تجدد الاضطرابات في بلدة «سيد صادق» الكردية

نيجيرفان بارزاني يوفد وزيرين لبحث مطالب المتظاهرين

ارشيفية «سيد صادق»
ارشيفية «سيد صادق»
TT

تجدد الاضطرابات في بلدة «سيد صادق» الكردية

ارشيفية «سيد صادق»
ارشيفية «سيد صادق»

لليوم الرابع على التوالي تواصلت أمس المظاهرات الشعبية في بلدة «سيد صادق» التابعة لمحافظة السليمانية احتجاجا على سوء الأوضاع الخدمية. وخرج المئات من طلبة المدارس صباح أمس في مظاهرة أمام مديرية تربية البلدة مطالبين بتأجيل الامتحانات النصف السنوية، ثم رفعوا سقف مطالبهم بطلب استقالة مدير تربية القضاء، وإنشاء معهد وجامعة في البلدة.
وكان سقف المطالب قد توقف في وقت متأخر من مساء أول من أمس عند طلب استقالة قائمقام القضاء ومدير البلدية بحجة تقصيرهما في الواجب وعدم توفقهما في إنجاز المشاريع الخدمية، بالإضافة إلى الوضع السيئ للخدمات الأساسية كالصرف الصحي ومد الطرق وتبليط الشوارع الداخلية، لكن يبدو أن أهالي البلدة استغلوا مخاوف السلطة من امتداد الاحتجاجات إلى المناطق الأخرى لفرض المزيد من الشروط، منها إعفاء مدير التربية واستقالة رئيس مجلس القضاء وانسحاب ممثل القضاء من مجلس إدارة المحافظة.
ويرى الكاتب والناشط السياسي الكردي نزار محمد أن «الاحتجاجات الحالية ستكون لها تأثيرات على بقية المناطق التي تعاني من سوء الخدمات وقد تمتد في المراحل المقبلة إلى المدن الكبرى». ويضيف محمد في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «إن الأطراف، وأقصد بها الأقضية والنواحي سيكون لها الدور الريادي بالتغيير، كما حصل بالنسبة لمدينة رانية الحدودية التي كانت أول بلدة كردية تنتفض ضد النظام البعثي في ربيع عام 1991، وتلتها البلدات والمدن الأخرى وصولا إلى مراكز محافظات السليمانية وأربيل ودهوك، وعليه فإن المظاهرات الاحتجاجية الحالية من الممكن أن تمتد إلى مناطق أخرى بما فيها المحافظات الكبرى، لأن الواقع الخدمي سيء للغاية وأن المشاريع الإنمائية المنجزة حاليا لا تتناسب بتاتا مع الأموال الهائلة التي تتدفق على الإقليم».
يذكر أن حصيلة الاضطرابات والمواجهات بين المواطنين وأجهزة الشرطة وصلت أمس إلى 120 جريحا بالإضافة إلى مقتل الشاب بريار حسن، والحصيلة آخذة بالازدياد بعد لجوء الشرطة إلى استخدام الغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه الحارة ضد المتظاهرين.
ورغم أن محافظ السليمانية وصل مساء أول من أمس إلى البلدة للتفاوض مع المتظاهرين وتوصل معهم إلى اتفاق يقضي بتلبية جميع مطالبهم، فإن الاحتجاجات استمرت أمس، مما استدعى الإسراع بإرسال وفد الحكومة الذي أمر بتشكيله نيجيرفان بارزاني، رئيس الحكومة، من وزيري البلديات، دلشاد شهاب، والإعمار والإسكان، كامران أحمد، ومحافظ السليمانية، الذين وصلوا إلى القضاء عصر أمس وأجروا لقاءات مع قادة المتظاهرين.
وكانت حكومة الإقليم قد أصدرت بيانا أعربت فيه عن مواساتها بمقتل الشاب الكردي ودعت إلى عدم اللجوء إلى العنف وإلى طرح المطالب بشكل سلمي ومدني»، مؤكدة» أن الحكومة تؤيد جميع المطالب المشروعة لسكان البلدة، وأنها قررت إيفاد وزيري البلديات والإعمار من أجل معاينة الأوضاع وتأشير احتياجات البلدة من المشاريع الخدمية واستكمال المشروعات المتوقفة». وشددت الحكومة في بيانها على السلطات الأمنية بعدم اللجوء إلى القوة وضرورة حماية المواطنين والمراكز الحكومية سواء بسواء.
في غضون ذلك طلبت منظمة العفو الدولية من حكومة الإقليم إعطاء التوضيحات حول أسباب استخدام العنف ضد المواطنين المدنيين بالبلدة وخصوصا إطلاق النار، مؤكدة أنها «تراقب عن كثب تطورات الوضع في البلدة».



كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
TT

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمنعه من التفلُّت من مسؤوليته بتوفير الأجواء السياسية المواتية لتطبيق مضمون هذا النداء، بعد أن كان قد التزم بمضامينه، لينقلب عليه لاحقاً بذريعة أن مجرد التلازم في وقف إطلاق النار ليشمل جبهتي جنوب لبنان وغزة يتيح لـ«حزب الله» تبرير مساندته لـ«حماس»، على نحو يرتد عليه سلباً، ويتسبّب له بإشكالات داخل حكومته المناوئة بأكثريتها للربط بين الجبهتين، فيما يلقى فصل الجبهتين معارضة من «حزب الله»، كونه يشكل له إحراجاً أمام بيئته بعدم الجدوى من انخراطه في إسناد غزة، وما ترتب عليه من أكلاف باهظة كان في غنى عنها.

«فيتوات» متبادلة بين إسرائيل والحزب

لكن صدور النداء الأميركي - الفرنسي بصيغته الراهنة قوبل بتبادل «الفيتوات» بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي يتمسك بتطبيق التلازم بوقف إطلاق النار على جبهتي غزة والجنوب، بخلاف نتنياهو المعترض عليه، وهذا ينسجم مع ما طرحه الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، في مفاوضاته مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتفويض من قيادة «حزب الله» لتهدئة الوضع جنوباً ونزع فتيل التفجير ومنع توسعة الحرب.

وكان الرئيس بري يعد العدّة لاستئناف التفاوض مع هوكستين لاستكمال البحث بينهما في الورقة التي أعدها الأخير لتهدئة الوضع جنوباً، للبدء بالتفاوض غير المباشر والتوصل إلى وقف إطلاق النار على قاعدة تهيئة الأجواء لتطبيق القرار رقم (1701) كونه الناظم الدولي لتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الرئيس بري، الذي كان قد تواصل مع هوكستين فور صدور النداء، فوجئ، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بمبادرة نتنياهو إلى سحب تأييده له باعتراضه على التلازم بتطبيق وقف إطلاق النار على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، ومطالبته بعدم الربط بينهما بذريعة أنه يشكل انحيازاً لوجهة نظر «حزب الله» بإسناده لـ«حماس».

انقلب نتنياهو فألغى هوكستين زيارته

ويؤكد المصدر النيابي أن هوكستين كان يتحضر للعودة إلى بيروت لمواصلة البحث في الورقة التي أعدها لتطبيق القرار رقم (1701)، وسبق لبري أن سجّل ملاحظاته على بعض بنودها، لكنه عدل عن المجيء، بعد أن انقلب نتنياهو على موافقته المبدئية على ما ورد في النداء الذي يحظى أيضاً بتأييد إيران، انسجاماً مع توافقها والولايات المتحدة على استيعاب التأزم لمنع توسعة الحرب في الإقليم.

وينفي المصدر نفسه كل ما أُشيع عن أن هوكستين بحث في اتصاله ببري وجوب انسحاب الحزب إلى ما وراء جنوب الليطاني، ويقول إن الاتصال بينهما بقي في العموميات، ولم يتطرقا إلى أي تفصيل يتعلق بالورقة، طالما أن للبحث بينهما صلة.

ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع نتنياهو بتعديل موقفه بما يسمح بتعبيد الطريق لتنفيذ ما ورد في النداء؟ أم أن محاولته، وقد تكون الأخيرة، لن تلقى التجاوب المطلوب؟ وهذا ما يفتح الباب لسؤال آخر: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال أصر نتنياهو على المضي في اجتياحه الجوي للبلدات الجنوبية والبقاعية، وفي اغتياله لأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

فلدى الحزب، كما تقول أوساط مقربة منه، القدرات العسكرية والقتالية للتعويض عن تراجع حدة المواجهة في القطاع، كما يشيعه بعضهم، وتقول إنه جاهز لمواجهة كل الاحتمالات، وسيمضي في دفاعه عن النفس ضد العدوان الإسرائيلي، ولن يرضخ لضغوط نتنياهو النارية باستهدافه المدنيين من دون أن يستدرج لتوسيع الحرب، مع احتفاظه بحق الرد على تجاوز نتنياهو الخطوط الحمر باغتياله لأبرز قيادات الحزب العسكرية والميدانية.

مخزون «حزب الله» الصاروخي

لكن الأوساط نفسها لا تعلق على ما يتردد بأن القتال في غزة بدأ ينحسر، وأن القطاع تحوّل إلى جبهة مساندة، ما يجعل الحزب منفرداً في حربه مع إسرائيل، وأنه أصبح يختصر بنفسه وحدة الساحات بتراجع منسوب الانشغال الذي تتولاه أذرع محور الممانعة في المنطقة، كما تفضّل عدم التعليق على تحليلات سياسية تتحدث عن التفاوض بين طهران وواشنطن، وتتهم إيران بترك الحزب وحيداً، وتحمله القسط الأكبر في المواجهة، بذريعة أن لديها حسابات وأوراق سياسية لا تريد التصرف بها في غير أوانها، وتحتفظ بها لتحسين شروطها في المفاوضات.

وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن لدى الحزب مخزوناً صاروخياً، يعود له وحده استخدام الصواريخ الدقيقة منه في الوقت المناسب، وتقول إن استخدامه لصاروخ من نوع «قادر-1» لن يكون الأول والأخير، وأريد منه تمرير رسالة يجب أن يأخذها العدو على محمل الجد، بأن الحزب قادر على تجاوز ما بعد حيفا باستهدافه مواقع إسرائيل العسكرية والمخابراتية، وهذا ما أصاب إحدى قياداته الواقعة على تخوم تل أبيب.

متى تتدخل إيران؟

لذلك، هل يبقى الحزب وحيداً في المواجهة لتراجع وحدة الساحات كما يقول خصومه في الداخل والخارج؟ أم أنه لا يزال يراهن، تبعاً لحساباته، على تدخل إيران في الوقت المناسب في حال تمادت إسرائيل في عدوانها بما ينذر باندلاع حرب شاملة؟ وهذا ما أكده وزير خارجيتها عباس عرقجي بقوله إن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال قيام إسرائيل بتوسيع الحرب لتشمل الإقليم، مع أن طهران تتمهل لأسباب خاصة بها في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في عقر دار الحرس الثوري.

في المقابل فإن تل أبيب تواصل اجتياحها الجوي لتفريغ البلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت من سكانها، كونها مدرجة على بنك أهدافها، بغية تكبير أزمة النزوح بما يشكل إحراجاً للحزب أمام بيئته الحاضنة، والتحريض عليه بذريعة عدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية لمئات الألوف من النازحين، في ظل عدم استطاعة الدولة على تلبيتها كما يجب، وهذا ما يفسر إصرار إسرائيل على تحييد الطرقات الدولية والفرعية المؤدية إلى هذه القرى لتسهيل عملية النزوح منها.