطار وسيول تفاقم معاناة الموصل

أخرجت 7 جسور عن الخدمة... والأهالي محبطون

أمطار وسيول تفاقم معاناة الموصل
TT

أمطار وسيول تفاقم معاناة الموصل

أمطار وسيول تفاقم معاناة الموصل

تسببت السيول والأمطار الغزيرة التي اجتاحت محافظة نينوى في اليومين الأخيرين بغرق مجموعة من الأحياء السكنية في الموصل، مركز المحافظة، وخروج 7 جسور عن الخدمة، ودفعت الحكومة المحلية إلى الإعلان عن عطلة رسمية في الدوائر الحكومية لصعوبة الحركة والتنقل في ظل الأوضاع المناخية الصعبة.
وطبقا لمصادر داخل المحافظة، فإن موجة السيول والأمطار أدت إلى وقوع خسائر مادية في الممتلكات، لكنها لم تتسبب بأية خسائر بشرية بين السكان. وأغرقت مياه الأمطار أحياء، الشرطة والمالية والنبي يونس، وكذلك مناطق الطوافة واليرموك وحي الطيران ووادي حجر في الجانب الأيمن. وقبل نحو ثلاثة أشهر اجتاحت سيول وأمطار غزيرة محافظة نينوى ومدينة الموصل وأدت إلى أضرار مماثلة.
وأعلنت وزارة الموارد المائية، أمس، عن سيطرتها على سيول مدينة الموصل، وتحويلها إلى منخفض الثرثار، لكنها اعترفت ضمنا في بيان بغرق شوارع وأحياء داخل مدينة الموصل بسبب غزارة الأمطار.
وتعاني محافظة نينوى عموما، ومركزها مدينة الموصل خاصة، التي سيطر عليها تنظيم داعش لنحو ثلاث سنوات بعد يونيو 2014 من تراجع الخدمات والبنى التحتية وفاقمت السيول والأمطار الغزيرة في فصل الشتاء الحالي من معاناة السكان هناك.
‏ و‏أعرب مواطنون موصليون، أمس، عن خيبة أملهم بسبب سوء الخدمات وخروج عدد من الجسور المهمة عن الخدمة في مدينة الموصل بسبب الأمطار الجارفة ما أدى إلى تعطيل الحياة في المدينة. وقال المواطن موسى ذنون لـ«الشرق الأوسط»: إن «مشاريع الإعمار الترقيعية أكبر إهانة بحق الناس، وما وصلنا إليه اليوم كان بسبب الجماعة المسؤولة الفاسدة التي هدرت الأموال ولم تنجح في معالجة البنى التحتية المتهالكة»، مضيفا «لو تمتع هؤلاء بشيء من المعرفة والنزاهة لما حدث ما حدث وخرجت الجسور عن الخدمة، علما بأن أحد الجسور أنجز منذ شهر وخرج اليوم عن الخدمة». وتابع: «المؤلم أننا نسمع الكثير عن عمليات إعادة الإعمار، لكننا لا نلمس ذلك على أرض الواقع».
وأبلغ الصحافي الموصلي أحمد الحيالي «الشرق الأوسط» أن «الناس صارت تتمنى عدم نزول المطر بسبب المعاناة الرهيبة التي تسبب بها، مثل غرق منازلهم وتعطل الحياة بشكل شبه كامل». ويضيف «لم يلمس الناس وبعد نحو سنتين على هزيمة (داعش) أي تحسن في موضوع البنى التحتية».
من جانبه، أفاد رئيس لجنة الخدمات والإعمار في مجلس نينوى، عبد الرحمن الوكاع، لـ«الشرق الأوسط» بـ«خروج جسرين عائمين عن الخدمة في ناحية القيارة جنوب الموصل كذلك خروج الجسر الحجري القديم في المدينة وهناك زحف في أساسات جسر الخوصر أدى إلى خروجه هو الآخر، كذلك أدى ارتفاع مناسيب المياه في نهر دجلة إلى إيقاف جسر الحرية خشية على أرواح الناس وسيعاد افتتاحه بعد انخفاض المناسيب». وذكر أن «الكثير من القناطر والمعابر في الوديان خرجت عن الخدمة في عموم مناطق المحافظة».
وأكد مدير الطرق والجسور في نينوى المهندس إبراهيم ياسين خليل في تصريحات أمس، خروج الجسر الحجري عن الخدمة، كذلك جسر السويس بسبب تحرك إحدى دعاماته بفعل السيول القوية الناتجة عن الأمطار. وذكر أن «خروج الجسر الحجري التاريخي الذي يعود تأسيسه إلى عام 1900. كان متوقعا، لأن عملية إعماره كانت جزئية، وشملت إصلاح بعض الأقواس الساقطة، ولم يتم العمل على أسس الجسر التي ربما أصابها الضعف نتيجة عوامل الزمن».
من جانبه، هدد مجلس محافظة نينوى، أمس، بمحاسبة الشركات المنفذة للمشاريع والجسور التي انهارت بسبب السيول والأمطار وحمّل وزارة الإعمار والإسكان جزءاً من المسؤولية. وقال نائب رئيس المجلس نور الدين قبلان في تصريحات صحافية إن «معظم جسور المحافظة قديمة وتعرضت للتدمير على يد تنظيم (داعش)، لكن ساحة الفاسدين لا تخلو من المسؤولية عن انهيار تلك الجسور بسبب الأمطار والسيول». وأضاف قبلان أن «الجسر الحجري في الموصل نفذ من قبل وزارة الإعمار والإسكان ولم يمض على إعماره سوى أشهر عديدة، لذلك فإن الوزارة تتحمل مسؤولية انهياره وفشله، وليس الحكومة المحلية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».