الأسد يعتمد نبرة تحدٍ: ما زال أمامنا 4 حروب

رفض الحوار مع المعارضة «خاصة العميلة للأميركي»

الرئيس بشار الأسد يتحدث إلى رؤساء الإدارات المحلية في سوريا أمس (أ.ف.ب)
الرئيس بشار الأسد يتحدث إلى رؤساء الإدارات المحلية في سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

الأسد يعتمد نبرة تحدٍ: ما زال أمامنا 4 حروب

الرئيس بشار الأسد يتحدث إلى رؤساء الإدارات المحلية في سوريا أمس (أ.ف.ب)
الرئيس بشار الأسد يتحدث إلى رؤساء الإدارات المحلية في سوريا أمس (أ.ف.ب)

بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الأزمة الخانقة للوقود والطاقة في سوريا، خرج رئيس النظام السوري ليرد على مناشدات الموالين لنظامه التدخل من أجل إيجاد حل، قائلا: «علينا ألا نعتقد أن الحرب انتهت» معتبرا في خطاب ألقاه يوم أمس الأحد أمام أعضاء المجالس المحلية الذين استقبلهم في قصر الشعب، أن «وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت بشكل ما في تردي الأوضاع في البلاد»، ولافتا إلى أن أمام السوريين أربع حروب أخرى: «الحرب الأولى عسكرية والثانية حرب الحصار والثالثة حرب الإنترنت والرابعة حرب الفاسدين».
وحول أزمة الغاز المتفاقمة يوما بعد آخر، أكد الأسد أن «ما حصل مؤخراً من تقصير بموضوع مادة الغاز هو عدم شفافية المؤسسات المعنية مع المواطنين». واعتبر أن «تحسن الوضع الميداني» سيكون «فرصة لنقلة نوعية في عمل الإدارة المحلية ستنعكس على جميع مناحي الحياة». ولفت الأسد إلى أن بعض الدول «التي دعمت الإرهاب» حاولت تسويق تطبيق اللامركزية الشاملة في سوريا لإضعاف سلطة الدولة، معتبرا أن «مخطط التقسيم ليس جديداً ولا يتوقف عند حدود الدولة السورية»، مؤكدا على أن «التعافي الكبير والاستقرار لن يكون إلا بالقضاء على آخر إرهابي، وأن أي شبر من سوريا سيحرر وأي متدخل ومحتل هو عدو».
وتعيش البلاد حزمة أزمات معيشية خانقة منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبدء فصل الشتاء، بدأت مع عدم توفر الغاز المنزلي وتبعها شح المازوت والبنزين، ترافقت مع زيادة عدد ساعات تقنين الكهرباء لتصل إلى عشر ساعات في اليوم في العديد من المناطق. وأدت هذه الأزمات إلى موجة جديدة في ارتفاع الأسعار فاقمها تراجع قيمة الليرة ليتراوح سعر الدولار الأميركي الواحد ما بين 520 و530 ليرة.
ما دفع العديد من الفنانين السوريين والشخصيات المعروفة إلى شن حملة مناشدة للرئيس الأسد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، للتدخل بشكل مباشر لإيجاد حلّ، إلا أن حملة مضادة شنت أيضا من قبل زملائهم وأعضاء في مجلس الشعب السوري تسخر منهم وتطالبهم بتحمل الأزمات كما سبق لهم وتحملوها عندما كانت القذائف تنهمر على دمشق، ولم يتأخر رئيس مجلس الشعب السوري عن اتهام حملات النقد للأداء الحكومي في وسائل التوصل الاجتماعي بأنها «تدار من الخارج».
وانتقد الأسد «انفعالات الانتهازيين الكاذبة التي يهدف صاحبها إلى حصد اللايكات» واصفا الحملات عبر الإنترنيت بـ«الحرب الثالثة» التي يواجهها السوريون لتأتي بعدها بالدرجة الرابعة «حرب الفاسدين» وحذر بشدة حيال الوضع الحالي لأن «الأعداء سيسعون إلى خلق الفوضى من داخل المجتمع السوري»، مؤكدا على «أن التحدي الأساسي هو تأمين المواد الأساسية للمواطن الذي تواجهه صعوبات يفرضها الحصار».
وشبّه ما أسماه «معركة الحصار» بالمعارك العسكرية «كر وفر»، مطالبا الإدارة المحلية بالقيام بدورها لأنه «مهما امتلكنا من الأمانة والنزاهة والقوانين الجيدة لا يمكن إدارتها مركزيا»، معترفا بأن بعض الأمور خارج إرادة النظام: «هناك قلة أخلاق وأنانية وفساد... وجزء من هذه الحقائق خارج إرادتنا جزئياً وليس كلياً». وحول موضوع الدستور المطروح حاليا في وسائل الإعلام بدفع روسي، قال الرئيس الأسد، بأن «الدستور غير خاضع للمساومة». واتهم من وصفهم بالدول «المعادية» بـ«عرقلة أي عملية، خاصة إذا كانت جدية، مثل سوتشي وآستانة»، مع الترحيب بدور الأمم المتحدة «إذا كان مستندا إلى ميثاقها».
ورفض الأسد الحوار مع المعارضة التي وسمها بالعمالة، وقال: «لا حوار بين طرف وطني وآخر عميل». وخص بالذكر «المجموعات العميلة للأميركي» في إشارة فيما يبدو للمقاتلين الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة في شمال البلاد. وتوجه إليهم بخطاب مباشر: «الأميركي لن يحميكم وستكونون أداة بيده للمقايضة»، مؤكدا أن «المتآمرين على سوريا، انتقلوا إلى المرحلة الثالثة، وهي تفعيل العميل التركي في المناطق الشمالية». وفيما يتعلق بملف عودة اللاجئين السوريين، اتهم الأسد الدول المعنية بملف اللاجئين بـ«عرقلة عودتهم»، وقال: «موضوع اللاجئين كان مصدراً للفساد استغله مسؤولو عدد من الدول الداعمة للإرهاب... وعودة المهجرين ستحرم هؤلاء من الفائدة السياسية والمادية»، كما أنهم يستخدمونه «لإدانة الدولة السورية». ودعا الأسد «كل من غادر الوطن بفعل الإرهاب»، للعودة والمساهمة في إعادة الإعمار.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».