المنافسة تشتعل في تونس بين «حزب» نجل الرئيس و«حركة» رئيس الحكومة

TT

المنافسة تشتعل في تونس بين «حزب» نجل الرئيس و«حركة» رئيس الحكومة

يتنافس حزب النداء، الذي يقوده حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي، مع حركة «تحيا تونس»، الحزب السياسي الجديد الذي أسسه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، على ضم منذر الزنايدي وزير الصحة السابق في عهد بن علي لغايات انتخابية صرفة، كما يقول محللون سياسيون، على اعتبار أن عدداً كبيراً من الناخبين المحسوبين على النظام السابق لم يلتحقوا بعد بأي حزب من الأحزاب السياسية الكبيرة والمعروفة، وهو ما يجعلهم ورقة قد ترجح كفة المرشحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقرر إجراؤها نهاية السنة الحالية.
أمام هذه المنافسة المشتعلة بين الحزبين، عبّر المنذر الزنايدي عن استغرابه مما سماه «حرص وإصرار بعض الماكينات على تغذية الصراعات وتأجيج الخلافات، والتصدي لكل محاولات الإصلاح»، في إشارة إلى ما تم تداوله خلال اليومين الأخيرين حول انضمامه إلى حركة «نداء تونس»، التي يتزعمها حافظ قائد السبسي.
وفيما أعلن سليم العزابي، المنسق العام لحركة «تحيا تونس»، تقدم المشاورات مع عدد من الشخصيات الوطنية للانضمام إلى الحزب الجديد ودعمه، موضحاً أن أبرزهم وزير الصحة السابق في نظام بن علي، أكد حزب النداء تقدم مشاوراته مع الوزير المذكور نفسه لتولي الأمانة العامة للحزب، خلفاً لسليم الرياحي، رجل الأعمال الملاحق قضائياً، الذي استقال من منصبه. وفي حال موافقته سيتسلم الزنايدي قيادة الحزب في هذه المرحلة الحساسة، التي تسبق المؤتمر الانتخابي المقرر مبدئياً يومي 2 و3 من مارس (آذار) المقبل.
في السياق ذاته، أكد العزابي مدير الديوان الرئاسي المستقيل والمنسق العام للحزب الجديد، وجود مشاورات متقدمة مع عدد من الأحزاب السياسية القريبة من حزبه من الناحية السياسية والآيديولوجية، وخص بالذكر حركة «مشروع تونس»، التي يتزعمها محسن مرزوق الأمين العام السابق المستقيل من حزب النداء، وحزب المبادرة بزعامة كمال مرجان وزير الخارجية السابق في نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وحزب البديل الذي يقوده مهدي جمعة رئيس الحكومة السابق.
على صعيد متصل، اعتبر مراقبون للشأن السياسي المحلي أن استقالة سليم الرياحي، الموجود حالياً خارج تونس لأسباب قضائية، جاءت رد فعل على الوعود التي تلقاها الزنايدي بتسلم منصب الأمانة العامة بدلاً منه. وفي هذا الشأن قال خليل الحناشي، المحلل السياسي التونسي، إن استقالة الرياحي «لم تكن مفاجئة»، معتبراً أنه تعرض لعملية «تحايل سياسي كبرى»، انتهت بانصهار حزبه الاتحاد الوطني الحر مع حزب نداء تونس، بهدف إسقاط حكومة يوسف الشاهد، عبر تجميع أكثر ما يمكن من النواب، بمن فيهم نواب «الوطني الحر» في البرلمان. غير أن نجاة حكومة الشاهد من هذه «المؤامرة» أضعفت موقف سليم الرياحي، الذي ما زالت تلاحقه قضايا فساد مالي، كما أدت إلى انسلاخ نواب حزب الوطني الحر المنحل من الكتلة البرلمانية لحزب النداء.
وبخصوص موقف حزب النداء من استقالة سليم الرياحي، عبرت هيئته السياسية عن تثمينها للقرار الجريء والمسؤول، الذي اتخذه الرياحي، والمتمثل في استقالته من مهمة الأمانة العامة، مغلّباً بذلك المصلحة العليا للحزب والبلاد على مصالحه الشخصية، مع بقاء أبواب الحزب مفتوحة له، ولكل الراغبين في الالتحاق بصفوفه من الكفاءات والشخصيات الوطنية، وهو ما اعتبر موافقة نهائية على تلك الاستقالة المنتظرة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.