مسؤولون فلسطينيون: طهران أكبر ممول للانقسام ونتصدى لها ولـ {الإخوان}

تلاسن بين «فتح» و«الجهاد» حول مكانة منظمة التحرير

TT

مسؤولون فلسطينيون: طهران أكبر ممول للانقسام ونتصدى لها ولـ {الإخوان}

تصاعد التلاسن الكلامي بين حركتي «فتح» و«الجهاد الإسلامي» على خلفية فشل التوقيع على البيان النهائي لحوارات موسكو التي جرت في العاصمة الروسية الأسبوع الماضي، واتهم خلالها مسؤولون في «فتح»، إيران ودولاً إقليمية بدعم مواقف حركتي «حماس» و«الجهاد»، بهدف استمرار الانقسام الفلسطيني.
وأعاد عضو اللجنتين؛ التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح عزام الأحمد، اتهام حركتي «الجهاد الإسلامي» و«حماس» بإفشال حوار موسكو. وأضاف الأحمد للتلفزيون الرسمي: «حماس أفشلت حوارات موسكو، بعد أن تم الاتفاق بين كل الفصائل وبموافقة ممثل الجهاد على شطب حركته من قائمة الحضور جراء اعتراضها على عدة بنود في البيان الختامي». وتابع: «بعد الاتفاق على صيغة أخرى للبيان عادت حماس لرفضها، فتوجهنا لعمل مؤتمر صحافي واعتذرنا لروسيا التي تبحث عن ورقة تخدم قضيتنا».
وكانت «الجهاد» رفضت التوقيع معترضة على اعتبار منظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، كما رفضت الموافقة على دولة على حدود 67، وقرار العودة 194 باعتباره يمثل اعترافاً بإسرائيل. واستغرب الأحمد موقف «الجهاد» و«حماس» إلى جانب الجبهتين الشعبية والقيادة العامة.
وأكد الأحمد وجود قرار من الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعدم عقد أي لقاءات مع حركة الجهاد الإسلامي قبل تراجعها عن موقفها واعترافها علناً بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وببرنامج المنظمة وحق العودة أولاً. وأضاف: «فتح لا تلتقي مع كل من يتطاول على منظمة التحرير».
وجاءت تصريحات الأحمد متزامنة مع بيان لحركة فتح تساءلت فيه عن السبب وراء تراجع «حماس» و«الجهاد» عن اتفاقيات سابقة وقعت عليها ومنها الوفاق الوطني، ولقاءات موسكو 2011، واتفاق القاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وغيرها من الاتفاقيات وتنص جميعها على أن منظمة التحرير الفلسطينية ممثل شرعي ووحيد للشعب. وقالت «فتح» إنه «يوجد مخطط مسبق من قبل حماس والجهاد لإفشال الجهود الروسية».
وفسر كلام فتح على أنه اتهام ضمني بوجود محرك خلف الفصيلين من أجل إفشال حوارات موسكو. وقال مسؤولون صراحة إنها إيران ودول إقليمية. واتهم الأحمد نفسه إيران بتمويل الانقسام الفلسطيني وقال إنها أكبر ممول له.
ونقل عن صائب عريقات كذلك وهو عضو اللجنتين التنفيذية والمركزية، طلبه من الفصائل الفلسطينية وقف الارتهان لإيران. قائلاً إن السلطة الآن تتصدى للتدخلات الإيرانية وتدخلات تركيا والإخوان المسلمين في فلسطين. ودعا عريقات الفصائل إلى العودة لحضن منظمة التحرير، مشدداً على أن رافضي الاعتراف بها لا ينتمون للمشروع الفلسطيني.
والهجوم الفتحاوي المركز على «حماس» و«الجهاد» ودول إقليمية بعد المس بمنظمة التحرير، قابله هجوم حمساوي ومن «الجهاد الإسلامي» ضد «فتح». وقال محمد الهندي، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، إن «الجهاد الإسلامي مع حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم وبيوتهم التي رُحلوا عنها، ولا التفاف على هذا الحق أو الانتقاص منه أو تحويله إلى مطالبة بعودة إلى دولة في حدود الأراضي المحتلة عام 1967».
وأضاف: «يشرف حركة الجهاد الإسلامي أن تتصدى للمؤامرات التي تتساوق مع صفقة القرن بحجة الحفاظ على المشروع الوطني المغدور»، مضيفاً: «بالنسبة لنا كل فلسطين من البحر إلى النهر هي لكل الفلسطينيين». وجدد إدانة حركة الجهاد «التخلي عن 80 في المائة من فلسطين بتوقيع اتفاق أوسلو وحل الدولتين الذي وصل إلى نهايته المأساوية وكان غطاءً للتهويد والاستيطان ومصادرة الأراضي وتقطيع أوصال الضفة الغربية».
وتابع الهندي: «التقيد بالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية بحجة إرضاء الأصدقاء طعنة في ظهر المشروع الوطني الفلسطيني». ودعا عضو المكتب السياسي للجهاد الإسلامي إلى إجراء انتخابات مجلس وطني جديد.
وقال مسؤول آخر في «الجهاد» إن حركته لن تطارد من أجل لقاء فتح أو الأحمد. وأضاف: «المنظمة التي هي على مقاس الأحمد لا تعترف بها الجهاد، وإنما بعد إعادة تفعيلها». وانضمت «حماس» للدفاع عن «الجهاد» والهجوم على «فتح». وقال عضو المكتب السياسي لـ«حماس» موسى أبو مرزوق، الأحد، إن روسيا غضبت من عدم إصدار الفصائل المشاركة في حوارات العاصمة موسكو بياناً ختامياً، محملين المسؤولية لعضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد.
وأوضح أبو مرزوق في تغريدة عبر حسابه في «تويتر»، أن الفصائل توافقت على بيان جيد وأُرسل للطباعة في السفارة الفلسطينية، وفوجئ الجميع بتوزيع للبيان وفيه تغير غير متفق عليه.
ورفضت «حماس» قرار حركة فتح، عدم حضور أي اجتماع تشارك فيه حركة الجهاد الإسلامي. وقال المتحدث باسم «حماس» حازم قاسم: «هذا القرار هو إصرار من قيادة فتح على التفرد والانعزال عن الكل الوطني».
وعقب عضو المجلس الثوري، المتحدث باسم حركة فتح أسامة القواسمي: «إنه من المعيب والمخجل ألا يعترف فلسطيني أياً كان انتماؤه السياسي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني». ووصف ذلك «بالتقاطع المريب مع أعداء الهوية الوطنية الفلسطينية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.