فوضى الانتخابات تطرق أبواب نقابة المحامين العراقية

اشتباك بالأيدي وإطلاق نار في اجتماع لرؤساء اللوائح

فوضى الانتخابات تطرق أبواب نقابة المحامين العراقية
TT

فوضى الانتخابات تطرق أبواب نقابة المحامين العراقية

فوضى الانتخابات تطرق أبواب نقابة المحامين العراقية

يبدو أن التنافس الانتخابي المحموم بين الكتل السياسية الذي شهده العراق في مجمل الانتخابات النيابية التي جرت في البلاد بعد عام 2003، وصلت تداعياته إلى مبنى نقابة المحامين في حي المنصور ببغداد، التي تعتزم إجراء انتخاباتها الدورية غداً بست لوائح انتخابية.
وشهد اجتماع للنقابة مع الأعضاء ورؤساء اللوائح الانتخابية، أول من أمس، اشتباكات بالأيدي داخل مقر النقابة وإطلاق نار خارجها. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع «شجار زملاء المهنة» وأبدى كثيرون، وضمنهم محامون، امتعاضهم من ذلك، معتبرين أنه «أمر مؤسف، ويقدح في صدقية المحامي العراقي».
وتعددت ذرائع المحامين بشأن الأسباب التي دعت زملاء المهنة للوصول إلى لحظة التصادم في سابقة لم تشهدها النقابات المهنية إلا في نطاق محدود جداً. فثمة اتجاه يميل إلى اتهام مجلس النقابة الحالي ونقيبته أحلام اللامي بعدم الشفافية في مسألة الأموال التي تتحصل عليها النقابة، ويتهمون القائمين عليها ضمناً بالفساد، والاستحواذ على الأموال بصورة شخصية، وآخر يعزو الاشتباك إلى استبعاد بعض المرشحين ورؤساء اللوائح بذريعة الانتماء إلى «حزب البعث» المنحل، وثمة من يرى أن للأجندة السياسية وتدخل بعض الأحزاب الأثر الواضح في أزمة المحامين.
ويتفق الخبير القانوني طارق حرب، على أن «الفوضى تضرب كل القضايا المتعلقة بالانتخابات، سواء البرلمانية والمحلية، أو انتخابات النقابات المهنية». وعن أسباب تلك الفوضى يقول حرب لـ«الشرق الأوسط»: إن «المنصب لم يعد اليوم بوصفه خدمة للناس كما كان في السابق، إنما لمصالح فردية وخاصة». ويستبعد حرب «وجود محركات سياسية أو طائفية أو حزبية وراء ما جرى في نقابة المحامين، إنما تحقيق المصالح الشخصية، وتأثير امتيازات منصب النقيب وأعضاء مجلس النقابة مسؤولان عما حدث».
وبشأن اتهامات الفساد في مجلس النقابة، يقول حرب: «لا أستطيع نفي أو إثبات ذلك، لكن التقرير الذي قدمته النقابة بشأن الأموال كان مقتضباً جداً، ولم يحط إحاطة شاملة بالموضوع».
غير أن رئيس قائمة «جيل العطاء» المشاركة في الانتخابات المحامي محمد الساعدي لا يستبعد تدخل جهات وأحزاب سياسية في شؤون النقابة وانتخاباتها بهدف السيطرة عليها. ويعتقد بوجود جهات داخل النقابة كانت تريد السيطرة على منصب النقيب حتى لو تطلب الأمر استخدام القوة.
ويقول الساعدي لـ«الشرق الأوسط»: «شاركت في بداية الترشيح 10 لوائح انتخابية، ثم تقلص العدد إلى 8 وبعدها إلى 6، وقد استبعد كل من النقيب السابق محمد الفيصل، رئيس لائحة (المحامي أولاً)؛ لكونه شغل المنصب مرتين في السابق، كما استبعد رئيس لائحة (التغيير) محمد المهنا لارتباطه السابق بنظام البعث وحصوله على نوط شجاعة في العهد السابق؛ ما دفع أتباعهما إلى الاحتجاج وافتعال موضوع الاشتباك».
وعن الفساد الموجود في النقابة، ذكر الساعدي، أن «من قاموا بافتعال المشكلات هم من يقفون وراء الفساد في النقابة». وكشف الساعدي عن إقامة النقابة دعاوى قضائية ضد من تسبب بالعراك داخل النقابة، وتم بالفعل سجن اثنين أو ثلاثة من المحامين، ورجح إقامة الانتخابات في الموعد المقرر، يوم غد.
لكن مجلس القضاء الأعلى، قرر، أمس، رد الطعون بانتخابات مجلس نقابة المحامين.
وذكر المجلس في بيان، أن «اللجنة القضائية العامة المشرفة على انتخابات مجلس نقابة المحامين لعام 2019، اجتمعت للنظر في الطلبات المقدمة من قِبل المحامين».
وتتراوح الطعون التي ردها مجلس القضاء بين استبعاد ترشيح بعض المرشحين لنقابة وعضوية المجلس بذريعة خضوع بعضهم لقانون «اجتثاث البعث» بجانب المطالب بتأجيل الانتخابات، لكنها قبلت بطعن عدم ترشيح محمد الفيصل بمنصب النقيب بداعي تكرار شغله للمنصب في دورتين سابقتين.
بدوره، يرى المحامي أنور الذرب، أن ما حدث في نقابة المحامين من اشتباكات يتعلق بشكل أساسي بموضوع الأموال لدى النقابة، وطريقة إنفاقها، وليس لقضايا الاجتثاث أو السياسية دخل في الموضوع. ويؤكد الذرب في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «مجموعة من المحامين طالبت النقيبة أحلام اللامي وأعضاء المجلس بتوزيع مستندات رسمية تبين وجوه إنفاق الأموال وحجمها، لكنهم رفضوا وقاموا بالاعتداء على بعض المحامين». وعن قيمة الأموال التي تصل إلى النقابة وطرح تحصيلها، ذكر أن «ما تجنيه النقابة يتراوح بين 8 و9 مليارات دينار سنوياً (نحو 7 مليون دولار)، نصفها أرباح صافية، وتلك الأموال تأتي من اشتراكات المحامين والشركات التي تعين مستشارين قانونين وأموال الكفالات الحجزية». وأشار الذرب إلى أن «النقابة لا تتعامل بشفافية مع تلك الأموال، ولا تقدم كشوفاً واضحة للميزانية؛ ما أدى إلى إثارة غضب وحفيظة عدد غير قليل من المحامين».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».