سياسيون وخبراء عراقيون: إيران لن تجر العراق إلى معركتها مع أميركا

ظريف في بغداد عشية وصول روحاني إليها اليوم

TT

سياسيون وخبراء عراقيون: إيران لن تجر العراق إلى معركتها مع أميركا

يبدأ الرئيس الإيراني حسن روحاني اليوم زيارة إلى بغداد، وصفها وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم بـ«التاريخية»، فيما عدها الرئيس العراقي برهم صالح بـ«المهمة للغاية». وتحضيراً لهذه الزيارة، فقد وصل بغداد أمس وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي أجرى مباحثات مع نظيره العراقي محمد الحكيم بهدف الإعداد للزيارة ولجدول الأعمال بما في ذلك عدد أيام الزيارة والاتفاقيات التي سيتم توقيعها خلالها.
ورغم إعلان ظريف أن روحاني سيلتقي المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني خلال زيارة يقوم بها إلى مدينة النجف، فإن الحوزة العلمية في النجف لم تؤكد أو تنفي ما إذا كان السيستاني سيلتقي روحاني أم لا. يذكر أن المرجع الشيعي يرفض منذ عام 2015 إجراء لقاءات مع السياسيين سواء العراقيين، بمن فيهم الرئاسات الثلاث، أو الأجانب، ما عدا ممثلي الأمم المتحدة في العراق كونهم يؤدون عملاً إنسانياً. وكان آخر مسؤول دولي رفيع المستوى رفض السيستاني استقباله هو وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أثناء زيارته العراق خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي.
وفي هذا السياق، يرى سياسيون وخبراء عراقيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنه من الصعب على بغداد الانجرار خلف ما تريده طهران حيال جر بغداد نحو معركتها مع الولايات المتحدة الأميركية. ويقول عبد الله الخربيط، عضو البرلمان عن كتلة المحور الوطني، إن «الرؤية التي يستند إليها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي حيال مثل هذه الأمور تؤكد على عدم الانجرار إلى ما يمكن أن يتعارض مع المصلحة العراقية، وبالتالي فإنه لا ضير أن يوقع العراق أكبر قدر من الاتفاقيات مع الجانب الإيراني دون أن نضع بلادنا تحت تهديد الحظر أو الحصار المفروض على إيران»، مبيناً أن «عبد المهدي سياسي واقعي وليس عاطفياً، علماً بأن العراق يحتاج حالياً الغاز الإيراني والكهرباء الإيرانية وليس لمثل هذه الحاجات بديل في المدى المنظور». ويضيف الخربيط أنه «بصرف النظر عن طبيعة المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران فإن هناك حقيقة لا بد أن تدركها كل الأطراف في المنطقة أن العراق بدأ يتعافى وبات يصبح محوراً لا تابعاً، ولذلك فإن روحاني لن يأخذنا معه، بل سيبحث مجمل المواضيع ذات الصلة بمن فيها الحصار الأميركي المفروض على بلاده مع الجانب العراقي، وفي أثناء المباحثات التي سيجريها مع الرؤساء الثلاثة برهم صالح رئيس الجمهورية وعادل عبد المهدي رئيس الوزراء ومحمد الحلبوسي رئيس البرلمان». وأشار الخربيط إلى أن «الجميع الآن محرجون بمن فيهم الأميركيون والإيرانيون، ولذلك فإنه بالإمكان أن يستغل العراق هذا الوضع لصالحه بأي شكل من الأشكال».
أما الدكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي، فيرى أن «الزيارة تمثل نقطة فاصلة في طبيعة العلاقات ما بين العراق وإيران، خصوصاً في ظل توقيتات هذه الزيارة التي تأتي في إطار تصاعد الحشد الدولي باتجاه إيران، وهذا يفسر لنا أن إيران ترمي بثقلها الكبير على مستوى الداخل العراقي على كل المستويات، ومنها الزيارات المكوكية الأخيرة التي قام بها عدد من المسؤولين الإيرانيين»، مبيناً أن «العراق لم يعد الرئة الاقتصادية، بل هو الرئة السياسية، وصار العراق نقطة التقاء مع كثير من المتخاصمين مع إيران بشكل كبير». ويضيف الشمري أن «إيران بدأت تفكر باستخدام هذه الرئة السياسية باتجاه تطبيع أوضاعها مع الولايات المتحدة الأميركية، وقد يعاد سيناريو أن تكون بغداد هي المساحة لجولة مفاوضات قادمة بين واشنطن وطهران فيما يرتبط بالملف النووي وتعديلاته». ويتابع الشمري أن «طبيعة التنازلات أو ما سيقدمه روحاني في مجال تعديل اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران عام 1975 سيكون فيه جانب مهم جداً، حيث إن إيران يمكن أن يكون ذلك جزءاً من الدعم الذي يمكن أن تقدمه إيران لحكومة عبد المهدي»، كاشفاً عن «إمكانية تنازل عن مساحة من شط العرب إلى العراق من منطلق أن ما لم يحصل عليه الأعداء في الحرب يمكن أن يحصل عليه الأصدقاء الآن مما يعني أن إيران تريد أن توصل رسالة إلى واشنطن أن العراق يمكن أن يكون مهيأً أن يكون ضمن المساحة الإيرانية، رغم أن ذلك أمر صعب لأن العراق يدرك جيداً أن الانغماس أكثر مع إيران سوف يجعله يخسر الكثير أميركيا».
وبين الشمري أن «العراق لن يكون جزءاً من الحرب الاقتصادية على إيران مع أن العراق يطلب استثناءات دائماً من قبل الجانب الأميركي، وهو ما يجعله دائماً في موقف صعب».
من جهته، فإن الخبير الاقتصادي العراقي الدكتور عبد الرحمن الشمري يرى أن «العراق غير مؤهل لأن يكون جزءاً من الحرب الاقتصادية بين أميركا وإيران، نظراً لحاجة العراق عملياً إلى الولايات المتحدة الأميركية»، مبيناً أنه «بالرغم مما يقال عن التبادل التجاري بين العراق وإيران فإنه لن يتعدى الـ7 مليارات دولار منها نحو ملياري و900 ألف دولار هي عبارة عن مشتريات كهرباء وغاز بينما الـ5 مليارات دولار المتبقية هي تجارة قطاع خاص من سلع ومواد مختلفة، بينما الوضع مع أميركا مختلف إلى حد كبير». ويضيف الشمري أن «أميركا تمنح العراق أكثر من ملياري دولار هي عبارة عن تسهيلات ائتمانية لوزارة الدفاع على شكل تدريب وتجهيز وتوضع دائماً في الموازنة المالية للعراق كما أن الشركات الأميركية تستورد نحو 16 في المائة من النفط العراقي، فضلاً عن أن الأجواء العراقية هي تحت الحماية الأميركية، وكذلك الأموال العراقية في الخارج هي تحت حماية الولايات المتحدة»، مبيناً أن «صندوق النقد الدولي والبنك الدولي هو تحت السيطرة الأميركية والعراق يحتاج لهاتين المؤسستين، وبالتالي فإن العراق غير قادر على أن يكون طرفاً في المعركة الاقتصادية لأن تهديد ترمب واضح أن كل من يكون مع إيران سوف ينطبق عليه ما ينطبق عليها من حصار».
وكان وزيرا الخارجية العراقي محمد علي الحكيم والإيراني محمد جواد ظريف عقدا مؤتمراً صحافياً أمس في بغداد ناقشا فيه زيارة روحاني إلى العراق. وقال وزير الخارجية العراقي خلال المؤتمر إنه تمت مناقشة تسهيل سمة الدخول لرجال الأعمال بين البلدين وبحث العلاقات التجارية والصناعية. وثمن الحكيم دور إيران في مساعدة العراق في الحرب ضد «داعش».
من جهته، قال ظريف خلال المؤتمر إن «الجانبين العراقي والإيراني ركزا اهتمامهما على تفاهمات تصب في مصلحة البلدين في مجالات الزراعة والتجارة وتقديم التسهيلات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.