بعد الهواتف والساعات.. فرش أسنان وحفاضات ذكية للأطفال

مستشعرات ذكية تقدم بيانات صحية عنهم

جهاز رعاية ومراقبة  -  فرشاة أسنان ذكية  -  تطبيقات مراقبة للأطفال
جهاز رعاية ومراقبة - فرشاة أسنان ذكية - تطبيقات مراقبة للأطفال
TT

بعد الهواتف والساعات.. فرش أسنان وحفاضات ذكية للأطفال

جهاز رعاية ومراقبة  -  فرشاة أسنان ذكية  -  تطبيقات مراقبة للأطفال
جهاز رعاية ومراقبة - فرشاة أسنان ذكية - تطبيقات مراقبة للأطفال

خلال السنوات القليلة الماضية أصبحت المستشعرات، أو المجسات، صغيرة الحجم، ورخيصة الثمن بما يكفي لجعلها ترصد وتراقب كل الأشياء الممكنة. وهنالك الأنواع المألوفة الخاصة باللياقة البدنية، والساعات الذكية من شركات مثل «فتبت»، و«جوبون»، و«سامسونغ»، التي ترصد الإشارات والنشاطات الحيوية. لكن هذه ما هي إلا البداية، فهي قريبا، للأشخاص الذين يعيشون حياة صحية، ستزودنا بتحديثات وتجديدات تتعلق بالعائلة كلها، وبالمنزل كله، ابتداء من مغطس الحمام، وانتهاء بالمرأب.
«البيانات والمعلومات هي القوة بعينها»، كما تقول بيغي سميدلي مديرة تحرير مجلة «كونيكتيد وورلد»: «فإذا عرفت كيف تفسرها، يمكنك استغلالها لتحسين حياتك». وشركات مثل «غرش» قامت بتمويل مشاريع لتزويد فراشي الأسنان بجيروسكوبات ومقاييس حركة وتسارع، من شأنها أن تستشعر درجة ميلان الفرشاة وزاويتها، وسرعتها أثناء التنظيف، وإرسال كل ذلك إلى هاتف ذكي. وهنالك مشروع بالتعاون مع «غرش» لتمويل موقع «إندياغوغو» على الشبكة، حيث يمارس الصغار بفراشيهم لعبة على مرآة مركبة على الهاتف الذكي لمقاتلة وحوش، وإطلاق طائرات، أو الاعتناء بحيوان أليف وفرشاة فروتها، لكي يتعلم الطفل أساليب استخدام الفرشاة بشكل صحيح.
ويمكن تحميل النتائج بعد ذلك على السحاب، لكي يطلع طبيب الأسنان على مدى تقدم الطفل على هذا الصعيد، وبالتالي التوصية بأساليب إضافية لتحسين ذلك.
وتتيح هذه المجسات أيضا للآباء والأمهات استخدام هواتفهم الذكية للكشف على الأطفال الرضع، فعن طريق لف الجورب «أوليت سمارت سوك» على كاحل الطفل الرضيع، يمكن استخدام تطبيق لمراقبة حرارة الجسم، ومعدل ضربات القلب، ومستوى الأوكسجين في الدم، ونوعية النوم والتقلب في الفراش.
وتقوم الشركات حتى باستخدام المستشعرات لجمع معلومات صحية عن حفاضات الأطفال. قم بإلباس رضيعك حفاضا ذكيا من إنتاج «بيكسي ساينتفيك»، وحالما يتبلل، قم بمسح رقعة الرمز «كيو آر» لتقوم الكاشفات في الحفاض بالكشف عن أي عدوى نتيجة التبول، أو الجفاف الحاصل بفقدان السوائل، أو ما إذا كان هناك مشاكل في الكليتين. ويخضع مثل هذا الحفاض حاليا للتجارب والاختبارات، ولم تجر بعد الموافقة عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء (إف دي إيه) الأميركية. وبإمكان المجسات أيضا مساعدة كبار السن وأولئك الذين يعتنون بهم؛ فثمة ابتكار على صورة نظام استشعار يجري ابتلاعه، يدعى «بروتيوس ديجتال هيلث»، أقرته «إف دي إيه» يضمن أن المرضى قد تناولوا أدويتهم عن طريق مستشعر بحجم حبة الرمل يجري ابتلاعه معها.
ويتحد النحاس والمنغنيز الموجودان داخل المستشعر مع سوائل المعدة لإنتاج شحنة كهربائية يجري تعقبها بواسطة مستشعر خفيف الوزن يسجل ما في الجسم. ويجري إرسال البيانات بواسطة «بلوتوث» إلى هاتف ذكي، أو جهاز لوحي، ومن ثم إلى موقع أمين على الشبكة بغية مراقبتها من قبل مقدمي العناية الصحية، للتأكد من تناول الدواء فعلا.
ومن شأن المجسات أيضا مساعدة مقدمي العناية الصحية على معرفة ما يجري والاستجابة إلى ذلك، فيما يكون المرضى في حالهم. وتصنع شركة «غراند كاير سيستمس» وغيرها من الشركات أجهزة ترصد منزل المريض. فإذا قام هذا الأخير بمغادرة منزله في الساعة الثانية بعد منتصف الليل، أو فتح ثلاجته 15 مرة في الساعة الواحدة، يقوم المسؤول عن العناية الصحية بمهاتفة المريض، أو إرسال رسالة نصية له.
وحتى مصابيح الإضاءة تعد وسيلة لمراقبة الصحة، إذ يقول جورج ييني مهندس النظم في شركة «فيليبس»، إن المستشعرات الموضوعة على المصابيح يمكنها إخطار مقدم الرعاية بما إذا كان المريض قد أضاء المصباح، أو أطفأه بطريقة بعيدة عن المعتاد.
وينظر صانعو السيارات في استخدام المستشعرات لجعل الطرق أكثر أمانا؛ فشركة «فورد» على سبيل المثال، تختبر ما إذا كانت التقنية يمكنها استشعار ما إذا كان السائقون يغالبهم النعاس، وبالتالي عدم تشتيت تركيزهم وانتباههم عن طريق منع المكالمات الهاتفية الواردة إليهم.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً