سجالات حول مخالفة إجراءات حزبية الدستور اللبناني

بعد إجبار وزراء «التيار» على توقيع استقالات مسبقة وتعليق «حزب الله» نشاط النائب الموسوي

الوزير جبران باسيل - النائب نواف الموسوي
الوزير جبران باسيل - النائب نواف الموسوي
TT

سجالات حول مخالفة إجراءات حزبية الدستور اللبناني

الوزير جبران باسيل - النائب نواف الموسوي
الوزير جبران باسيل - النائب نواف الموسوي

بعد طلب وزير الخارجية، رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، من الوزراء الممثلين لتياره في الحكومة التوقيع على استقالات خطية ووضعها بتصرفه، جاءت خطوة معاقبة «حزب الله» للنائب في كتلته نواف الموسوي، عبر تجميد أنشطته النيابية والسياسية والحزبية والإعلامية لمدة سنة كاملة.
هذه الإجراءات التي تعتبر الأولى من نوعها في لبنان، وإن وجد فيها البعض طريقة للمحاسبة لحث ممثلي الأحزاب على العمل أو التقيّد بقراراتها، فهي مخالفة للقانون والدستور، وتطرح علامة استفهام حول حق الحزب في مصادرة قرار الوزير أو عمل النائب، الذي يفترض أن يصبح بعد انتخابه نائباً عن الأمة وليس عن الحزب.
وفيما كان لافتاً إعلان «حزب الله» عن الإجراء المتخذ بحق الموسوي عبر الإعلام، وتحديداً عبر صحيفة محسوبة عليه ما يوحي بأنه إقرار منه لتأكيده، لم ينفِ «التيار» الاستقالات المسبقة؛ بل أكّدها مسؤولون فيه كان آخرهم النائب في «كتلة لبنان القوي» آلان عون، الذي أبدى تحفّظه عليها أيضاً، بقوله: «إن الهدف من توقيع الاستقالات كان جيداً، إنما طريقة الإخراج كانت خاطئة». وبرّر «التيار» هذه الخطوة بأنها تهدف إلى حث الوزراء على العمل الجدي، وتحقيق إنجازات في وزاراتهم، وليس مصادرة قرارهم، بينما رأى معارضوها أنها تجعل باسيل قادراً على استخدام سلاح الاستقالة الجماعية، والتحكّم بالتالي في مصير الحكومة.
وجاء قرار تجميد أنشطة الموسوي بعدما قال في جلسة مناقشة البيان الوزاري في البرلمان، إنه «شرف للبنانيين أن يصل رئيس الجمهورية ميشال عون ببندقية المقاومة، لا أن يصل مثل غيره على دبابة إسرائيلية»، وذلك رداً منه على انتقاد رئيس «حزب الكتائب» النائب سامي الجميل لما قاله باسيل عن دور «حزب الله» في إيصال الرئيس ميشال عون إلى سدة الرئاسة.
وبين معاقبة النائب والتوقيع المسبق على الاستقالة، مخالفة واضحة للقانون، اختارها «حزب الله» و«الوطني الحر»، لمحاسبة ممثليهم في الحكومة والبرلمان، بحسب ما يؤكد وزير العدل السابق إبراهيم نجار، ذلك أن الحسم في موضوع الاستقالة هو محصور بمجلس الوزراء ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، فيما لا يمكن لنائب منتخب من الشعب ليقوم بواجبه أن يغيب عن جلسات البرلمان لفترة طويلة.
ويوضح نجار لـ«الشرق الأوسط» أنه «قانونياً لا يحق اعتماد استقالات الوزراء المسبقة، والدستور ينص في المادة 69\2 بشكل واضح على أن إقالة أي وزير تكون بمرسوم يوقعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وبموافقة ثلثي مجلس الوزراء، وبالتالي أي استقالة لا تصبح نافذة إلا بإصدار هذا المرسوم». لذا يعتبر نجار أن هذه الاستقالات ذات مفعول سياسي أكثر منها قانوني، على غرار ما حصل في عام 2012، عندما تعرّض الوزير السابق شربل نحاس للضغط ودفعه للاستقالة من قبل «التيار الوطني الحر» ليعيّن آنذاك خلفاً له الوزير سليم جريصاتي.
ولا تختلف محاسبة النائب بمنعه من حضور جلسات البرلمان عن الاستقالات المسبقة، وتندرج أيضاً ضمن المخالفة للدستور، بحسب نجار.
ومع إشارته إلى أن «قرار محاسبة النائب الموسوي لاقى ردود فعل إيجابية من بعض فئات الشعب اللبناني، بعدما كان له موقف كاد يطيح بكل ما حقّقه اللبنانيون بعد الحرب وبالسلم الأهلي»، يؤكد وزير العدل السابق في الوقت عينه أن النائب بعد انتخابه من الشعب يصبح نائباً عن الأمة وفق ما ينص عليه الدستور، وليس نائباً عن حزب معيّن، وبالتالي عليه أن يقوم بواجباته ليحاسبه الشعب فيما بعد في الانتخابات النيابية التالية، وليس بالتغيب عن الجلسات.
لكن وعلى الرغم من أن النظام الداخلي لمجلس النواب، ينص على أنه لا يجوز للنائب التغيّب عن أكثر من جلستين في أي دورة من دورات المجلس العادية والاستثنائية، إلا بعذر مشروع مسبَق، فإن هذا الأمر يفتقد إلى إجراءات لمحاسبته، أو انتزاع صفة النيابة عنه، وهو ما وضعه نجار في خانة «الأفلاطونية السياسية»، إذ إن عدم حضور الموسوي الذي هو أيضاً أحد أعضاء لجنة الإدارة والعدل النيابية، إلى البرلمان طوال عام كامل، لا يحاسب عليه القانون. مع العلم أن هذا الأمر كان قد طرح وأخذ حيزاً واسعاً من السجال في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، الذي بقي منصبه شاغراً لنحو عامين ونصف عام، وكان الأفرقاء السياسيون يعمدون إلى اتخاذ قرار بغياب نواب الكتل عن الحضور ولجلسات متتالية، ما كان يؤدي إلى عدم اكتمال النصاب القانوني، وهو ما طرح حينها ضرورة إجراء بعض التعديلات على القانون لضبط العمل النيابي والتشريعي.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.