تأخير في تشكيل الهيئات الناظمة يتعارض والتزامات لبنان أمام «سيدر»

توسعة المطار وإصلاح الكهرباء في مقدمة التحديات

TT

تأخير في تشكيل الهيئات الناظمة يتعارض والتزامات لبنان أمام «سيدر»

أثنت مصادر نيابية لبنانية على مبادرة رئيس الحكومة سعد الحريري عندما بادر في أول جلسة تشريعية للمجلس النيابي إلى خفض سلفة الخزينة المقررة لمؤسسة كهرباء لبنان من 2742 مليار ليرة لبنانية (نحو 1.8 مليار دولار) إلى 749 مليار ليرة (نحو 500 مليون)، في إشارة يريد منها حماية الخزينة في ظل العجز الذي تشكو منه وهو إلى ارتفاع ملحوظ، وأيضاً تجنُّبه إقحام الجلسة في اشتباك سياسي على خلفية وجود معارضة نيابية للموافقة على السلفة، كما ورد في اقتراح القانون، وإصرار من يتولاها على الإسراع في إصلاح قطاع الكهرباء استجابةً لما تعهد به لبنان أمام مؤتمر «سيدر» الذي أُريد منه مساعدته للنهوض من أزماته الاقتصادية والمالية.
وموافقة البرلمان على خفض السلفة وتقسيطها على ثلاثة أشهر لتأمين شراء الفيول، تنطلق -كما يقول عدد من النواب لـ«الشرق الأوسط»- من أن مجرد الموافقة عليها كما أُدرجت في الجلسة التشريعية، سيكون لها مردودها السلبي على لبنان من قبل الدول والمؤسسات المالية العالمية التي تَشَكَّل منها مؤتمر «سيدر» لأنها تتعارض مع كل ما تعهد به لجهة إصلاح قطاع الكهرباء وتأجيله لخفض العجز المتزايد فيه، وإلا كيف يمكن للبنان تبرير هذا الكم من الإنفاق. وبالتالي فإن خفض السلفة كان في محله ريثما يصار إلى إعداد خطة متكاملة للكهرباء.
كما أن مجرد خفض هذه السلفة من شأنه أن يضغط في اتجاه تسريع الخطوات على طريق تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان وتشكيل الهيئة الناظمة للقطاع التزاماً بما تعهد به لبنان أمام مؤتمر «سيدر»، وصولاً إلى خصخصة المعامل الجديدة المَنْويّ إقامتها لتوليد الطاقة على أن يتولاها القطاع الخاص بالشراكة مع القطاع العام الذي يشتري منه الطاقة ويقوم بنقلها وتوزيعها على المستهلكين.
لكن يبدو أن تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء يشهد حالياً كباشاً سياسياً بين فريق يتزعّمه «التيار الوطني الحر» ممثلاً بوزيرة الطاقة ندى البستاني لا يشجّع في الوقت الحاضر على تشكيلها، وآخر يرى أن هناك ضرورة لأن ترى هذه الهيئة النور بالتلازم مع المباشرة في إصلاح قطاع الكهرباء.
وبكلام آخر يحاول «التيار الوطني» إجراء مقايضة تقوم على تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان في مقابل صرف النظر عن تشكيل الهيئة الناظمة التي تلقى تأييداً من غالبية الكتل النيابية في البرلمان ومن يمثلها في الحكومة.
في هذا السياق، كشفت مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط» أن اللقاءات التي عُقدت من أجل إصلاح قطاع الكهرباء وكان محورها رئيس الحكومة وأيضاً وزيرة الطاقة، كانت وراء خفض السلفة لتأمين تمريرها في الجلسة التشريعية في مقابل تريث الأخيرة في تشكيل الهيئة الناظمة لإدارة قطاع الكهرباء.
ولفتت إلى أن «التيار الوطني» لا يحبّذ إدراج أي فكرة تتعلق بإصلاح قطاع الكهرباء بذريعة أن مجرد الحديث عنه يشكل انتقاصاً من دور وزرائه الذين تعاقبوا على تسليم وزارة الطاقة منذ 10 سنوات في مضيّهم في تنفيذ خطة لإصلاحه.
وقالت إن عدم حماسته لتوفير الأجواء لتشكيل الهيئة الناظمة يعود إلى رغبة في حصر المرجعية في هذا القطاع بالوزير من دون إشراك الهيئة في إصلاحه.
وسألت المصادر النيابية كيف يوفِّق لبنان بين التزامه أمام مؤتمر «سيدر» بتشكيل الهيئة الناظمة وبين التلكؤ في تهيئة الظروف لولادتها؟ وطبيعي أن ينسحب السؤال عن مصير الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء على قطاع الاتصالات والمديرية العامة للطيران المدني وهل من عائق يحول دون تشكيل الهيئتين الناظمتين لهما؟
وفي معلومات أولية، توافرت لـ«الشرق الأوسط»، فإنه لا مشكلة تمنع الإسراع بتشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات ما دام الوزير محمد شقير (تيار المستقبل) يتولى وزارة الاتصالات، وبالتالي فإن الرئيس الحريري لن يتردد في تشكيلها لأن أي تأخير لن يلقى ارتياحاً لدى مؤتمر «سيدر».
أما بالنسبة إلى تشكيل الهيئة الناظمة للطيران المدني فإن الأمر يتعلق بوزير الوصاية، أي الوزير يوسف فنيانوس (تيار المردة)، فهل يبادر إلى تسهيل تشكيل هذه الهيئة أم أنه سيأخذ وقته قبل أن يحسم أمره، مع أن هناك ضرورة لتشكيلها؟
وتعزو المصادر النيابية سبب الإلحاح على تشكيل هذه الهيئة إلى أن الحكومة كانت قد تقدمت من مؤتمر «سيدر» بمشاريع يراد تنفيذها بتمويل من الهبات والقروض الميسّرة التي أمّنها المؤتمر ومن أبرزها توسعة مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وبالتالي ليس في مقدور وزارة الأشغال متابعة تنفيذ هذا المشروع بغياب الهيئة الناظمة للمديرية العامة للطيران المدني وإن كانت الجهة الدولية المموّلة لهذا المشروع هي التي تتولى الإشراف عليه.
فهل يبدي وزير الأشغال مرونة بلا قيود على تشكيل الهيئة الناظمة هذه أم أنه يتعامل معها على أنها تنتقص من صلاحياته؟لذلك تقف الحكومة أمام اختبار النيات حيال «سيدر»، فهل تنجح بإصرار من رئيسها على حسم الجدل بخصوص تشكيل الهيئات الناظمة أم أنها تسقط في مراوحة لا جدوى منها، وبالتالي تضيع على لبنان فرصة الإفادة من القروض والهبات، خصوصاً أن تشكيلها أُدرج في صلب الورقة اللبنانية إلى «سيدر»؟



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.