حفتر يرفض عرضاً من السراج للتنسيق العسكري والأمني

الجيش الوطني يستعد في الجنوب لتأمين الحدود الليبية مع النيجر وتشاد والجزائر

TT

حفتر يرفض عرضاً من السراج للتنسيق العسكري والأمني

استغل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبي مرور ثماني سنوات على الانتفاضة الشعبية، التي دعمها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) عام 2011 للإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، لتوجيه دعوة ضمنية للمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني للتنسيق المشترك على الصعيدين الأمني والعسكري لمكافحة الإرهاب. وقال مجلس الحكومة، التي يترأسها فائز السراج، في بيان بهذه المناسبة، إن ما يرفضه هو استخدام الحرب على الإرهاب لتحقيق مكاسب سياسية، معتبرا أنه حريص على ألا يكون التحرك العسكري فردياً أو عشوائياً وغير محسوب بدقة وألا يأخذ في الاعتبار حساسية العلاقة بين المكونات الاجتماعية والثقافية.
وبعدما رأى المجلس أن «لا حل عسكرياً للأزمة»، قال إن «خيار الانتخابات يمثل رغبة شعبية عارمة وعلى الجميع الانصياع لإرادة الشعب وأن تتوقف محاولات إعادتنا للوراء بافتعال مكشوف وإصرار البعض على المد في عمر المرحلة الانتقالية». لكن العميد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم حفتر، قال في المقابل إن الخلافات مع حكومة السراج ما زالت قائمة بسبب إصرار الأخير على اعتبار نفسه القائد الأعلى لقوات الجيش الليبي، لافتاً إلى أن حفتر يرفض التبعية لهذه الحكومة غير المشروعة على حد تعبيره.
واعتبر أن الحديث عن توحيد المؤسسة العسكرية وفقاً للمفاوضات التي رعتها السلطات المصرية، مغلوط نظراً لغياب أي قوات عسكرية نظامية تابعة للجيش في العاصمة طرابلس، التي تسيطر عليها ميلشيات مسلحة.
وأضاف «وافقنا على خطة مصر نظراً لعلاقتنا الممتازة معها ولملمة ما يمكن من العسكريين خاصة في الجنوب، نحن نرى أن القائد الأعلى للجيش هو الرئيس المنتخب للبلاد، ونرفض غير ذلك». وأكد المسماري الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي عقده عقب ندوة مع شباب مدينة سبها، مساء أول من أمس في جنوب ليبيا، أن قوات الجيش الوطني تتأهب لمواصلة تحرير بقية المدن في الجنوب عقب تحرير سبها من قبضة الجماعات الإرهابية والعصابات التشادية، لافتا إلى أن هذه القوات تستهدف تأمين حدود ليبيا مع دول الجوار الجغرافي النيجر والجزائر وتشاد.
وقال «نتوقع انتهاء الاشتباكات حول حوض مرزق وأم الأرانب، بشكل جيد ومقبول وبعدها سننطلق لهذه الحدود للتواصل مع جيوش هذه الدول لتأمين هذه المنطقة». ووفقاً لما أعلنته شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الوطني، فقد انتشرت أمس قوات الدعم المركزي في سبها بمختلف الطرق العامة والمفترقات من خلال تمركزات أمنية لتأكيد استتباب الأمن داخل المدينة. وكان السراج أعلن في بيان أنه طلب من الجنرال توماس والدهاوسر قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم» الذي ناقش معه أول من أمس على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، عددا من الملفات في إطار التعاون الاستراتيجي، إمكانية زيادة وتوسيع نطاق التنسيق الأمني والعسكري مع الأجهزة العسكرية والأمنية الليبية.
ودعا السراج لأن يشمل التعاون دعم وبناء القدرات والتدريب، لافتاً إلى أنه طالب بإعداد برنامج تدريبي ميداني لوحدات عسكرية خاصة بالاستعانة بمدربين من «أفريكوم». ولدى اجتماعه أمس مع يانغ جيشي عضو المكتب السياسي باللجنة المركزية للحزب الحاكم في الصين يانغ جيشي، طالب السراج الصين بدعم طلب حكومته برفع جزئي للحظر عن السلاح لتمكين خفر السواحل وحرس الحدود وقوة مكافحة الإرهاب من أداء دورها الأمني والعسكري بكفاءة وفاعلية، كما طالب الصين من خلال عضويتها في مجلس الأمن بدعم الطلب الليبي بالسماح لليبيا بإدارة الأصول المجمدة للحد من الخسائر التي تلحق بتلك الأموال. بدوره قال المسؤول الصيني إن بلاده ترغب في العمل مع المجتمع الدولي للمساعدة في تحقيق السلام والاستقرار الدائمين في ليبيا. كما دعا المجلس الأعلى للدولة في طرابلس، إلى التعجيل بإنهاء المراحل الانتقالية والبدء في مرحلة دائمة ومستقرة يعمها السلام من خلال تنفيذ بنود اتفاق السلام المبرم نهاية عام 2015 في منتجع الصخيرات بالمغرب تحت رعاية الأم المتحدة. وطالب المجلس في بيان أمس بضرورة طرح مشروع الدستور على الشعب للتصويت عليه، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.
من جهتها، اكتفت الولايات المتحدة في بيان مقتضب للسفارة الأميركية لدى ليبيا بمناسبة ذكرى ثورة 17 فبراير (شباط)، بتأكيد التزامها بالوقوف إلى جانب جميع الليبيين الذين يعملون من أجل تحقيق مستقبل أكثر أمناً وازدهاراً في ليبيا، بينما رأى فرانك بيكر السفير البريطاني لدى ليبيا في تغريدة له عبر موقع «تويتر»، أنه يجب أن يتحِد الشعب الليبي معاً حتى يتحقق ازدهار واستقرار ليبيا اللذين ضحى من أجلهما شهداء الثورة.
إلى ذلك، دعا الرهائن التونسيون الـ14 المختطفون من مصفاة الزاوية أمس في مقطع فيديو مسرب، حكومة بلادهم بإطلاق سراح مواطن ليبي يدعى كمال الليجوجي، قالت مصادر تونسية إنه محتجز على خلفية قضية مخدرات.
وظهر الرهائن وهم يجلسون على أسرة في مكان لم تتضح معالمه لتأكيد أنهم بصحة جيدة. وكانت مديرية الزاوية التابعة لحكومة السراج أوضحت في بيان لها أن «سيارة مجهولة الهوية قامت باعتراض حافلة نقل العمالة التونسية أثناء مرورها من طريق المصفاة صباح الخميس الماضي عند الساعة الثامنة، واقتادتها لجهة مجهولة، وبعد التحريات وتكليف الدوريات الأمنية تم العثور على الحافلة واستجواب السائق». وقال محمد سيالة وزير الخارجية بحكومة السراج إن السلطات الأمنية الليبية توصلت إلى الجهة التي اختطفت العمال التونسيين، لافتاً إلى جهود تبذل للتعرف على مكان احتجازهم وتخليصهم في أقرب وقت.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.