رصاص الإرهاب الأسود يبدد هدوء كرايستشيرش

شهود عيان: الجالية المسلمة «هادئة ومسالمة للغاية»

رصاص الإرهاب الأسود يبدد هدوء كرايستشيرش
رصاص الإرهاب الأسود يبدد هدوء كرايستشيرش
TT

رصاص الإرهاب الأسود يبدد هدوء كرايستشيرش

رصاص الإرهاب الأسود يبدد هدوء كرايستشيرش
رصاص الإرهاب الأسود يبدد هدوء كرايستشيرش

ساد الهدوء المشوب بالحزن مدينة كرايستشيرش النيوزيلندية أمس السبت بعد يوم من هجومين إرهابيين استهدفا مسجدين بالمدينة، وحصدا أرواح 49 من الأبرياء، وقد اكتست المدينة بالحزن. وفي مفترق طرق، ضُرِبَ حوله طوق أمني، على بعد أمتار قليلة من مسجد «النور»، أحد المسجدين اللذين شهدا الهجوم الدموي على يد العنصري المسلح برينتون تارانت، وقف حشد من الناس في لحظات صمت، في حين تقدم آخرون ليضعوا الزهور أو بطاقات التعازي، على أحد النصب التذكارية المؤقتة التي أقيمت في أنحاء المدينة.
السماء ملبدة بالغيوم، والهواء مفعم برائحة الزهور، وتنحني فتاتان على بعضهما بعضا وتحاولان إضاءة شمعتين. وبطول شارع «دين أفينيو»، الملاصق لإحدى الحدائق، يمكن فقط رؤية قبة المسجد بلونها النحاسي من خلف الطوق الأمني.
ويقول أنطواي، الذي يعيش هنا منذ عشرين عاماً: «لم يكن المرء يلحظ أن هناك مسجداً في المنطقة».
وقال متخصص في مجال تكنولوجيا المعلومات، في العقد السابع من العمر، وطلب عدم ذكر اسمه، إنه تعود رؤية المصلين وهم يتوافدون على المسجد.
ووصف المسن الجالية المسلمة في كرايستشيرش بأنها «هادئة ومسالمة للغاية».
وأضاف: «أعتقد أن رئيسة الوزراء (جاسيندا أردرن) أطلقتها في وضوح: هذا (الهجوم) لا يمثل كرايستشيرش... هذه ليست نيوزيلندا. لقد قتل المتطرف الأسترالي تارانت، الذي يبلغ من العمر 28 عاماً، 50 مصلياً من هذه الجالية (المسالمة) في (النور)، ثم انطلق ليقتل سبعة آخرين في مسجد (المركز الإسلامي في لينوود)» على مسافة نحو خمسة كيلومترات. ولفظ الضحية الـ49 أنفاسه في المستشفى في وقت لاحق عقب الهجوم. وقد وفد على المستشفى كثيرون ليضعوا الزهور هناك في نصب تذكاري مؤقت آخر.
وكتب على لافتة ملونة أعدتها مجموعة من الأطفال: «للذكرى الجميلة لجميع المسلمين الطيبين الذين انتزعت منهم حياتهم الرائعة... سنسير دوماً معكم جنباً إلى جنب».
ويقول إم دي ليدون بيسواس، وهو يسير اليوم بجوار الملاعب الخاوية والتي كانت يوماً ما تعج بالناس في أيام السبت، إنه كان عادة يؤدي صلاة الجمعة في مسجد «النور»، ولكنه تأخر بعض الوقت عن صلاة أول من أمس عندما وقع الهجوم. وقد سمع دوي طلقات الرصاص عندما وصل بسيارته.
وأضاف بيسواس: «لم أصدق ما كان يجري داخل المسجد... كنت أعتقد أن نيوزيلندا دولة رائعة... كنت أعتقد أنها دولة آمنة».
وأوضح أنه شاهد الكثير من الجثث على الأرض، وأصدقاء له وقد أصيبوا جراء إطلاق النار.
وأكد بيسواس، القادم من بنغلاديش ويعيش في نيوزيلندا منذ سبع سنوات، إنه لم يلحظ أبداً وجودا لرهاب الإسلام (إسلاموفوبيا) منذ حضر إلى هنا، مضيفا: «قبل أول من أمس، كنا نجد في نيوزيلندا جنة».
وأوضح أن الذعر تملكه ليلة أمس من أن يقتحم عليه أحد بيته ليقتله، بعدما لقي أصدقاؤه الطيبون حتفهم أول من أمس، وبينهم واحد يعول أسرة في بنغلاديش.
وقضى بيسواس الساعات الأولى من صباح يوم السبت منتظراً أن تسمح السلطات بخروج جثث الضحايا، ثم حملها إلى المسجد لتأدية صلاة الجنازة عليها وسرعة مواراتها الثرى.
وعلى مقربة، تحول جدار من الطوب بطول «الحديقة النباتية» إلى أحد أكبر النصب التذكارية في جزيرة «ساوث إيلاند» التي تعد كرايستشيرش أكبر مدنها.
وقال جريج، وهو بريطاني يبلغ من العمر 27 عاماً، ويعيش في كرايستشيرش منذ عام ونصف العام، إنه حضر إلى النصب التذكاري تكريما للضحايا وللإعراب عن حزنه.
والحال هنا مثل الكثير من النصب التذكارية في أنحاء كرايستشيرش، لا يسمع المرء إلا همساً، ولكن في الخلفية ضوضاء تحدثها مولدات طاقة صغيرة تحملها أطقم التصوير التلفزيوني التي تغطي تطورات الأوضاع عقب أحداث الجمعة.
ويقول جريج عن الهجومين: «إن مثل هذا الشيء لا يحدث في نيوزيلندا الهادئة... قطعاً لا يحدث في كرايستشيرش».
ويتوقع جريج أن تشهد نيوزيلندا تغيرات في أعقاب ما جرى أول من أمس، وقال إنه يتوقع أن تقدم رئيسة الوزراء على تغيير قوانين تملك الأسلحة في البلاد. ويقول: «تقع مثل هذه الأمور في الولايات المتحدة... ولم يحدث تغيير... آمل أن تفعل الحكومة هنا شيئاً».


مقالات ذات صلة

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (شرنة (أفغانستان))

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.