الأزهر يتجه لحذف المسائل الخلافية والمثيرة للجدل من مناهجه الدراسية

مصادر لـ {الشرق الأوسط} : سنقضي على التشدد ونحصن الطلاب من الأفكار الشاذة

د. أحمد الطيب
د. أحمد الطيب
TT

الأزهر يتجه لحذف المسائل الخلافية والمثيرة للجدل من مناهجه الدراسية

د. أحمد الطيب
د. أحمد الطيب

كشفت مصادر مسؤولة في مشيخة الأزهر الشريف بالقاهرة، عن أن «الأزهر يتجه بقوة لحذف المسائل الخلافية المثيرة للجدل والخلاف من المناهج الدراسية بالمعاهد الأزهرية، والتي يدعي البعض أنها تدعو للإرهاب، للقضاء على الفكر المتشدد والمتطرف ولسد الذرائع أمام من يتطاولون على الأزهر في وسائل الإعلام». وقالت المصادر التي تحدثت مع «الشرق الأوسط»، إن «الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وجه لجنة تطوير التعليم في الأزهر بضرورة استبعاد المواد التي أثير الجدل حولها أخيرا، والتي يستند إليها البعض لشن هجوم على الأزهر».
في حين قال علماء في الأزهر، إن «تنقيح المناهج الدراسية في الصفوف الأولى في التعليم قبل الجامعي سيخلق صورة ذهنية جيدة عن الوسطية لدى الطلاب حتى لا يتم توجيههم لأعمال العنف والتشدد عند دخولهم الجامعة».
وترأس الدكتور الطيب أخيرا الاجتماع الدوري مع اللجنة العليا لإصلاح التعليم قبل الجامعي بالأزهر الشريف، وقد شكلت اللجنة في سبتمبر (أيلول) الماضي، برئاسة وكيل الأزهر الدكتور عباس شومان. وقالت المصادر المسؤولة، إن «اللجنة مهمتها تحديث المناهج وتنقيتها من بعض الافتراضات التي لم تعد تناسب العصر، وإدراج المشكلات المعاصرة في المناهج الدراسية، لتحصين الطلاب ضد الأفكار المعوجة والشاذة، بالإضافة إلى تخفيف العبء الدراسي عن الطلاب، مع المحافظة على التراث الإسلامي، وتقييده في ثوب معاصر يناسب الواقع ومشكلاته، ويثبت المعلومة في ذهن الطالب».
وتقدر الإحصائيات الرسمية عدد طلاب التعليم الأزهري قبل الجامعي بنحو أكثر من مليوني طالب في مقابل أكثر من 18 مليون طالب في التعليم العام قبل الجامعي، ويدرس الطلاب في هذه المعاهد إلى جانب المواد الشرعية واللغوية، المواد التي يدرسها نظراؤهم في التعليم العام، ويطلق عليها المواد الثقافية، كما يتم الطالب حفظ القرآن الكريم كاملا خلال المراحل التعليمية المختلفة.
ويشكو الكثير من الطلاب وأولياء الأمور من كثرة المواد وصعوبتها، الأمر الذي يدفع كثيرين إلى تحويل أبنائهم إلى التعليم العام.
وقالت المصادر المسؤولة في مشيخة الأزهر، إن «لجنة تطوير التعليم تُكثف جهودها لإنجاز الشكل النهائي لخارطة المناهج الجديدة التي أوشكت على الانتهاء»، لافتة إلى أن الخطة الجديدة تتضمن تطويرا شاملا لكل المناهج بما يواكب العصر دون ترك كتب التراث التي هي أساس الدراسة بالأزهر، بالإضافة إلى دمج بعض المواد العربية والشرعية مثل النحو والصرف والبلاغة والأدب والنصوص والمطالعة، وإعادة تأليف الكتب بأسلوب جديد يسهل على الطالب دراستها، وتخفيف بعض المناهج والنصوص.
وسبق أن دشن الأزهر الشريف بوابته الإلكترونية للرد على حملات الإساءة التي توجه للأزهر وشيخه، فضلا عن الآراء المتطرفة التي تدعو المصريين للعنف والتشدد، ويواصل الأزهر العمل لإطلاق قناته الجديدة لمواجهة الفكر المتطرف والمتشدد وفوضى الفضائيات.
ويواجه الأزهر الشريف حملة شرسة خلال الفترة الحالية في وسائل الإعلام ومن بعض المشايخ المنتسبين له، والتي تتهم علماء الأزهر بالضعف وكان آخرها إنكار عذاب القبر والإساءة لصحيح البخاري. وسبق أن طالب وزير الثقافة المصرية جابر عصفور الأزهر الشريف بإعادة فحص وتنقيح المناهج الأزهرية والكتب التي يتم تدريسها في الأزهر وكذلك بعض الكتب التي تحتوي على معلومات أثبت العلم الحديث عدم صحتها.
وانتقد أحد المفكرين على إحدى الفضائيات قبل يومين ويدعى أحمد عبده ماهر، المناهج التي يتم تدريسها لطلاب الأزهر الشريف، واصفا إياها بأنها تنشئ الإرهاب وعشوائية تفسد الشباب، مؤكدا أنها «تشجع الطالب على العنف والتطرف، وما نراه في الشارع سببه تلك المناهج».
وضرب ماهر المثل على ذلك بكتاب «الإقناع في حل ألفاظ بني شجاع»، حيث تحتوي على أحاديث لم تذكر في صحيح البخاري ومسلم، حيث نشرت حديث يمنع إقامة الكنائس على أراضي المسلمين وإمكانية هدمها إذا أقيمت، كما تجيز المناهج قتل المسلم إذا ترك الصلاة. كما تحدثت وسائل الإعلام أيضا عن أن المناهج أباحت أكل لحم الآدمي الميت.
لكن المصادر المسؤولة نفسها في مشيخة الأزهر نفت ذلك، وقالت: «يثار في وسائل الإعلام من بعض الأمور من بعض الطاعنين في مناهج الأزهر بقصد تشويهه دون فهمهم»، مشيرة إلى أنه في الأزهر يدرس الطالب في الفقه المسائل الخلافية وعادة ما تأتي فيها أقوال صحيحة وأقوال باطلة وضعيفة وشاذة، من أجل عرض جميع هذه الأقوال لدراستها وتفنيدها فقط وليس الأخذ بها. وأضافت المصادر، أن «من يتربص بالأزهر يأخذ الأقوال الشاذة والضعيفة في المناهج التي تدرس للطالب الأزهري ويروجونها على أنها هي الصحيحة وهي غير صحيحة».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.