محاكمة نشطاء «25 يناير» تعكس العلاقة الشائكة بين السلطة التنفيذية والقضاء

حبس علاء عبد الفتاح وشقيقته و10 آخرين سنة مع إيقاف التنفيذ بتهمة التجمهر

صورة أرشيفية للناشط المصري علاء عبدالفتاح (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية للناشط المصري علاء عبدالفتاح (أ.ف.ب)
TT

محاكمة نشطاء «25 يناير» تعكس العلاقة الشائكة بين السلطة التنفيذية والقضاء

صورة أرشيفية للناشط المصري علاء عبدالفتاح (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية للناشط المصري علاء عبدالفتاح (أ.ف.ب)

قضت محكمة مصرية أمس بحبس الناشط السياسي علاء عبد الفتاح وشقيقته و10 آخرين، عاما مع إيقاف التنفيذ، لإدانتهم بالتجمهر أمام مقر الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي الخاسر الفريق أحمد شفيق قبل نحو عام ونصف العام، لكن الحكم الذي وصف بـ«المخفف» يثير علامات استفهام بشأن علاقة السلطة التنفيذية بالمؤسسة القضائية في البلاد، منذ عهد الرئيس السابق محمد مرسي، حتى الآن.
وتعود أوراق قضية حرق مقر شفيق إلى عام 2012، حيث اتهم النشطاء بالتجمهر والاعتداء على مقر حملة المرشح السابق للرئاسة في مايو (أيار) قبل الماضي. وقرر النائب العام السابق عبد المجيد محمود حفظها، إلا أن النائب العام طلعت عبد الله الذي عينه الرئيس السابق بإعلان دستوري أثار الجدل حينها، قرر تحريك القضية مجددا في ذلك الوقت مع تنامي انتقادات النشطاء لحكم مرسي، من دون ظهور أدلة جديدة في القضية، بحسب منى سيف شقيقة عبد الفتاح.
وقضت محكمة جنايات الجيزة أمس بمعاقبة عبد الفتاح وشقيقته، و10 آخرين بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ عن تهمة التجمهر، كما قضت بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح في واقعة السرقة والبراءة في تهمة حرق مقر شفيق.
ويعد شفيق خصما لدودا للرئيس السابق مرسي. وخلال خطابات له العام الماضي، اتهم مرسي منافسه السابق بتمويل أنشطه للعمل على إسقاطه. وبدا مستغربا أن تعمل بعض الجهات القضائية أثناء حكم مرسي على تحريك الدعوى، وفي مسعى لإحراج مرسي على ما يبدو، تنازل الفريق شفيق عن الدعوى، ضد عبد الفتاح الذي أيد مرسي خلال الانتخابات الرئاسية. وقال خالد داود، المتحدث الرسمي باسم حزب الدستور، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «الحكم غير مفهوم على الإطلاق، فهذه القضية واحدة من أغرب القضايا خلال الأعوام الثلاثة السابقة».
وأضاف داود، عقب خروجه من مقر المحكمة، أن «القضايا التي اتهم فيها نشطاء سياسيون خلال عهد مرسي جرى إغلاق ملفاتها جميعها، صحيح أن الحكم الذي صدر مع إيقاف التنفيذ؛ لكنه يظل سيفا على رقاب النشطاء خاصة في ظل قانون التظاهر الحالي»، معربا عن اعتقاده بأن الحكم بمثابة رسالة موجهة إلى نشطاء «25 يناير».
وغاب عبد الفتاح عن جلسة أمس (الأحد)، وهو محبوس حاليا على ذمة قضية أخرى في اتهامات بالتظاهر من دون الحصول على إذن مسبق من السلطات، ومن المقرر أن تنظر محكمة الجنايات القضية خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأدين الشهر الماضي ثلاثة شباب من رموز ثورة «25 يناير» هم أحمد دومة، وأحمد ماهر، ومحمد عادل في اتهامات بمقاومة السلطات والاعتداء على أفراد الأمن والتظاهر من دون الحصول على إذن , وقضت محكمة بسجنهم ثلاث سنوات.
وقرر النائب العام المستشار هشام بركات أمس فتح التحقيق في بلاغ ضد ثمانية من النشطاء والسياسيين للمطالبة بالتحقيق معهم فيما نسب إليهم من تسريبات تليفونية، تتهمهم بالتخطيط والتحريض على اقتحام مقرات أمن الدولة وقت ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 بغرض سرقة ملفاتهم.
وخلال عام من حكم مرسي احتدم الصراع بين جماعة «الإخوان» التي هيمنت على المجلس التشريعي، وقضاة مناوئين لحكمهم على خلفية قانون جديد استهدف استبعاد نحو ثلاثة آلاف قاض. وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إن «مرسي وجماعته (الإخوان) حاولوا عبثا الهيمنة على مفاصل المؤسسة القضائية، لكن قضاة مصر الشرفاء تصدوا لتلك الهجمة ونجحوا في الحفاظ على استقلالهم».
في المقابل، قال مسؤول في الحكومة السابقة، التي كان يرأسها الدكتور هشام قنديل في عهد مرسي، لـ«الشرق الأوسط» إن «شكوكا مشروعة تجب إثارتها بشأن عدد من القضاة، هذا أمر ليس وليد اليوم؛ وإنما يعود لشهادات قضاة آخرين خلال انتخابات البرلمان عام 2005».
وحامت شكوك بشأن تورط عدد من القضاة في تزوير الانتخابات البرلمانية خلال عام 2005، وقدمت المستشارة نهى الزيني شهادة منشورة أكدت فيها وقائع التزوير، لكن محكمة مصرية قضت الشهر الماضي أيضا بإغلاق ملف القضية لنقص الأدلة.
ونظم حقوقيون قبل يومين مؤتمرا عرضوا خلاله فيلما قصيرا في نقابة الصحافيين تحت عنوان «أذرع الظلم الثلاث: الداخلية، والنيابة، والقضاء» استعرض شهادات نشطاء قالوا إنهم تعرضوا لانتهاكات من جانب وزارة الداخلية، بينهم مشاركات تعرضن للتحرش والاعتداء من قبل الأمن خلال مظاهرات الشورى (قبل شهرين).
ووجهت انتقادات واسعة لحكم مرسي بسبب ما عده سياسيون ونشطاء وحقوقيون استغلال سلطة الاتهام لملاحقة معارضيه قضائيا، لكن بدا لافتا أن المعارضين أنفسهم ما زالوا ملاحقين قضائيا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.