فنزويلا في عتمة غير مسبوقة تنذر بتدخل عسكري بدأ عدّه العكسي

TT

فنزويلا في عتمة غير مسبوقة تنذر بتدخل عسكري بدأ عدّه العكسي

منذ خمسة أيام تغرق فنزويلا في عتمة لا سابقة لها بسبب انقطاع التيّار الكهربائي عن معظم أنحاء البلاد، لكنها تعيش منذ سنوات في ظلماء أزمة سياسية واقتصادية تهدد بانفجار اجتماعي شامل وتنذر بتدخّل عسكري خارجي يرجّح كثيرون أن عدّه العكسي قد بدأ.
رئيسان يتنازعان على شرعيّة أصبحت كرة يتقاذفها اللاعبون على حلبة الحرب الباردة الجديدة، وحكومتان تتنافسان على إدارة الكوابيس والمعاناة اليومية التي يقاسيها المواطنون لتأمين مستلزماتهم المعيشية الأساسية. لم تخطئ التوقعات بشأن القرار الذي اتخذه البرلمان، الذي تسيطر عليه المعارضة في جلسة مستمرة منذ مطلع الأسبوع، عندما أعلن حالة الطوارئ استناداً إلى المادة 187 من الدستور، التي تحدّد مروحة الصلاحيات التي تتمتّع بها السلطة الاشتراعية، ومن بينها «إجازة العمليّات العسكرية الفنزويلية في الخارج... والعمليّات العسكرية الأجنبية داخل البلاد». ثمّة من رأى في تلك المبادرة خطوة يائسة من زعيم المعارضة والرئيس بالوكالة خوان غوايدو، للتعويض عن الإحباط الناجم عن عجز التحركات والاحتجاجات الشعبية عن إحداث تغيير فعلي في المؤسسات التنفيذية التي ما زال يسيطر عليها النظام، وبخاصة منها الأجهزة الأمنية والقوات المسلّحة. لكن ثمّة من قرأ فيها خطوة متقدّمة على طريق التدخّل العسكري الخارجي الذي ما برحت واشنطن، العرّابة الرئيسية لغوايدو، تهدّد باللجوء إليه لإسقاط نظام مادورو الذي كانت معنوياته قد ارتفعت في الفترة الأخيرة بعد الدعم القوي الذي جاءه من موسكو وبوادر الإنهاك والتصدّع في صفوف المعارضة.
أصحاب القراءة الثانية تعززت توقعاتهم عندما أعلنت الإدارة الأميركية في ساعة متأخرة من ليل الاثنين، عن قرارها سحب مَن تبقّى من موظّفيها الدبلوماسيين من كراكاس، عقبه بيان صدر عن وزير الخارجية مايك بومبيو، جاء فيه: «يعكس هذا القرار تدهور الأوضاع في فنزويلا واستنتاج الإدارة أن وجود الموظفين الدبلوماسيين بات يشكّل عقبة أمام سياسة الولايات المتحدة».
ويُذكَر أن واشنطن كانت قد قررت سحب عدد من موظفيها الدبلوماسيين من كراكاس في 24 يناير (كانون الثاني) الماضي، وأبقت مجموعة لإدارة شؤون السفارة وتقديم الخدمات الأساسية في حالات الطوارئ للمواطنين الأميركيين. وجاء ذلك القرار غداة إصدار الرئيس الفنزويلي مادورو أوامره بطرد الطاقم الدبلوماسي الأميركي على أثر اعتراف إدارة الرئيس ترمب بشرعية غوايدو. وقد أعلنت واشنطن يومها أنها لن تسحب موظّفيها لعدم اعترافها بسلطة مادورو الذي وصفته بالرئيس السابق. وكان بومبيو قد أعلن أواخر الشهر الماضي «أن الولايات المتحدة تقيم علاقات دبلوماسية مع فنزويلا، وستواصلها مع حكومة غوايدو المؤقتة التي طلبت من بعثتنا البقاء في فنزويلا».
وقد أثار القرار الأخير الذي اتخذته واشنطن، والتصريحات التي صدرت عن وزير الخارجية الأميركي، قلقاً في الأوساط الأوروبية المتابعة للأزمة الفنزويلية، وتخوّفاً من اتجاه الولايات المتحدة نحو التدخّل العسكري الذي تفيد مصادر أوروبية مطّلعة بأن الاستعدادات له قد بلغت مرحلة متقدّمة استناداً إلى معلومات أجهزة مخابرات في المنطقة. ويشهد مكتب المندوبة الأوروبية لشؤون السياسة الخارجية، حركة كثيفة من الاتصالات منذ فجر أمس (الثلاثاء)، «لتحديد مدى احتمالات قيام الولايات المتحدة بعمل عسكري قريباً في فنزويلا»، كما قال مسؤول أوروبي في حديث مع «الشرق الأوسط». ويستبعد هذا المسؤول أن تنفّذ واشنطن عملية عسكرية واسعة النطاق في فنزويلا، ويرجّح، في حال حدوث تدخّل عسكري أميركي، أن يكون محدوداً ويهدف بشكل أساسي «إلى فتح ثغرة في صفوف القوات المسلّحة التي ما زالت قياداتها العليا موالية للنظام، إذ يُعتقَد أن نسبة عالية من القيادات المتوسطة وما دونها مستعدّة للانشقاق، لكنها لم تُقدِم على هذه الخطوة خشية الانتقام، وهي تنتظر الفرصة المناسبة لذلك». وترجّح أوساط أوروبية أن تكون الولايات المتحدة قد عقدت العزم على التدخُّل العسكري إذا لم يحصل انشقاق بين القيادات العسكرية العليا، وذلك بعد الموقف الحازم الذي اتخذته روسيا والصين في مجلس الأمن، والذي سدّ المنافذ أمام واشنطن للخروج بقرار شديد عن المجلس ضد النظام الفنزويلي.
ومن نيويورك أفاد مكتب المفوّضة السامية لحقوق الإنسان بأن بعثة المفوّضيّة التي وصلت إلى كراكاس نهاية الأسبوع الماضي قد بدأت بعقد لقاءات مع ممثلي الأطراف المتنازعة في فنزويلا، كان أولّها مع وزير الخارجية خورخي آرّيازا الذي أكّد استعداد حكومته لتسهيل مهمّة المفوّضة ميشيل باشليه، التي من المقرّر أن تزور فنزويلا، والتي كانت قد طلبت ضمانات «للتحرّك من غير قيود لمقابلة الأشخاص الذين ترغب في الاجتماع بهم لتكوين صورة واضحة عن أوضاع حقوق الإنسان في فنزويلا».
وفي مدريد قال وزير الخارجية الإسباني جوزيب بورّيل، إن الحكومة الإسبانية تلقّت منذ فترة طلباً من الولايات المتحدة «لقبول لجوء وزراء فنزويليين في حال قرروا الانشقاق عن النظام». وأضاف بورّيل في حديث إلى إذاعة إسبانية، أنه أجرى محادثات مع نظيره الأميركي مايك بومبيو، ومع مستشار الأمن القومي جون بولتون، حول إمكانية لجوء بعض المسؤولين الفنزويليين وعائلاتهم إلى دول تدعم الرئيس بالوكالة خوان غوايدو، إذا قرروا التخلّي عن دعم النظام، وقال: «لم تُطرح أسماء محددة، وكان ردّنا بأننا سننظر في الأمر عند حدوثه».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.