حصار تغريدات التطرف على «تويتر»

إجراءات لاكتشاف محتوى التحريض

صور لـ«تويتر» متداولة على الإنترنت (الشرق الأوسط)
صور لـ«تويتر» متداولة على الإنترنت (الشرق الأوسط)
TT

حصار تغريدات التطرف على «تويتر»

صور لـ«تويتر» متداولة على الإنترنت (الشرق الأوسط)
صور لـ«تويتر» متداولة على الإنترنت (الشرق الأوسط)

جهود مكثفة تبذلها منظمات وهيئات دولية لكشف خطابات التحريض والكراهية، خاصة ضد الإسلام والمسلمين، والمدسوسة في الفضاء الافتراضي لبعض مواقع التواصل الاجتماعي، من أبرز هذه الجهود أداة «التعلم الآلي» وهي أداة جديدة أثبتت فاعليتها في كشف هذه الخطابات المسيئة، خاصة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، وقد طورتها منظمة «حوار أفريقيا» في جنوب أفريقيا، لفهم واستيعاب خطورة الخطاب المتطرف. وقال باحثون وخبراء في الحركات الأصولية إن «هناك إجراءات لاكتشاف المحتوى المتطرف وحصار تغريدات الكراهية على الشبكات الاجتماعية، التي تعمل بشكل كبير على نشر كراهية الإسلام والمسلمين، وأيضاً كراهية الأجانب، ولذلك فإن سلطات الدولة تقوم بمحاولات لرقابة الإنترنت للحفاظ على السلام في الفضاء الإلكتروني».
ويؤكد الخبراء لـ«الشرق الأوسط» أن «التعليم الآلي» يتمكن من تصنيف ما إذا كان المحتوى معاديا للإسلام أم لا، وما إذا كان الخوف من الإسلام قوياً أم ضعيفاً. مرصد «الإسلاموفوبيا» التابع لدار الإفتاء المصرية، قال إن «التعلم الآلي» يسعى إلى فهم أفضل لمدى انتشار وخطورة الخطاب الذي يحرض على كراهية الإسلام والمسلمين على وسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً «تويتر»... ومثل هذا الخطاب يضر بالضحايا المسلمين، ويخلق شعوراً بالخوف بين المجتمعات المسلمة، وينتهك المبادئ الأساسية للعدالة، لذلك شرعت منظمة «حوار أفريقيا» بجنوب أفريقيا في إنشاء أداة تصنيف باستخدام «التعلم الآلي» الذي يكتشف تلقائياً ما إذا كانت التغريدات تحتوي على «الإسلاموفوبيا» أم لا.

عنف لفظي

وقال الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي مصر، إنه «تم تحقيق خطوات كبيرة في استخدام (التعلم الآل)» لتصنيف الكلام الذي يحض على الكراهية بشكل عام وبقوة وعلى نطاق واسع وفي الوقت المناسب... وعلى وجه الخصوص تم إحراز كثير من التقدم لتصنيف المحتوى استناداً إلى كونه أمراً يدعو إلى الكراهية أم لا».
لافتاً إلى أن من أهم مميزات أداة «التعلم الآلي» أنها ترصد درجات شدة خطاب الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، وهو يشمل سلسلة متصلة من الهجوم اللفظي، وتحقير المسلمين وإهانتهم والدعوة لتجاهلهم... ومن ثم رصد شدة خطاب الكراهية بدءاً من كيف يُنظر إلى المسلمين على أنهم «مختلفون»؟، إلى القول إنهم ليسوا أعضاء شرعيين في المجتمع؛ فهو يتراوح بين العنف اللفظي والدعوة إلى عزل المسلمين عن المجتمع؛ وبهذا تتمكن الأداة من تصنيف ما إذا كان المحتوى معاديا للإسلام أم لا، وما إذا كان الخوف من الإسلام قوياً أم ضعيفاً.
محاصرة تغريدات الكراهية في أفريقيا باتت مهمة، خاصة أن تنظيم القاعدة الإرهابي يستغل الأوضاع المتردية في دول القارة كي يتغلغل وينتشر بين المجتمعات، كما أسس كثيرا من الخلايا النائمة في دول أخرى بشمال أفريقيا وجنوب الصحراء. وأعلن «تويتر» في نهاية 2017 عن قواعد جديدة صارمة لمراقبة المحتوى المنشور عليه، للتقليل من كمية السلوك المسيء والمثير للكراهية... وقرر حينها وقف حسابات الذين يرتبطون بمجموعات تحتفي بالعنف أو تستخدمه لتحقيق أهدافها بشكل دائم، وأخفى الرسوم التي تحض على الكراهية.
وعرف «تويتر» رسومات الكراهية على أنها «الشعارات، والرموز، والصور، التي تهدف لإثارة العداوات والكراهية على أسس عرقية أو دينية أو النوع أو على أساس التوجه الجنسي أو الأصل القومي».
ومحا «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«تويتر» في نهاية 2017 أي محتوى يحض على الكراهية في الفضاء الإلكتروني، للحد من انتشار الإرهاب ووقف الهجمات الإرهابية التي انتشرت في أوروبا... وبلغت نسبة محو «فيسبوك» لرسائل الكراهية بنحو 30 في المائة، و«يوتيوب» بنحو 26 في المائة، أما «تويتر» فجاء بنسبة 31.5 في المائة.

استخدام آمن

وأشار مرصد «الإسلاموفوبيا» في مصر في تقرير له إلى أن أداة «التعلم الآلي» عرّفت خطاب الكراهية المعادي للإسلام بأنه «أي محتوى يتم إنتاجه أو مشاركته يعبر عن السلبية ضد الإسلام أو المسلمين»... وبموجب هذا التعريف، فإن «الإسلاموفوبيا» القوية تتضمن عبارات مثل «كل المسلمين برابرة»، في حين أن كراهية الإسلام الضعيفة تتضمن تعبيرات أقل حدة، مثل «المسلمون يأكلون طعاماً غريباً». لافتاً إلى أن القدرة على التمييز بين كراهية الإسلام الضعيفة والقوية لن تساعد فقط على كشف الكراهية وإزالتها بشكل أفضل؛ لكن أيضاً تُمكن من فهم ديناميات كراهية الإسلام، والتحقيق في عمليات التطرف، حين يصبح الشخص أكثر فأكثر معاديا للإسلام، وتقديم دعم أفضل للضحايا.
وأكد مرصد «الإسلاموفوبيا» أن كشف خطاب الكراهية ضد الإسلام يمثل تحدياً حقيقياً وملحاً للحكومات وشركات التكنولوجيا والأكاديميين، وللأسف، فإن هذه المشكلة لن تختفي ولا توجد حلول بسيطة؛ لكن إذا كانت هناك رغبة جادة في إزالة خطاب الكراهية والتطرف من الفضاءات على الإنترنت، وجعل منصات التواصل الاجتماعي آمنة لجميع الذين يستخدمونها، فعندئذ نحتاج إلى البدء بالأدوات المناسبة... وتوضح أداة «التعلم الآلي» الجديدة أنه من الممكن تماماً إنشاء هذه الأدوات ليس فقط لاكتشاف المحتوى البغيض تلقائياً فحسب؛ بل أيضاً بطريقة دقيقة.
من جانبه، قال الدكتور خالد الزعفراني، الخبير في الحركات الأصولية، إن «رسائل الكراهية على الشبكات الاجتماعية، تعمل بشكل كبير على نشر كراهية الإسلام، وأيضاً على كراهية الأجانب».
بينما أشار الدكتور محمد الضويني، عضو مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية، إلى «ضرورة القضاء على أسباب التطرف من خلال قصر العمل الدعوي على المتخصصين، والتواصل مع الشباب، وفتح أبواب الحوار معهم لحمايتهم من الوقوع في براثن الجماعات المتطرفة، والتحصين المبكر للأطفال والناشئة، والرد على شبهات الجماعات المتطرفة».

توسعات «القاعدة»

وعن نشاط «القاعدة» في أفريقيا على حساب «داعش» مما يزيد خطاب الكراهية، أكد مراقبون أن تنظيم القاعدة يحاول الاستفادة القصوى من تراجع «داعش» واندحاره، من خلال تثبيت أقدامه في شمال أفريقيا والقرن الأفريقي... ففي حين تفكك «داعش» وانحسر تأثيره في المنطقة، أقدم «القاعدة» على دمج كل من جماعة «أنصار الدين»، وجبهة «تحرير ماسينا»، و«إمارة منطقة الصحراء الكبرى»، وتنظيم «المرابطين» في جماعة هي «نصرة الإسلام والمسلمين» على يد إياد حاج غالي، الذي قدم البيعة لأيمن الظواهري.
وقال الدكتور إبراهيم نجم، إن «القاعدة» يسعى لبسط نفوذه في مناطق أفريقيا جنوب الصحراء وفق استراتيجية تستند إلى سعي التنظيم للتوسع في تحالفاته مع الجماعات المختلفة في المنطقة، والتي تنتهج آيديولوجيته وتتلاقى معه في المصالح والأهداف. مضيفاً: هدف تنظيم القاعدة أيضاً الضرب على وتر العرقية، حيث يحرص على الاحتفاظ بظهير عرقي يمثل مصدراً رئيسياً للعناصر الإرهابية التي يمكن أن تنضم إليه، كي يتخطى الخسائر التي يتعرض لها بسبب العمليات العسكرية ضده؛ مما يشكل تهديدات خطيرة لأمن واستقرار دول منطقة الساحل والصحراء، مما يضفي على الهجمات التي يشنها التنظيم طابعاً عرقياً... فضلاً عن أن التنظيم يحاول أن يرد على الهجمات التي تشن ضده بأساليب مختلفة وسريعة، خشية أن يؤثر عدم الرد على تماسكه الداخلي وإضعاف قدرته على التوسع في المنطقة، مما يدفعه إلى الاستعانة بأساليب منافسه اللدود (أي «داعش») باستخدام العمليات الانتحارية والدفع بالنساء لتفجير أنفسهن في الأسواق والتجمعات البشرية لزيادة الخسائر البشرية والمادية. بالإضافة إلى الاعتماد على الشباب، ومعظمهم غير معروفين ولديهم مهارة قتالية عالية، كما أن معظمهم من قاطني الصحراء، إضافة إلى أن تنظيم القاعدة يستعين بعناصره من الشباب للقيام بمهام «الذئاب المنفردة».

«الشباب» و«داعش»

في السياق نفسه، أكدت دراسة لدار الإفتاء المصرية أن «الصراع ما زال محتدماً بين تنظيمي القاعدة وداعش، وأنه في إطار هذا الصراع الدامي، تعهدت حركة الشباب الصومالية التابعة للقاعدة بمحو (داعش)، متهمة إياه بإثارة المشكلات (لبقية المجاهدين). ووصفت حركة الشباب مسلحي (داعش) مؤخراً بـ(السرطان) و(المرض المميت)، وأنها سوف تلاحق أي شخص على صلة بـ(داعش)».
وقالت في بيان أخير لها: «ما يطلق عليهم أعضاء (داعش) في الصومال أثاروا اضطرابات ومشكلات عدة لبقية المجاهدين - على حد وصفهم -، لا يقاتل أعضاء (داعش) من أجل الله؛ لكنهم هنا لتقسيم المسلمين»... ويعود تأسيس حركة «الشباب» الصومالية إلى عام 2004 غير أن كثافة نشاطها وتداول اسمها في الإعلام يعود إلى عام 2007.
وقالت دراسة الإفتاء إنه رغم انحسار تنظيم داعش وهزيمته في معاقله الأساسية في سوريا والعراق، فإنه يحرز تقدماً في الصومال؛ حيث باتت أعداد مقاتلي «داعش» في المناطق الصومالية كبيرة، وقام عناصره بتنفيذ سلسلة من عمليات القتل التي استهدفت رجال الأعمال في مقديشو العاصمة وما حولها. مشيرة إلى أن «داعش» في الصومال يحاكي تكتيك حركة «الشباب» لترهيب الشركات والتجار الأثرياء للحصول منهم على «إتاوات» لتمويل أنشطته الإرهابية في المنطقة.
من جهته، قال الزعفراني، إن حركة الشباب أعلنت مراراً ولاءها لتنظيم القاعدة... ويتبع عناصر حركة الشباب أساليب مشابهة لأساليب «القاعدة»، من حيث العبوات الناسفة على الطرق، أو السيارات المفخخة، والعمليات الانتحارية، والقصف المدفعي.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.