عشيرة «الشعيطات» بدير الزور تستغيث بعد قتل «داعش» أبناءها

فقدان 800 شاب.. وأكثر من مائة ألف نازح يمنعون من الوصول إلى الريف الغربي للمحافظة السورية

عشيرة «الشعيطات» بدير الزور تستغيث بعد قتل «داعش» أبناءها
TT

عشيرة «الشعيطات» بدير الزور تستغيث بعد قتل «داعش» أبناءها

عشيرة «الشعيطات» بدير الزور تستغيث بعد قتل «داعش» أبناءها

قال ناشطون سوريون إن سوريين ينتمون إلى عشيرة «الشعيطات» العربية يستغيثون بعدما سيطر تنظيم «الدولة الإسلامية» المعروف بـ«داعش» على ثلاث قرى، ويقترب من السيطرة على بلدة الكشكية بريف دير الزور الشرقي، آخر معاقل العشيرة. وتزامنت هذه التطورات مع احتجاز نحو مائة ألف نازح في قرى سيطر التنظيم عليها بعدما رفض التنظيم لجوءهم إلى الريف الغربي لدير الزور، فيما اتهمت مصادر في عشيرة «الشعيطات» أبناء عشائر عربية أخرى بالقتال في صفوف «داعش» ضدهم.
وأفاد ناشطون بأن ستة شبان من العشيرة قتلوا أمس في حي الصبعات في قرية غرانيج ذبحا على يد مقاتلي «داعش» الذين «مثلوا بجثث القتلى»، في حين ذكر «مكتب أخبار سوريا» أن 800 شاب ينتمون إلى قرى الكشكية وأبو حمام وغرانيج بريف دير الزور، باتوا في عداد المفقودين. وأكد أن تنظيم داعش، منذ نحو الأسبوع، «منع دخول المدنيين إليها أو الخروج منها»، وبالتالي فإن مصير العائلات فيها «ما زال مجهولا»، موضحا أنّ صورا ومقاطع مسجّلة يسرّبها ناشطون معارضون من قرى ريف دير الزور الخاضعة لسيطرة التنظيم تظهر «جثثا في الشوارع»، مما يدلّ على مدى عنف ممارسات تنظيم داعش في تلك المناطق.
تقدم مقاتلو «داعش» في مناطق سيطرة العشيرة التي خسرت مناطق كانت استعادتها مطلع الشهر الحالي. وأكد مصدر بارز في عشيرة الشعيطات لـ«الشرق الأوسط» أن «أكثر العشائر العربية في المحافظة خذلتنا في قتالنا ضد التنظيم الذي نفذ بحقنا أكثر من 50 حالة إعدام ذبحا»، متهما أبناء عشائر متخاصمة مع «الشعيطات» بـ«القتال في صفوف داعش لأسباب انتقامية وثأرية».
ويأتي اتهام بعض أبناء العشائر العربية في دير الزور بالقتال ضد عشيرة الشعيطات، بعدما تميز هؤلاء بموقف حيادي من الصراع بين العشيرة و«داعش»، وهو ما دفع شيخ عشيرة «الشعيطات» رافع عكلة إلى توجيه نداء مصور، حذر فيه القبائل والعشائر من ترك عشيرة الشعيطات بمفردها في مواجهة التنظيم الذي سيأتي على باقي العشائر والقضاء عليها واحدة تلو الأخرى، واصفا التنظيم المتشدد بـ«الروافض» كونهم «لا عهد لهم وشوهوا صورة الإسلام بممارساتهم اللاإنسانية».
وجاء النداء إثر استعادة التنظيم السيطرة على قرى الشعيطات الواقعة في الريف الشرقي للمحافظة، بعد أن كان قد انسحب منها أوائل الشهر الحالي جراء اندلاع المواجهات بين الطرفين. واستعاد التنظيم السيطرة على ثلاث قرى كان فر منها، هي قرية أبو حمام، والشويط والغرانيج في ريف دير الزور الشرقي، بينما ينفذ مقاتلو التنظيم حملات دهم واعتقال في قرية الكشكية، وهي المعقل الأخير لعشيرة الشعيطات.
وتدهور الوضع الإنساني في قرى يسكنها أفراد من عشيرة الشعيطات، مع تقدم «داعش» فيها، إذ نفذ التنظيم عمليات دهم واعتقال للمدارس والبيوت السكنية والتجمعات التي نزح إليها سكان قرى الشعيطات في الريف الشرقي. وقالت مصادر العشيرة لـ«الشرق الأوسط» إن مقاتلي «داعش» «نفذوا خلال اليومين الماضيين أكثر من خمسين حالة إعدام نحرا بحق رجال الشعيطات أمام عائلاتهم في قرية الكشكية التي نزحوا إليها، ولا يزال أكثر من 550 معتقلا مجهولي المصير».
ولفتت المصادر إلى أن الأهالي في مناطق سيطرة «داعش» «منعوا أكثر من مائة ألف نازح من عشيرة الشعيطات من الوصول إلى الريف الغربي لدير الزور، الخاضعة أيضا لسيطرة التنظيم»، مؤكدة أن مقاتلي «داعش» «استهدفوا الجرحى في مشفى هجين ومشفى (الطب الحديث) في مدينة (الميادين)، حيث ذُبِح جرحى، عرف منهم سبعة قتلى جميعهم من أبناء الشعيطات، وذلك بعد فتوى أصدرها شرعيو التنظيم بقتل كل من زاد عمره على 14 عاما من ذكور الشعيطات بوصفهم مرتدين وكفرة». كما لفتت المصادر إلى أن «أفراد التنظيم نفذوا عمليات سلب ونهب لبيوت قرية أبو حمام المعقل الأكبر للشعيطات بعد أن خلت من سكانها وتم تهديم الكثير من بيوتها». وفي ظل احتدام الصراع بين الطرفين، تروج وسائل إعلام مقربة من النظام السوري لأن الشعيطات تتلقى دعما من النظام، يتمثل في تدريب مقاتليها، غير أن ناشطين سوريين نفوا أن تكون عشائر الشعيطات تقاتل في صف النظام السوري ضد التنظيم، مؤكدين أن مقاتلي الشعيطات الآن «جاءوا من تجمع كتائب الجيش السوري الحر».
وأكد ناشط إعلامي من دير الزور يعمل في مركز «القورية الإعلامي» لـ«الشرق الأوسط» «عدم تعاون أي أحد من أبناء دير الزور مع النظام المرفوض من قبلهم بشكل مطلق»، مرجحا أن يكون التقرير الذي أعيد بثه أكثر من مرة «قد صوّر في أحد مقرات التدريب لدورة (أغرار) تدريبية لمجندين إجباريين تم سحبهم إلى الخدمة العسكرية». وأكد أن مساعدة الشعيطات في قتالها ضد «داعش» «جاءت فقط من قبل الجيش الحر الذي أرسل تعزيزات إلى دير الزور للقتال بصفوف الشعيطات».
وجاء النفي بعدما أكد ناشطون سوريون في دمشق أن الدعاء لأهالي عشيرة الشعيطات بالنصر ضد التنظيم تردد في خطبة الجمعة في الجامع الأموي يوم الجمعة الماضي. وتزامن مع تقرير تلفزيوني بثته قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» اللبناني من دير الزور، أظهرت فيه مقاتلين قيل إنهم في دير الزور ويجري تدريبهم على استخدام السلاح الخفيف لمواجهة خطر داعش الذي سيطر على أكثر مناطق حوض الفرات في سوريا.
وتستمر محاولات النظام السوري لتصوير عشيرة الشعيطات على أنها متحالفة معه في قتالها ضد تنظيم داعش، إذ أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن طائرات النظام ألقت مناشير ورقية على قرى في ريف دير الزور الشرقي، تضمنت «رسالة من الجيش العربي السوري إلى رجال العشائر الأبطال، الذين يشهد لهم التاريخ في وادي الفرات»، وكتب فيها: «لكم من جيشكم الاحترام والتقدير على ما أبديتم من بطولات ندعوكم لمتابعتها».
ووضع ناشطون هذا الترويج ضمن إطار «محاولة النظام استمالة عشائر وقبائل دير الزور وتصويرها بأنها تقاتل إلى جانبه»، و«استغلال حالة الصراع الناشبة بين عشيرة الشعيطات وتنظيم داعش لتصوير العدو بينهما مشتركا ويقاتلانه معا».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.