رائعة جديدة للنحات المصري محمود مختار في المزاد للمرة الأولى

«التسوّل» كان هدية الفنان لأستاذه الفرنسي في 1930

عمل التسول لمحمود مختار من الأمام والخلف (سوذبيز)
عمل التسول لمحمود مختار من الأمام والخلف (سوذبيز)
TT

رائعة جديدة للنحات المصري محمود مختار في المزاد للمرة الأولى

عمل التسول لمحمود مختار من الأمام والخلف (سوذبيز)
عمل التسول لمحمود مختار من الأمام والخلف (سوذبيز)

لأعمال النحات المصري محمود مختار ألق خاص، فهي تختصر الكلمات في البرونز والحجر، أعماله تتحدث ببلاغة صامتة تصل لوجدان المتلقي متدفقة كمياه النيل.
ولا عجب أن المثال قد أُغرِم بالريف المصري وبالنيل والفلاحات والفلاحين. البديع في تصوير مختار لشخصياته هو الإباء والشموخ الذي تبدو عليه، وتنعكس عبر ملامح شخوصه رؤيته للشخصية المصرية الأصيلة.
الكثير كُتِب عن محمود مختار في زمنه وبعده، ولكن لا شيء يعادل رؤية أحد تماثيله في الواقع، وهو ما تعد دار «سوذبيز» عملاءها به في مزادها المقبل لفنون القرن العشرين في شهر أبريل (نيسان)، حيث تعرض للبيع تمثال «التسوُّل» لمختار، وهو إحدى نسختين معروفتين؛ إحداهما في متحف مختار بالقاهرة، حسبما يقول أشكان باغستاني المختص بالدار في قسم الفن العربي والإيراني والمسؤول عن المزاد.
يتحدث باغستاني بحماسة حول التمثال الذي أهداه مختار لأستاذه الفرنسي جول فيلكس كوتان في عام 1930، وظلّ في ملكية خاصة منذ ذلك الوقت. يشرح سبب حماسه بالقول إن تمثال «التسوُّل» مختلف عن نماذج أخرى من أعمال مختار ظهرت في السوق الفنية، ودارت في معظمها حول شخصية الفلاحة المصرية. يقول: «من هذا المنطلق يمكننا أن نرى أن التمثال نادر من نوعه؛ فهو يصوِّر شخصيات رجالية، كما أنه يحمل قدراً من اللمحة الكلاسيكية في النحت، ونرى في التعبير المنبعث من الشخوص الثلاثة هنا نوعاً من الوقار».
النقطة الأخرى التي يركز عليها الخبير هي منشأ التمثال وتاريخ ملكيته، إذ إن التمثال ظل بحوزة مالكه لم يظهر في السوق الفنية من قبل.
وحسب المعلومات المتوافرة عن التمثال، نعرف أن مختار نفَّذه في الفترة ما بين 1929 و1930 ويظهر فيه تأثر مختار بأعمال الفنان العالمي أوغست رودان، لا سيما عمل بعنوان «الظلال الثلاثة»، ولكن كما هو معهود، فإن ذلك التأثير يعجنه مختار مع عناصر من التراث المصري، فتظهر شخصيات المتسولين الثلاثة وكأنها خرجت من قلب المشهد الاجتماعي مباشرة.
الشخصيات التي تتنوع في أعمارها تعكس نوعاً من التضامن والمساندة، فهنا يد تمتد لتستند على كتف الآخر، وهناك رأس ينحني ليستند على كتف الآخر، ويبدو ذلك أيضاً في التواصل بين أكثر من جيل يمثلهم العمل.
يعلق باغستاني على أسلوب مختار في التعبير: «هناك دعوة للناظر لاستكشاف الأفكار التي تكمن خلف الأشكال الرمزية، ويمكننا أن نرى في الحقيقة أن الفنان أهدى هذا العمل لأستاذه، إشارة لانتقال العلم، وأهمية الاستناد إلى الآخرين، بحثاً عن الإرشاد والدعم».
يمثل العمل ثلاثة رجال يحملون السمات المصرية الأصيلة، ويرتدون الزي الفلاحي المكون من الجلابية والعمة. هناك الشاب في الوسط بملامحه القوية الشامخة من الوجنتين البارزتين إلى الفكّ والعنق. إلى يساره رجل مسنّ يرتكن إلى الشاب، ويضع رأسه على كتفه، ويعقد يده في ذراع الشاب. الشخص الثالث يحمل عصا، ويبدو أنه القائد الذي يتبعه الرجلان.
ويلاحظ أيضاً من التمثال أنه غير مصقول على طريقة تماثيل مختار الأخرى التي رأيناها في مزادات سابقة، بل على العكس يبدو السطح البرونزي مجعداً، ما يبعث في الذهن أسلوب المثَّال رودان.
ولعل أبلغ تعبير عن جماليات وخصائص أعمال مختار هو ما صاغه الناقد المصري صبحي الشاروني حيث قال: «في تماثيله للوجوه صدق لا يقف عند حد الملامح الخارجية، وإنما ينفذ إلى الأعماق، وتعبيرات تماثيله لا تتركز في وجوهها فقط، وإنما يتردد التعبير الذي يقصده في التمثال جميعه... فينبض بالرشاقة والحركة بفضل عنايته بالدقائق والتفاصيل... وهو يضفي على أعماله تعبيره الشخصي المميز الذي يتسم بالذكاء والحساسية والذوق الرفيع».
العمل قدَّرت له الدار سعراً يتراوح بين 80 ألفاً و120 ألف جنيه إسترليني، وسيُعرض ضمن مزاد «فنون القرن العشرين والشرق الأوسط»، يوم 30 أبريل بلندن.



مهرجان الرياض للمسرح ‬⁩يطلق دورته الثانية بـ20 عرضاً وتكريم السباعي

نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)
نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)
TT

مهرجان الرياض للمسرح ‬⁩يطلق دورته الثانية بـ20 عرضاً وتكريم السباعي

نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)
نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)

انطلق، الأحد، مهرجان الرياض للمسرح بدورته الثانية، ويستمر لاثني عشر يوماً من العروض المسرحية المتنوعة، ومنصة محورية لدعم المسرحيين السعوديين، واكتشاف وتطوير المواهب الناشئة، والاحتفاء بالأعمال المميزة.

وشهد حفل افتتاح الدورة الثانية من المهرجان تكريم شخصية هذا العام؛ وهو الأديب والصحافي والمؤرخ الراحل أحمد السباعي، الذي اشتُهر بلقب «أبو المسرح السعودي»، وجَرَت تسميته شخصية العام في المهرجان؛ تقديراً لإسهاماته في إدخال المسرح السعودية وتطوير الفنون في المملكة.

وقُدِّم على خشبة مسرح مركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بمدينة الرياض حيث يقام المهرجان، عرضٌ مسرحي يحكي انطلاقة المسرح في المملكة على يد الرائد أحمد السباعي، مطلع الستينات الميلادية من القرن العشرين.

والسباعي، المولود عام 1905، عمل، مطلع مشواره العملي، في قطاع التعليم، وشرع خلالها في الكتابة بصحيفة «صوت الحجاز»، التي تولّى رئاسة تحريرها لاحقاً، وأسس صحيفة «الندوة»، ثم مجلة «قريش» الأدبية.

ويسجَّل للسباعي أنه كان من أوائل الدائبين على إنشاء المسرح السعودي في بواكيره، وذلك في مطلع الستينات، واستقطب مدربين ذوي دراية وخبرة، للتمثيل من مصر، وجهز عرض الافتتاح، لكن محاولته لم تكلَّل بالنجاح وقتها، وتُوفي عام 1984. ‏

من حفل افتتاح المهرجان في دورته الثانية بالرياض (واس)

تطلعات طموحة للإبداع

تمثل الدورة الثانية للمهرجان امتداداً للنجاح الذي حققته الدورة الأولى، مع تطلعات طموحة لتقديم مزيد من الإبداع والتميز في السنوات المقبلة. يشارك، في نسخة هذا العام، 20 عرضاً سعودياً مع برنامج يشمل 3 ندوات، و6 ورش عمل، و20 قراءة نقدية، وتتوزع العروض المشارِكة على مسارين؛ أحدهما للمسرح المعاصر ويضم 11 عرضاً، والآخر للمسرح الاجتماعي ويضم 9 عروض.

وقال سلطان البازعي، الرئيس التنفيذي للهيئة، إن مهرجان الرياض للمسرح في دورته الثانية يمثل إنجازاً جديداً لمسيرة المسرح السعودي، وانطلاقة نحو آفاق مسرحية مشرقة. وأضاف: «يجسد المهرجان قيمنا المشتركة، ونهدف إلى أن يكون المسرح السعودي مسرحاً يعكس هويتنا وثقافتنا، في ظل دعم القيادة الرشيدة، ونسعى إلى تحقيق مزيد من النجاحات». وأفاد البازعي بأن المهرجان سيشهد مشاركة 20 عملاً مسرحياً في مسارين مختلفين، إضافة إلى 3 ندوات حوارية، و3 ورش عمل، و20 قراءة نقدية، خلال 10 أيام من الإبداع المسرحي في تجربة ثرية واستثنائية. من جهته، أشار الدكتور راشد الشمراني، مدير المهرجان، إلى أن مهرجان الرياض للمسرح يمثل خطوة نوعية لتعزيز مكانة المسرح في المشهد الثقافي السعودي، موضحاً أن المهرجان يهدف إلى اكتشاف الطاقات الإبداعية ودعمها، إلى جانب تطوير المحتوى المسرحي وتوسيع قاعدة الجمهور، بما يُعزز دور المسرح بوصفه منصة للحوار والتواصل الإنساني، ويسهم في بناء مجتمع واعٍ بفنون الأداء والمسرح. وخلال الحفل، جرى تكريم لجنة الفرز والمشاهدة في المهرجان التي كان لها دور بارز في الدورة الحالية، وضمت نخبة من الأسماء وهم: حمد الرميحي، وعبد الناصر الزاير، وعبد الله ملك، والدكتور عزيز خيون، والدكتور خالد أمين. ويشهد المهرجان عرض مسرحيات الفرق المتأهلة في مسابقة المهرجان، والقادمة من 8 مدن، بالإضافة إلى مجموعة من الفعاليات الثقافية؛ منها ندوات وقراءات نقدية وورشة عمل، كما سيقدم المهرجان عروضاً يومية متنوعة وثقافية تعكس التنوع والإبداع.