تركيا تكرر مطالبتها واشنطن بتسليم غولن... واستمرار اعتقال أنصاره المحتملين

«مراسلون بلا حدود» تطالب بعدم عرقلة عمل الصحافيين الأجانب

TT

تركيا تكرر مطالبتها واشنطن بتسليم غولن... واستمرار اعتقال أنصاره المحتملين

كررت تركيا مطالبتها للولايات المتحدة مجدداً بتسليم الداعية فتح الله غولن الذي تتهمه السلطات التركية بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016، بعد أن سبق وأعلنت الإدارة الأميركية أكثر من مرة أنها لا يمكنها التدخل في هذا الأمر الذي يخضع للقضاء بشكل كامل، مطالبة أنقرة بتقديم أدلة دامغة على وقوف غولن، وحركة «الخدمة» التابعة له، وراء محاولة الانقلاب الفاشلة. وتضمنت رسالة بعث بها وزير العدل التركي عبد الحميد غل، أمس (الجمعة)، لتهنئة نظيره الأميركي الجديد ويليام بار، بمناسبة توليه المنصب، مطالبة جديدة بتسليم غولن وباقي أعضاء حركته لتركيا.
وشدد الوزير التركي على أهمية تسليم غولن، المقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية منذ عام 1999، الذي ينفي أي صلة له بمحاولة الانقلاب في تركيا.
وعبّر غل عن اعتقاده أن اتفاقية التعاون القضائي بين تركيا والولايات المتحدة ستتواصل بزخم خلال عهد وزير العدل الأميركي الجديد، خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب.
وأعرب غل عن ترحيب بلاده بالتحقيقات التي تجريها السلطات القضائية الأميركية مع الشخصيات والمؤسسات ذات الصلة بحركة «الخدمة» التي وصفها بـ«المنظمة الإرهابية»، وتطلعها إلى التعمق في التحقيقات التي قال إنها ستكشف الوجه الحقيقي لـ«المنظمة».
ومؤخراً، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وعد بالبحث في مسألة تسليم غولن، لكن البيت الأبيض نفى أن يكون ترمب قدم وعداً بتسليم غولن، وإنما أشار إلى أنه سيتم التحقيق بشأن حركة «الخدمة» في أميركا، وإذا قدمت أنقرة أدلة دامغة على تورط غولن في حركة «الخدمة»، قد يتم النظر في مسألة تسليمه. ورفضت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما التدخل في القضية كونها خاضعة للقضاء، وهو الموقف نفسه الذي تبنته إدارة ترمب.
وفي سياق متصل، ألقت قوات الشرطة التركية، أمس، القبض على 6 من عناصر القوات الجوية يشتبه في ارتباطهم مع حركة غولن في أنحاء متفرقة من البلاد، وذلك بموجب مذكرات توقيف أصدرتها النيابة العامة في أنقرة بحق 9 من عناصر هذه القوات، بينهم 5 لا يزالون في الخدمة، فيما كان قد تم طرد الأربعة الآخرين منها. وتواصل الشرطة عملياتها للقبض على الثلاثة الباقين.
وفي غضون ذلك، اتهمت السلطات التركية الطيار السابق في الخطوط الجوية التركية، باريش يورتسفان، بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي مسلح»، في إشارة إلى حركة «الخدمة» التابعة لغولن، رغم أنه قام بنقل الرئيس رجب طيب إردوغان من مدينة موغلا (جنوب غربي تركيا) إلى مطار أتاتورك في إسطنبول ليلة المحاولة الانقلابية. وذكرت وسائل إعلام تركية أن الاتهام الجديد جاء بعد فصل يورتسفان من عمله في الخطوط الجوية التركية في فبراير (شباط) 2017، ليلتحق بشركة طيران خاصة، حيث طلبت الشركة الجديدة منه تقديم شهادة بعدم وجود أحكام قضائية أو أوامر اعتقال بحقه للتأكد من الحالة الجنائية الخاصة به، وبعد أن تقدم بطلب إلى النيابة للحصول على الشهادة، ردت عليه بأنه مطلوب في تحقيقاتها بتهمة التورط في محاولة الانقلاب بسبب استخدامه تطبيق «بايلوك» الذي يزعم أنه استخدم من جانب الانقلابيين للتواصل فيما بينهم، وأن النيابة أقامت دعوى قضائية ضده بتهمة الانتماء إلى حركة «الخدمة».
وتنفذ السلطات التركية «حملة تطهير» واسعة في مؤسسات الدولة أسفرت عن سجن نحو 80 ألفاً، وفصل أكثر من 175 ألفاً من عملهم، بدعوى الانتماء إلى حركة غولن. وتثير هذه الحملة انتقادات حادة لتركيا من جانب الغرب والمنظمات الحقوقية الدولية التي رأت أن السلطات استخدمت محاولة الانقلاب كذريعة للتخلص من جميع معارضي الرئيس رجب طيب إردوغان، حيث لم تقتصر على من يزعم ارتباطهم بغولن فقط، وإنما شملت أطيافاً واسعة من المعارضين له.
وتقول المعارضة التركية إن محاولة الانقلاب الفاشلة ليست إلا «حادثة مفتعلة» من جانب إردوغان لاستخدامها كذريعة لسحق معارضيه، وتكريس حكم الرجل الواحد في البلاد، لكن الحكومة التركية تقول إن هذه الحملة مطلوبة من أجل إبعاد أي خطر على أمن البلاد.
بالتوازي، طالبت منظمة «مراسلون بلا حدود» الحكومة التركية بعدم إعاقة عمل المراسلين الأجانب داخل الأراضي التركية، ومنحهم تصاريح معتمدة لممارسة أعمالهم. وقال الرئيس التنفيذي للمنظمة، كريستيان مير، في بيان، إن «السلطات التركية يجب أن تعمل، وبلا إبطاء، من أجل تمكين المراسلين الأجانب في تركيا من العمل بحرية».
وجاء ذلك على خلفية عدم السماح لعدد من الصحافيين الأجانب بحضور مؤتمر صحافي لوزير الخزانة والمالية التركي بيرات البيرق، ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جيركي كاتاينين، أول من أمس، بدعوى أنهم لم يحصلوا بعد على البطاقة الصحافية للعام الجديد (2019).
ولم يتمكن كثير من المراسلين الأجانب في تركيا من الحصول على بطاقاتهم الصحافية الجديدة، بعد شهرين من انتهاء صلاحية البطاقات القديمة. وتعتبر هذه البطاقات ترخيصاً بالعمل داخل تركيا، كما تعتبر أيضاً أساساً لاستخراج تصريح الإقامة فيها. ومن دون هذه الأوراق، يمكن أن يتعرض الصحافيون للتهديد بالطرد خارج البلاد خلال أسابيع عدة. كما ينتاب المراسلون القلق على أمنهم من دون أوراق سارية، كأن يتعرضون للمساءلة خلال السفر، أو عند مراجعة الشرطة لاستخراج أوراق في المناسبات المختلفة.
ويعزو ممثلو الحكومة التركية التأخير في إصدار هذه الأوراق إلى التحديات التي طرأت بعد تعديل نظام الدولة من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، عقب انتخابات 24 يونيو (حزيران) 2018.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».