أكراد سوريا يقدمون ثلاثة مطالب لتعويض الانسحاب الأميركي

إلهام أحمد تدعو من لندن عبر «الشرق الأوسط» إلى نشر مراقبين أوروبيين على حدود تركيا والمساعدة في محاربة «خلايا داعش»

مسلحون يغادرون مع عائلاتهم آخر جيوب «داعش» شرق الفرات (أ.ف.ب)
مسلحون يغادرون مع عائلاتهم آخر جيوب «داعش» شرق الفرات (أ.ف.ب)
TT

أكراد سوريا يقدمون ثلاثة مطالب لتعويض الانسحاب الأميركي

مسلحون يغادرون مع عائلاتهم آخر جيوب «داعش» شرق الفرات (أ.ف.ب)
مسلحون يغادرون مع عائلاتهم آخر جيوب «داعش» شرق الفرات (أ.ف.ب)

يسعى الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية للحصول على «دعم لوجيستي وحماية» من دول غربية لمحاكمة عناصر أجانب من «داعش» معتقلين لديها، إضافة إلى تقديم ثلاثة مطالب عامة لتعويض الانسحاب الأميركي بينها استمرار الحظر الجوي، ونشر مراقبين أوروبيين على الحدود التركية، ودعم عسكري لمحاربة الخلايا النائمة لـ«داعش» شرق سوريا.
لهذا، قامت رئيسة الهيئة التنفيذية في «مجلس سوريا الديمقراطية» إلهام أحمد، بجولة في باريس وواشنطن ولندن بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بالتزامن مع زيارة سياسية وعسكرية قام بها مسؤولون أميركيون إلى شرق سوريا.
وقالت أحمد لـ«الشرق الأوسط» في لندن، مساء أول أمس، إن زياراتها استهدفت عقد لقاءات مع «صناع القرار لمناقشة تطورات الوضع شمال شرقي سوريا والتهديدات التركية، إضافة إلى وضع الدواعش الأجانب بعد القضاء على (داعش)» جغرافياً، بحيث تجري المعارك الأخيرة في بلدة الباغوز، آخر جيوب التنظيم على الحدود السورية - العراقية.
ويتعلق الملف الأول، الذي تبحثه أحمد، بمصير نحو 800 - 900 عنصر أجنبي من «داعش» و4 آلاف عنصر من عائلاتهم ينتمون إلى 47 دولة، إذ إن «قوات سوريا الديمقراطية» اقترحت تسليمهم للدول الغربية، لكن إلى الآن ليس هناك جواب واضح، وهناك انقسام داخل الاتحاد الأوروبي أدى إلى عدم صدور موقف جماعي خلال اجتماع المجلس الوزاري الأخير.
ورفضت لندن استقبال «داعشية» موجودة في مخيم للنازحين شرق سوريا وسحبت جواز السفر منها، في حين ألمحت وزارة الداخلية الفنلندية إلى أنها لا يمكنها منع عودة «دواعشها» وهم 80 فرداً موجودون في سجون «قوات سوريا الديمقراطية». وأُعلن في هلسنكي، أمس: « وفقاً للقانون لا يمكن منع شخص يحمل الجنسية الفنلندية من العودة إلى فنلندا».
كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قد دعا دولاً أوروبية بينها ألمانيا وفرنسا، عبر موقع «تويتر»، إلى استعادة أكثر من 800 «داعشي» وتقديمهم إلى المحاكمة. وهدد ترمب بأنه في حال عدم استجابة الحلفاء، فإن الولايات المتحدة ستكون مضطرة إلى إطلاق سراح هؤلاء المقاتلين.
في برلين، استبعدت رئيسة حزب الخضر الألماني، أنالينا بيربوك، فرصاً لإقامة محكمة دولية خاصة لمحاكمة عناصر «داعش» المأسورين. وأشارت تقديرات سلطات الأمن الألمانية إلى أن عدد «الدواعش» الألمان نحو 40 عنصراً.
وقالت أحمد إن «قوات سوريا الديمقراطية» لم تتلقَّ «أي جواب» من الدول الغربية بعد، قائلة: «إذا لم يوافقوا على استلامهم، فإننا سنحتفظ بهم وسنكون بحاجة إلى دعم لوجيستي وقضائي للحفاظ على استقرار المنطقة».
ويُعتقد أن هدف الأكراد من هذا هو الحصول على دعم سياسي للمناطق التي يسيطرون عليها وتشكل ثلث مساحة الأراضي السورية (185 ألف كيلومتر مربع)، الأمر الذي لا تزال دول عدة ترفضه لأسباب تتعلق بالقانون الدولي لأن الحكومة السورية هي المعترف بها في الأمم المتحدة، إضافة إلى عدم رغبة عواصم أوروبية في إغضاب تركيا.
وكانت واشنطن وباريس قد بعثتا دبلوماسيين إلى مناطق شرق الفرات بعدما ظهر أن واشنطن بصدد البقاء في تلك المنطقة، غير أن قرار ترمب في ديسمبر (كانون الأول)، فاجأ دولاً في التحالف الدولي ضد «داعش» وتم سحب الدبلوماسيين.
ويتعلق الملف الثاني، الذي تحمله أحمد، بالانسحاب الأميركي من شرق سوريا. وحسب المعلومات، فإن واشنطن قررت الاحتفاظ بقاعدة التنف في زاوية الحدود السورية - العراقية - الأردنية وتقديم دعم عسكري إضافي من غرب العراق ونشر راجمات صواريخ متطورة، لكنها متمسكة بالانسحاب.
ونقل قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم كوباني (عبدي) إلى قائد القوات المركزية الأميركية جوزيف فوتيل خلال زيارته لشرق سوريا، المطالب بإبقاء واشنطن 1000 - 1500 عنصر أميركي. لكن الموقف الأميركي لا يزال أن الجيش سينفذ أوامر ترمب بالانسحاب. وقالت أحمد إنها طلبت خلال زيارتها لواشنطن ضرورة أن يكون الانسحاب «غير عشوائي وليس فورياً».
وخلال دردشة بينها وبين ترمب قبل أيام، أبلغها الرئيس الأميركي أنه «يحب الأكراد»، ووافق على طلبها توفير «الحماية» لهم، وبحث احتمال الحظر الجوي أو «المنطقة الأمنية» مع تركيا.
وتشكل «المنطقة الأمنية» الملف الثالث بالنسبة إلى أحمد، إذ إن واشنطن تبحث مع أنقرة موضوع إقامة «منطقة أمنية» بين جرابلس على نهر الفرات شمال حلب وفش خابور على نهر دجلة على حدود العراق.
ومن حيث المبدأ، هناك مداولات أن يكون عمق المنطقة بين 28 و32 كيلومتراً خالية من السلاح الثقيل والقواعد العسكرية. وتقترح أنقرة إخلاءها من سبعة آلاف من «وحدات حماية الشعب» الكردية، المكون الرئيسي في «قوات سوريا الديمقراطية». وتجري محادثات حول احتمال توفير أميركا حماية جوية واستخباراتية لهذه المنطقة مع مطالب من لندن وباريس بنشر قواتهما في هذه المنطقة.
من جهتها، طالبت أحمد بـ«حظر جوي شمال شرقي سوريا، وحماية الحدود بينها وبين تركيا، واستمرار الدعم من التحالف لمحاربة الخلايا النائمة لـ(داعش)» في شرق الفرات.
في المقابل، يطالب الجانب التركي بإخراج «الوحدات» الكردية من المنطقة الأمنية، ويرفض أن تكون هذه المنطقة الأمنية لـ«حماية الوحدات».
عليه، يترك الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خيارين مفتوحين: «المنطقة الأمنية» بالتوافق مع واشنطن، وتفعيل «اتفاق أضنة» برعاية روسية، الذي ينص على حرية الجيش التركي للتحرك بعمق خمسة كيلومترات لملاحقة الإرهابيين. ويتوقع أن يحافظ على هذين الخيارين إلى ما بعد الانتخابات المحلية الشهر المقبل. وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن الجانب التركي متمسك بأن يكون عمق التوغل التركي مشابهاً للعرض الأميركي، أي 30 كيلومتراً في شكل وسطي، لكن روسيا تتمسك بخمسة كيلومترات وتشترط استئناف العلاقات السياسية بين أنقرة ودمشق، الأمر الذي يرفضه الجانب التركي ويقول إنه مستعد لـ«تعاون أمني».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.