{ايباك} يدين سياسة نتنياهو في تشجيع «الإرهاب اليهودي»

انتقاد نادر انضم إليه غرينبلات وغانتس

حديث هامس بين نتنياهو وأحد وزرائه خلال اجتماع الحكومة أمس (رويترز)
حديث هامس بين نتنياهو وأحد وزرائه خلال اجتماع الحكومة أمس (رويترز)
TT

{ايباك} يدين سياسة نتنياهو في تشجيع «الإرهاب اليهودي»

حديث هامس بين نتنياهو وأحد وزرائه خلال اجتماع الحكومة أمس (رويترز)
حديث هامس بين نتنياهو وأحد وزرائه خلال اجتماع الحكومة أمس (رويترز)

في خطوة نادرة، أدان اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأميركية (إيباك)، سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في تشجيع قيام حزب «كهانا» العنصري، الذي يقوده مشبوهون، بعمليات إرهاب ضد الفلسطينيين، ووعده بضمه إلى ائتلافه الحكومي. وقالت «إيباك» في تغريدة على موقع «تويتر»، «لدينا سياسة طويلة الأمد لا نلتقي بموجبها بأعضاء في حركات عنصريّة تستحقّ النقد».
وقالت «إيباك» إن تنظيم «عظمة يهودية» المنحدر من حزب «كهانا» العنصري هو «حزب عنصري يستحق الشجب»، وإن رؤساء التنظيمات اليهودية الأميركية يرفضون الاجتماع مع أعضاء الحزب منذ سنوات طويلة.
وقد صدم هذا الموقف، نتنياهو ورفاقه في «الليكود»، حيث إن «إيباك» يضم جميع المنظمات اليهودية الأميركية غير اليسارية، وهو أكبر مجموعة ضغط (لوبي) في الولايات المتحدة، ويعتبر عنصر دعم أساسي لإسرائيل، يدافع عن حكوماتها أياً كانت، في الصراء والضراء. وهو يتجنب، عادة، إبداء معارضته لها حتى لو اختلف معها ويركز جهوده دائماً على تعزيز مكانة إسرائيل في الولايات المتحدة والعالم. ويقيم في كل سنة مؤتمراً ضخماً يضم 20 ألف مندوب يمثلون أغنى أغنياء اليهود وجميع المنظمات اليهودية اليمينية وممثلين عن المنظمات اليهودية في الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، ويتحول إلى مهرجان تأييد ضخم لإسرائيل بمشاركة أبرز قادتها. ويعتبر نتنياهو منصة مؤتمر «إيباك» مسرحاً عالمياً يتألق على خشبته في اجتراح التصفيق والوقوف احتراماً له.
وقد اضطر نتنياهو إلى الرد على انتقاد «إيباك»، من دون ذكر اسمها، فاعتبر النقد الموجه إليه «هجوماً يسارياً»، واتهم أصحابه بـ«النفاق وبازدواجية المعايير»، وقال إن «اليسار الإسرائيلي يندد بتشكيل كتلة مانعة يمينية في الوقت الذي يسعى إلى إدخال الإسلاميين المتطرفين إلى الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) لخلق كتلة مانعة». واستذكر نتنياهو في صفحته على شبكة «فيسبوك» أن رئيس الوزراء الأسبق إيهود براك شارك عام 1999 في مؤتمر انتخابي مع الشيخ المحرض رائد صلاح، مضيفاً أن ممثلي حزبي «العمل» و«ميرتس» صوتوا إلى جانب عزمي بشارة الذي تجسس لصالح «حزب الله»، ليحتل مقعداً نيابياً. وأضاف أن رئيس المعارضة سابقاً يتسحاق هرتسوغ سعى إلى التوصل إلى اتفاق على تقاسم فائض الأصوات مع القائمة المشتركة، واعتبر النواب العرب شركاء شرعيين في الحكومة.
بدوره، خرج حزب «عظمة يهودية» بحملة ضد منتقديه الذين يصمونه بالعنصرية والإرهاب، ودعا منظمة «إيباك» إلى عدم التدخل في انتخابات الكنيست، قائلاً: «أعضاء هذا اللوبي لا يعيشون في إسرائيل، ولا يدفعون ثمن الاعتداءات الإرهابية وسفك دماء مواطني الدولة». وذكر في بيان صادر عن الحزب أنه يجب على الناخب الإسرائيلي أن يعرف موقف «إيباك» الذي «ينبع فقط من رغبة هذه المنظمة في صعود اليسار في إسرائيل إلى الحكم». وقال إن «أعضاء (إيباك) يدعمون حكومة إسرائيلية تقوم بتسليم أراض وسلاح للعدو».
من جهة ثانية، قال رئيس حزب «أزرق أبيض»، بيني غانتس، إن انتقاد اللوبي الأميركي المؤيد لإسرائيل «إيباك» لرئيس الوزراء نتنياهو بسبب اضطلاعه بدور في الوحدة بين حزبي «البيت اليهودي» و«عظمة يهودية»، يثبت أنه تجاوز مرة أخرى حدوداً للقيم الأخلاقية بهدف البقاء السياسي في كرسي الحكم. واعتبر غانتس أن نتنياهو أساء إلى حد كبير إلى الهوية الإسرائيلية والقيم الأخلاقية والعلاقات المهمة مع الجالية اليهودية في الولايات المتحدة.
يُشار إلى أن مؤتمر «إيباك» سيلتئم هذه السنة في 24 مارس (آذار) المقبل، أي قبل أسبوعين من موعد الانتخابات الإسرائيلية القريبة. ومن المقرر أن يحضره نتنياهو ويلقي فيه خطاباً. ويرى المراقبون أن نتنياهو حدد موعد الانتخابات بشكل متعمد في هذا الموعد، حيث سيستغله للدعاية الانتخابية. وسيلتقي في الفترة نفسها مع الرئيس ترمب، الذي يسانده في المعركة الانتخابية. ومن المتوقع أن يظهر في المؤتمر قادة المعارضة الإسرائيلية، بمن فيهم منافس نتنياهو، غانتس، وحليفاه يائير لبيد وموشيه يعلون.
يذكر أنه، بالإضافة إلى «إيباك»، أصدرت «اللجنة اليهودية الأميركية» AJC))، أكبر المنظمات الدينية الأميركية، بياناً انتقدت فيه تصرف نتنياهو. وجاء فيه: «لا يعلق الكونغرس اليهودي الأميركي غالباً على شؤون تتعلق بالأحزاب والمرشحين الإسرائيليين في فترة الانتخابات، ولكن عند إعلان حزب (عوتسماه يهوديت) عن ترشحه للانتخابات، شعرنا أنه علينا أن نقول ما لدينا: إن وجهة نظر حزب (عوتسماه يهوديت) جديرة بالشجب. فهي لا تعكس القيم الأساسية التي أقيمت عليها دولة إسرائيل. على لجنة الانتخابات أن تقرر أصلاً إذا كانت ستسمح لحزب كهذا بالترشح للانتخابات».
كما انتقد ذلك المبعوث الأميركي الرسمي إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، وقال إنه «ينبغي ألا يكون هناك مكان للعنصرية والتعصب في إسرائيل أو أي ديمقراطية أخرى». وكتب في «تويتر»: «قبل 25 سنة قام أحد أعضاء حزب (كهانا)، غولدشتاين، بقتل 29 فلسطينياً وجرح 125 آخرين خلال هجوم مسلح على المصلين أمام قبر أبينا إبراهيم الخليل. إنني أصلي لكي يتصالح الشعبان تماماً، كما تصالح إسحق وإسماعيل قبل أن يقبرا والدهما في هذا المكان المقدس (الحرم الإبراهيمي)».
يذكر أن حركة «كهانا»، المعروفة باسم «كاخ»، تأسست في السبعينيات من القرن الماضي بقيادة الرباي مئير كهانا، وتعتبر حركة يمينية متطرفة تحمل شعارات فاشية، ودعت إلى تهجير العرب من البلاد (ترانسفير)، وإلى سن قوانين عنصرية ضدهم، كما سعت لتحويل إسرائيل إلى دول شريعة (يهودية)، وضم كل أرض فلسطين التاريخية إليها بادعاء أنها «أرض إسرائيل. وقد دخل (كهانا) إلى الكنيست، ولكن غالبية النواب قاطعوه، بمن فيهم إسحق شامير، رئيس (الليكود) الأسبق. ثم تم حظره وإخراجه عن القانون، وذلك بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل، التي نفذها الإرهابي والناشط في حركة (كاخ)، باروخ غولدشتاين. وفي سنة 2006 تأسس حزب (عظمة إسرائيل) امتداداً له، تحت قيادة عدد من نشطائه السابقين، الذين فتحت ضدهم عدة ملفات في الشرطة لاتهامهم بتخطيط وتنفيذ عمليات إرهاب ضد الفلسطينيين. وظل هذا الحزب منبوذاً على الصعيد العام. لكن نتنياهو، الذي يسعى لعمل أي شيء يضمن بقاءه في الحكم، عمل على منع سقوط هذا الحزب هذه المرة، وتوحيده مع الحزب اليميني المتطرف (البيت اليهودي)».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».