بينما بدأ الظلام يحل على ملعب التدريب الرائع بنادي ساوثهامبتون على أطراف متنزه «نيو فورست»، كان جناح نادي ساوثهامبتون، ناثان ريدموند، قد انتهى لتوه من حصة تدريبية قوية بعد أسبوع من العمل المتواصل تحت إشراف المدير الفني للنادي، رالف هاسينهوتل، الذي يعمل دائما على مساعدة لاعبيه على تقديم أفضل ما لديهم.
وتطرق ريدموند أثناء الحديث الذي أجريناه معه إلى الفترة الصعبة التي مر بها خلال مسيرته الكروية بعدما أهدر ركلة الجزاء الحاسمة مع المنتخب الإنجليزي أمام ألمانيا في الدور نصف النهائي لكأس الأمم الأوروبية تحت 21 عاما، وكذلك عن تعرضه لصافرات الاستهجان من جانب جمهور نادي ساوثهامبتون، وقال: «لا يوجد شيء أسوأ من عدم القدرة على تجاوز نقطة معينة، وهو الأمر الذي اعتقدت أنه لن ينتهي أبدا».
وأضاف: «لم أكن أفعل أي شيء بشكل صحيح، ولم أسجل أي هدف ولم أكن ألعب لمصلحة الفريق. كانت هناك الكثير من الأشياء التي تحدث من حولي، ولم أكن أفعل أي شيء لتغييرها. أعتقد أنه كان يتعين علي أن أمر بكل هذه التجارب والأشياء لكي أدرك أني محظوظ أن ألعب كرة القدم. لكن في الوقت نفسه، لا أريد أن أكون في نهاية المطاف شخصاً يضيع شيئاً كان محظوظاً بامتلاكه».
ومنذ أن أصبح ريدموند أصغر لاعب يشارك مع الفريق الأول لنادي برمنغهام سيتي بعمر 16 عاما و173 يوماً في عام 2010 والجميع يتحدث عن موهبته الكبيرة التي لا يمكن التشكيك فيها. والآن، يبلغ ريدموند من العمر 24 عاما، وقد سجل ستة أهداف في مشاركاته الـ11 الأخيرة منذ تولي هاسينهوتل قيادة الفريق خلفا لمارك هيوز.
وقد استعاد ريدموند الكثير من مستواه الذي أهله لخوض مباراة وحيدة بقميص المنتخب الإنجليزي الأول، عندما شارك كبديل أمام ألمانيا قبل عامين من الآن. وكان يُنظر إلى ريدموند على أنه النجم الأبرز في جيله في كرة القدم الإنجليزية، وقد رفض الكثير من العروض من الأندية الكبرى من أجل البقاء مع برمنغهام سيتي، لكن الفترة التالية لخوضه مباراة واحدة مع المنتخب الإنجليزي الأول كانت صعبة ووصفها ريدموند نفسه بأنها «أكبر درس تعلمت منه في حياتي».
يقول ريدموند: «لقد تخلصت من الكثير من الأشياء التي سمحت لها بالحدوث. إن أي فكرة سلبية تؤدي إلى فكرة سلبية أخرى، وكنت أتأثر بأصغر وأقل الأشياء، ولم أكن أعرف كيف أتعامل مع هذه الأمور بالطريقة الصحيحة، لكنني تعلمت الدرس جيداً مما حدث ولا أشعر بأي غضب تجاهه».
وقد بدأ ريدموند يعاني من مشكلات كبيرة خلال بطولة كأس الأمم الأوروبية تحت 21 عاما في يونيو (حزيران)، عندما أصيب في أوتار الركبة في المباراة النهائية لدور المجموعات أمام الفريق المضيف بولندا. وتم تشخيص إصابته على أنها تمزق يتطلب الراحة لمدة ثلاثة أسابيع على الأقل، لكنه قرر البقاء مع الفريق وشارك كبديل أمام ألمانيا بعد خمسة أيام فقط.
يقول ريدموند عن ذلك: «كان يتعين علي أن أعود إلى إنجلترا. لا أعتقد أنني كنت أدرك حجم الإصابة إلا عندما عدت وفكرت في الأمر جيدا، وقلت لنفسي إنه كان ينبغي علي أن أتخذ قرارا مختلفا. لكن هذه كانت البطولة الأخيرة لي مع منتخب إنجلترا تحت 21 عاما وكنت أريد أن أقدم لمنتخب بلادي كل ما لدي. كنت أعرف أن الكثير من اللاعبين الأصغر سنا كانوا ينظرون إلي على أنني قائد لهم خارج الملعب لأنني كنت أمتلك الكثير من الخبرات وكنت ألعب كرة القدم منذ سن صغيرة أيضاً».
وكانت أبرز الصور المتداولة لهزيمة المنتخب الإنجليزي في هذه البطولة لريدموند وهو يبكي بحرقة بعد إهداره لركلة الجزاء في الوقت الذي يواسيه فيه صديقه ناثانيل تشالوبا. ويعترف ريدموند بأن ثقته في نفسه قد تأثرت كثيرا بعد إهداره لركة الجزاء مع المنتخب الإنجليزي، رغم أنه لم يكن اللاعب الوحيد الذي يفعل ذلك في البطولات الكبرى وقد سبقه إليه الكثير من اللاعبين من أمثال ستيوارت بيرس وكريس وادل وغاريث ساوثغيت وديفيد باتي.
وفي نفس الوقت، وجد ريدموند تعاطفا كبيرا من الآخرين، للدرجة التي جعلت المدير الفني لنادي مانشستر سيتي جوسيب غوارديولا ينزل إلى أرض الملعب بعد نهاية مباراة فريقه أمام ساوثهامبتون في ديسمبر (كانون الأول) عام 2017 لكي يواسي ريدموند. وقد أخبر غوارديولا ريدموند بأنه «لاعب جيد»، وقال له: «يتعين عليك أن تهاجم لأنك تمتلك المهارات اللازمة لذلك».
لكن ريدموند يعترف بأن مستواه قد تأثر بشدة لمدة ستة أشهر بسبب فقدانه للثقة في نفسه، وقال: «عندما كنت صغيرا في السن كان هناك الكثير من التوقعات بشأن ما سأقدمه. لقد كنت أعتقد دائما أنني لاعب جيد، لكن ليس بنسبة 100 في المائة. وقد تحدث معي جوسيب غوارديولا، وأخبرني بأنني لاعب جيد، لكنني لم أتعاف مما حدث حتى الصيف التالي. إذا كان أحد أفضل المديرين الفنيين في العالم يخبرك بنفسه بأنك لاعب جيد ثم تواصل المعاناة ولا تعود لمستواك، فهذا يعني أنه كان يتعين علي أن أبذل مزيدا من الجهد».
وأضاف: «لقد غبت عن المشاركة الأساسية مع ساوثهامبتون في عدد من المباريات المتتالية، وكنت أتدرب مع فريق الناشئين بالنادي تحت 23 عاما، وكان هناك الكثير من الأمور التي تحدث من حولي. وقد أفكر وأقول لنفسي: لماذا حدث هذا لي؟ لكنني لم أحاول أن أغير هذه الأمور السلبية وأتخذ القرارات الصحيحة بشكل مباشر». ويضيف: «عندما جاء مارك هيوز أدرك أنني أعاني فيما يتعلق بثقتي في نفسي. أنا لم أكن أعرف ما إذا كنت سأستمر في النادي وأواصل اللعب أم لا، وكنت أتعامل مع الأمور بشكل كئيب وخاطئ للغاية».
ويقول ريدموند إن الفترة التي قضاها خلال الصيف الماضي في الإعداد البدني بمدينة لوس أنجليس الأميركية كان لها مفعول السحر، ليس فقط على لياقته البدنية، ولكن أيضا على لياقته الذهنية والنفسية. لكن مع تعيين هاسينهوتل على رأس القيادة الفنية للفريق، أدرك ريدموند أن معاناته سوف تتواصل. يقول ريدموند: «كنت أعتقد أنني قد وصلت إلى قمة مستواي، لكن عندما عدت إلى الفريق في بداية الموسم واعتقدت بأنني أؤدي بشكل جيد جاء المدير الفني للفريق وجلس معي وقال: أنت لم تحرز أو تصنع أي هدف في الدوري، ما الذي يحدث؟ يتعين عليك أن تنظر إلى ما قمت به خلال الأشهر الثلاثة الماضية!» ويضيف ريدموند: «دخلنا في نقاش طويل حول كل شيء، لكنني لا أعتقد أنني سجلت الكثير من الأهداف في أي مرحلة من مراحل مسيرتي الكروية، فما الذي اختلف الآن؟».
ناثان ريدموند: إضاعتي لركلة جزاء كادت تنهي مسيرتي الكروية
جناح ساوثهامبتون يؤكد أن مستواه تأثر كثيراً بسبب فقدانه للثقة في نفسه
ناثان ريدموند: إضاعتي لركلة جزاء كادت تنهي مسيرتي الكروية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة