إردوغان يتوقع تراجع التضخم في تركيا إلى ما بين 6 و7 %

خلافاً لتوقعات الحكومة والمؤسسات المالية الدولية

إحدى أسواق اسطنبول (رويترز)
إحدى أسواق اسطنبول (رويترز)
TT

إردوغان يتوقع تراجع التضخم في تركيا إلى ما بين 6 و7 %

إحدى أسواق اسطنبول (رويترز)
إحدى أسواق اسطنبول (رويترز)

وسط التوقعات المتشائمة بالنسبة لأسعار صرف الليرة التركية واستمرار تراجعها، قال الرئيس رجب طيب إردوغان إن معدل التضخم البالغ حاليا 20.35 في المائة سينحسر إلى حدود 6 إلى 7 في المائة.
ولم يحدد إردوغان، الذي كان يتحدث أمام جمع من أنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم في ولاية ريزة، مسقط رأسه في شمال شرقي البلاد أمس (السبت) في إطار حملته للانتخابات المحلية التي ستجرى في 31 مارس (آذار) الجاري، مدى زمنيا محددا للتراجع المنشود في معدل التضخم، والذي جاء أقل بكثير من توقعات حكومته في الخطة الاقتصادية متوسطة المدى التي تمتد حتى العام 2021. والتي توقعت معدلا للتضخم يتراوح بين 16 و20 في المائة.
لكنه قال إن التضخم سيتراجع مجددا إلى نحو 6 أو 7 في المائة، لأنه «لا يليق بنا تضخم بحدود 19 أو 20 في المائة».
وتواجه حكومة إردوغان انتقادات حادة لفشلها في التعامل مع أسباب الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد ولجوئها إلى حلول غير مجدية لعلاج مشكلة ارتفاع أسعار الغذاء، الذي يعد أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع التضخم إلى جانب تراجع العملة، عبر بيع الخضراوات والفواكه بأسعار مخفضة في منافذ حكومية.
وجاءت تصريحات إردوغان، الذي سبق أن تعهد بتراجع التضخم في عام 2018 إلى خانة الآحاد قبل أن يحقق أسوأ ارتفاع على مدى 16 عاما، بعد ساعات من إعلان وزير الخزانة والمالية التركي برات البيراق أن احتياطي البنك المركزي التركي من النقد الأجنبي تجاوز 100 مليار دولار.
واعتبر البيراق أن النتائج الإيجابية للإجراءات والتدابير التي اتخذتها الحكومة التركية خلال الآونة الأخيرة، بدأت تظهر بشكل واضح، لافتا إلى أن احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية ارتفع بمقدار 16 مليار دولار، خلال آخر 6 أشهر.
وأكد أن الحكومة ستواصل اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على وتيرة تحسن وانتعاش الاقتصاد التركي، واستعادة نشاطه بعد تعرضه لما وصفه بـ«حملة خارجية شرسة» في شهر أغسطس (آب) العام الماضي، في إشارة إلى التوتر مع الولايات المتحدة بسبب قضية محاكمة القس الأميركي أندرو برانسون في تركيا بتهمة دعم الإرهاب، والتي أسدل الستار عليها في شهر أكتوبر (تشرين الأول) بالإفراج عنه والعودة إلى بلاده.
ويعاني الاقتصاد التركي أزمة حادة، بسبب تراجع الليرة التركية التي فقدت نحو 30 في المائة من قيمتها العام الماضي وارتفاع معدل التضخم إلى ما فوق الـ20 في المائة للمرة الأولى منذ 16 عاما.
وتوقعت وكالة التصنيف الائتماني الدولية «ستاندرد آند بورز» انخفاضا حاداً لليرة التركية خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، وارتفاع مستوى القروض المصرفية المتعثرة إلى الضعف عند 8 في المائة في الـ12 شهراً المقبلة.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، استثنى صندوق النقد الدولي تركيا من أي تطورات إيجابية في النمو للاقتصادات الصاعدة، قائلاً: «لا تزال التوقعات مواتية بالنسبة لآسيا وأوروبا الصاعدتين، ما عدا تركيا»، مؤكدا أن الاستثمار والطلب الاستهلاكي سيتأثران سلبا في تركيا.
وعانت تركيا منذ أغسطس (آب) الماضي من أزمة مالية ونقدية حادة دفعت بأسعار الصرف إلى مستويات متدنية بالنسبة إلى الليرة التركية، وسط تذبذب في وفرة النقد الأجنبي في الأسواق الرسمية.
وتراجع سعر صرف الليرة التركية إلى 7.24 مقابل الدولار الأميركي، مقارنة بـ4.8 ليرة للدولار قبل الأزمة، وذلك بسبب مخاوف المستثمرين من إحكام إردوغان قبضته على القرار الاقتصادي.
ونتيجة لأزمة سعر صرف الليرة وتذبذب وفرة النقد الأجنبي صعدت نسب التضخم إلى أعلى مستوى في 16 عاما خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لتتجاوز 25 في المائة، بينما تتجاوز نسبتها حاليا الـ20 في المائة.
ودفعت الأزمة وارتفاع التضخم إلى تقدم آلاف الشركات بطلبات تسوية تمهيدا لإعلان إفلاسها رسمياً، مع تصاعد حدة الصعوبات المالية ووفرة السيولة بالنقد الأجنبي.
على صعيد آخر، فرضت الحكومة التركية زيادة جديدة على غاز السيارات، اعتبارا من صباح أمس، ليرتفع في عدة مدن تركية بنسب تتراوح بين ٢٠ إلى ٢٥ قرشا تركيا (الليرة 100 قرش) بعد أن رفعت أسعار وقود السيارات منذ أيام للمرة الثانية في شهر فبراير (شباط) الماضي.
وأثار القرار الجديد الكثير من الجدل والاستياء بين المواطنين الذين أصبحوا يعانون من زيادة شبه أسبوعية في أسعار السلع والاحتياجات الاستهلاكية الضرورية، وتأتي هذه الزيادة بعد انخفاض الليرة أول من أمس مجددا إلى حدود 5.40 ليرة للدولار بعد أن حافظت على معدل متوسط عند 5.30 ليرة للدولار خلال الشهر الماضي.
وطبّقت السلطات التركية زيادة جديدة في أسعار البنزين والديزل يوم الثلاثاء الماضي، بواقع 17 قرشاً على لتر البنزين و28 قرشاً على لتر الديزل في زيادة كانت هي الثانية على أسعار البنزين خلال أسبوع، والخامسة خلال شهر، والرابعة على أسعار الديزل خلال شهر واحد.
وفي 18 فبراير (شباط) الجاري، شهدت أسعار البنزين بتركيا زيادة بمقدار 27 قرشاً، وقبلها بأسبوعين ارتفعت أسعار البنزين بمعدل 6 قروش على اللتر الواحد. ورفعت السلطات التركية سعر البنزين بنحو 17 قرشاً وسعر الديزل بنحو 18 قرشاً في الثامن من يناير (كانون الثاني) الماضي. وفي 15 من الشهر ذاته، شهدت أسعار المحروقات، زيادة بمقدار 20 قرشاً على أسعار الديزل و16 قرشاً على أسعار البنزين. وبهذه الزيادات أصبحت تركيا إحدى أغلى دول العالم في أسعار البنزين، وبالنظر إلى مستويات الدخل تعد تركيا الأغلى على الإطلاق.
وارتفعت فاتورة استيراد الطاقة في تركيا بنسبة 6 في المائة إلى ما يقرب من 3.85 مليار دولار في يناير الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام 2018، وفقا للبيانات الصادرة عن هيئة الإحصاء التركية ووزارة التجارة يوم الخميس الماضي.
وتشير البيانات إلى أن فاتورة الواردات الإجمالية في تركيا، بما في ذلك الطاقة وغيرها من المواد، وصلت إلى 15.67 مليار دولار في يناير؛ حيث بلغت حصة الطاقة 24.56 في المائة. وأظهرت واردات تركيا من النفط الخام زيادة تقارب 48 في المائة خلال الفترة نفسها مقارنة بشهر يناير 2018، واستوردت تركيا نحو 2.18 مليون طن من النفط الخام في يناير، بزيادة 1.47 مليون طن على أساس سنوي.
وبحسب معطيات هيئة الإحصاء ووزارة التجارة بلغت قيمة الصادرات التركية في يناير الماضي 13.17 مليار دولار، بزيادة 5.9 في المائة مقارنة بالشهر ذاته من العام 2018.
من ناحية أخرى، قال فؤاد أوكطاي، نائب الرئيس التركي، إن صادرات بلاده في 2018، تجاوزت 168 مليار دولار، محققة رقما قياسيا. ولفت إلى أن صادرات تركيا خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، ارتفعت بنسبة 5.9 في المائة مقارنة مع الشهر نفسه من العام 2018، وحققت 13.2 مليار دولار. وأشار إلى أن أرقام التجارة الخارجية التي تم الإعلان عنها، الخميس الماضي، تؤكد تراجع عجز التجارة الخارجية بنسبة 72.5 في المائة، لتصبح 2.5 مليار دولار، قائلا إن تركيا ستعزز صادراتها من خلال تصدير صناعاتها الدفاعية إلى الأسواق الخارجية.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.