تسارع فوق المتوقع للاقتصاد البريطاني في بداية 2019

المدعي العام «يطعن» الإسترليني.. وشكوك الشركات مستمرة

أظهرت بيانات رسمية أمس تعافي الاقتصاد البريطاني بأفضل من المتوقع في شهر يناير الماضي (رويترز)
أظهرت بيانات رسمية أمس تعافي الاقتصاد البريطاني بأفضل من المتوقع في شهر يناير الماضي (رويترز)
TT

تسارع فوق المتوقع للاقتصاد البريطاني في بداية 2019

أظهرت بيانات رسمية أمس تعافي الاقتصاد البريطاني بأفضل من المتوقع في شهر يناير الماضي (رويترز)
أظهرت بيانات رسمية أمس تعافي الاقتصاد البريطاني بأفضل من المتوقع في شهر يناير الماضي (رويترز)

أفادت بيانات رسمية بأن اقتصاد بريطانيا تسارع بأكثر من المتوقع في يناير (كانون الثاني) الماضي بعد أداء ضعيف في ديسمبر (كانون الأول)، إذ عوضت قوة قطاع تكنولوجيا المعلومات وخدمات الرعاية الصحية وتجارة الجملة، التراجع في تصنيع المعادن والسيارات، لكن الصورة الأكبر تظل لنموٍ عالق داخل مسار بطيء قبل الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وعوض قطاع الخدمات الضخم تراجعه في ديسمبر وزيادة، وحدث تحول إيجابي في قطاع التصنيع الذي أظهر إشارات جديدة على أن المصانع تزيد مخزوناتها تحسباً لخطر خروج فوضوي من الاتحاد الأوروبي.
وحسب مكتب الإحصاءات الوطني، قفز الناتج المحلي الإجمالي في يناير بنسبة 0.5%، في أكبر زيادة له منذ ديسمبر 2016، معوضاً تراجعه 0.4% في ديسمبر الماضي. واستقر النمو الفصلي في الأشهر الثلاثة حتى يناير عند معدل بطيء بلغ 0.2%، وهي نفس وتيرة الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2018.
وقال روب كنت - سميث، الإحصائي في «أو إن إس»، لـ«رويترز»: «على مدار الأشهر الثلاثة الأخيرة، ظل النمو ضعيفاً مع تراجعات في تصنيع المنتجات المعدنية والسيارات والإنشاءات وأعمال الترميم؛ مما أبطأ النمو الاقتصادي».
وحسب توقعات لبنك إنجلترا المركزي، يبدو اقتصاد بريطانيا بصدد أضعف نمو له في عشر سنوات في 2019، حتى إذا اقتنص البلد اتفاقاً في اللحظات أخيرة لتسهيل خروجه من الاتحاد الأوروبي.
وأظهرت بيانات، أمس، أن قطاع الخدمات -الذي يشكّل نحو 80% من اقتصاد القطاع الخاص في بريطانيا- نما بنسبة 0.3% في يناير الماضي، بعد تراجع بلغ 0.2% في ديسمبر. ورفع ذلك نمو القطاع للأشهر الثلاثة قليلاً إلى 0.5%.
ونما ناتج قطاع التصنيع للمرة الأولى في سبعة أشهر في يناير، محققاً زيادة شهرية 0.8% عن ديسمبر.
لكن من جهة أخرى، سلطت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية، أمس، الضوء على تنامي عدد الشركات البريطانية التي تُعدّ لتقليص عدد الوظائف أو تعليق خطط التوظيف لديها، وذلك بالتزامن مع تزايد حالة الغموض التي تكتنف عملية «بريكست»، فيما يعد أحدث إشارة إلى الضغوط التي تضيفها هذه العملية على الاقتصاد البريطاني.
وقالت مؤسسة «آي إتش إس ماركت» للاستشارات الاقتصادية، إن انتعاش فرص العمل طويلة الأمد لدى بريطانيا منذ اندلاع الأزمة المالية بدأ يتلاشى تدريجياً مع اقتراب موعد الخروج المقرر. وأضافت أن نية توظيف أرباب العمل لموظفين في المملكة المتحدة وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ السنوات الست الأخيرة في فبراير (شباط) الماضي.
وخلص استطلاع رأي منفصل شمل أكثر من ألفي شركة، أجرته شركة «مان باور» المتخصصة في توظيف القوى البشرية، إلى أن أعداداً متزايدة من الشركات تستعد لخفض عدد الوظائف في جميع أنحاء بريطانيا.
وكانت نتائج استطلاع رأي أُجري في وقت سابق الأسبوع الماضي، قد أظهرت أن الاقتصاد البريطاني يواجه خطر التعثر أو الانكماش مع اقتراب انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتباطؤ الاقتصاد العالمي، فيما تعلن شركات في قطاع الخدمات، المهيمن على الاقتصاد، تقليص الوظائف لديها للمرة الأولى منذ ستة أعوام وتراجع الطلبيات.
وفي غضون ذلك، وبعد أن ارتفع الجنيه الإسترليني صباح الثلاثاء مع ترحيب المستثمرين بأنباء أن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، حصلت على ضمانات ملزمة قانوناً من الاتحاد الأوروبي قبل تصويت مهم في البرلمان على اتفاقها للانسحاب من الاتحاد، عاد الإسترليني ظهر أمس إلى الانخفاض بعدما قطع المدعي العام البريطاني جيفري كوكس، الطريق أمام موافقة البرلمان، حين علق بأن المخاطر القانونية لم تتغير بعد الاتفاق مع بروكسل.
وتجاوزت مكاسب الإسترليني صباحاً ثلاثة سنتات فوق المستويات المتدنية التي سجلها الاثنين، مع مراهنة المتعاملين على أن ماي ستضمن في النهاية دعم زملائها المتشككين لاتفاقها، مما سيمنح بريطانيا عملية خروج أكثر تنظيماً. ومقابل اليورو سجل الإسترليني أعلى مستوى في 22 شهراً. وارتفع الإسترليني 0.6% إلى 1.3232 دولار في التعاملات المبكرة بلندن ليقترب من المستويات المرتفعة التي لامسها خلال الليل عندما وصل إلى 1.3290 دولار.
لكن مع ظهيرة اليوم، هبط الإسترليني 1% إلى 1.3005 دولار بعدما أصاب تعليق المدعي العام الأسواق بالإحباط. وقال فيراج باتل، محلل أسواق العملات في «أركيرا»، لـ«رويترز»: «مع تعليق كوكس، فإننا نقول باطمئنان وداعاً لمستويات 1.33 إسترليني للدولار».



«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
TT

«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)

يعقد «بنك اليابان» آخر اجتماع له بشأن سياسته النقدية لهذا العام الأسبوع الجاري، ليأخذ قراراً بشأن أسعار الفائدة وذلك بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي المتوقع بخفض الفائدة.

فما الذي يمكن توقعه ولماذا يعتبر قرار «بنك اليابان» بشأن الفائدة ذا أهمية خاصة؟

في مارس (آذار) الماضي، أنهى «بنك اليابان» مسار أسعار الفائدة السلبية، ثم رفع هدف الفائدة القصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز)، مشيراً إلى استعداده لرفع الفائدة مرة أخرى إذا تحركت الأجور والأسعار بما يتماشى مع التوقعات.

وثمة قناعة متزايدة داخل «بنك اليابان» بأن الظروف باتت مؤاتية لرفع الفائدة إلى 0.5 في المائة. فالاقتصاد الياباني يتوسع بشكل معتدل، والأجور في ارتفاع مستمر، والتضخم لا يزال يتجاوز هدف البنك البالغ 2 في المائة منذ أكثر من عامين.

ومع ذلك، يبدو أن صانعي السياسة في البنك ليسوا في عجلة من أمرهم لاتخاذ هذه الخطوة، نظراً لتعافي الين الذي ساهم في تخفيف الضغوط التضخمية، بالإضافة إلى الشكوك المتعلقة بسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي قد تؤثر على الرؤية الاقتصادية المستقبلية، وفق «رويترز».

وسيكون القرار بشأن رفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) أو تأجيله إلى اجتماع آخر في 23-24 يناير (كانون الثاني) صعباً، حيث سيعتمد ذلك على مدى اقتناع أعضاء المجلس بأن اليابان ستتمكن من تحقيق هدف التضخم بشكل مستدام.

ناطحات السحاب والمباني المزدحمة في طوكيو (أ.ب)

ماذا قال صانعو السياسة في «بنك اليابان» حتى الآن؟

يحافظ صانعو السياسة في «بنك اليابان» على غموض توقيت رفع الفائدة المقبل. وفي مقابلة إعلامية حديثة، قال الحاكم كازو أويدا إن رفع الفائدة المقبل قريب، ولكنه لم يوضح بشكل قاطع ما إذا كان ذلك سيحدث في ديسمبر.

إلا أن المفاجأة جاءت من عضو مجلس الإدارة تويواكي ناكامورا، الذي أشار إلى أنه ليس ضد رفع الفائدة، لكنه شدد في المقابل على ضرورة أن يعتمد القرار على البيانات الاقتصادية المتاحة.

وبينما يركز «بنك اليابان» على رفع الفائدة بحلول مارس المقبل، تشير التصريحات غير الحاسمة إلى أن البنك يترك لنفسه حرية تحديد التوقيت المناسب لهذه الخطوة.

متى تتوقع الأسواق والمحللون رفع أسعار الفائدة التالي؟

أكثر من نصف الاقتصاديين الذين تم استطلاعهم من قبل «رويترز» الشهر الماضي يتوقعون أن يقوم «بنك اليابان» برفع أسعار الفائدة في ديسمبر. كما يتوقع حوالي 90 في المائة من المحللين أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة إلى 0.5 في المائة بحلول نهاية مارس 2024.

في المقابل، تقوم السوق بتسعير احتمال رفع الفائدة في ديسمبر بحوالي 30 في المائة فقط.

كيف يمكن أن تتفاعل السوق؟

سيأتي قرار «بنك اليابان» بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»، الذي من المتوقع أن يقوم بتخفيض أسعار الفائدة. وقد يؤدي هذا التباين في التوجهات بين المصرفين المركزيين إلى تقلبات في قيمة الين وعوائد السندات.

ومن المحتمل أن يؤدي رفع الفائدة من قبل «بنك اليابان» إلى تعزيز قيمة الين. أما إذا قرر البنك إبقاء الفائدة كما هي، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف الين، على الرغم من أن الانخفاض قد يكون محدوداً إذا قامت السوق بتسعير احتمالية رفع الفائدة في يناير بسرعة.

ما الذي يجب أن تراقبه السوق أيضاً؟

بغض النظر عن قرار «بنك اليابان» بشأن رفع الفائدة أو تثبيتها، من المتوقع أن يقدم محافظ البنك أويدا إشارات بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة ويحدد العوامل التي قد تحفز اتخاذ هذه الخطوة في مؤتمره الصحافي بعد الاجتماع.

وإذا قرر «بنك اليابان» الإبقاء على الفائدة ثابتة، فقد يتجنب أويدا تقديم إشارات حادة لتفادي حدوث انخفاضات غير مرغوب فيها في قيمة الين، مع توضيح العوامل الرئيسية التي سيركز عليها في تقييم توقيت رفع الفائدة.

من ناحية أخرى، إذا قرر «بنك اليابان» رفع الفائدة، قد يتبنى أويدا موقفاً متساهلاً لتطمين الأسواق بأن البنك لن يتبع سياسة رفع الفائدة بشكل آلي، بل سيتخذ قراراته بحذر بناءً على الوضع الاقتصادي.

إضافة إلى قرار الفائدة، سيصدر «بنك اليابان» تقريراً حول إيجابيات وسلبيات أدوات التيسير النقدي غير التقليدية التي استخدمها في معركته المستمرة منذ 25 عاماً ضد الانكماش، وهو ما يمثل خطوة رمزية نحو إنهاء التحفيز الضخم الذي تبناه البنك.

محافظ «بنك اليابان» في مؤتمر صحافي عقب اجتماع السياسة النقدية في أكتوبر الماضي (رويترز)

ومن المتوقع أن يستخلص هذا التقرير أن تخفيضات أسعار الفائدة تظل أداة أكثر فعالية لمكافحة الركود الاقتصادي مقارنة بالتدابير غير التقليدية مثل برنامج شراء الأصول الضخم الذي نفذه المحافظ السابق هاروهيكو كورودا.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

إذا رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة، فمن المحتمل أن يبقى على نفس السياسة النقدية حتى أبريل (نيسان) على الأقل، عندما ينشر التوقعات الفصلية الجديدة التي تمتد حتى السنة المالية 2027 لأول مرة.

أما إذا قرر البنك الإبقاء على الفائدة ثابتة، فإن انتباه الأسواق سيتحول إلى البيانات والأحداث الهامة التي ستسبق اجتماع يناير، مثل خطاب أويدا أمام اتحاد رجال الأعمال «كيدانرين» في 25 ديسمبر، وظهور نائب المحافظ ريوزو هيمينو في 14 يناير.

ومن المرجح أن يقدم تقرير «بنك اليابان» ربع السنوي عن الاقتصادات الإقليمية، الذي سيصدر قبل اجتماع 23-24 يناير، مزيداً من الوضوح لأعضاء مجلس الإدارة بشأن ما إذا كانت زيادات الأجور قد انتشرت على نطاق واسع في أنحاء البلاد.