البرلمان المصري يوافق مبدئياً على التعديلات الدستورية

TT

البرلمان المصري يوافق مبدئياً على التعديلات الدستورية

وافق البرلمان المصري، في جلسة عامة أمس، من حيث «المبدأ»، على تعديلات دستورية تتيح للرئيس عبد الفتاح السيسي البقاء في منصبه حتى عام 2034. وقال رئيس مجلس النواب علي عبد العال إن 485 نائباً أقروا التعديلات، التي اقترحها ائتلاف الأغلبية (دعم مصر).
ويمثل الموافقون، أكثر من ثلثي أعضاء مجلس النواب، وهي الأغلبية المطلوبة للموافقة. ولم يذكر عبد العال عدد النواب الرافضين، لكن وسائل إعلام محلية ذكرت أنهم بلغوا 17 نائباً، فضلاً عن امتناع نائب عن التصويت.
وينحصر معظم رافضي التعديلات في التكتل المعارض الصغير «25 - 30». ويتألف مجلس النواب، الذي يهيمن عليه مؤيدو السيسي، من 568 نائباً منتخباً، بالإضافة إلى 28 نائباً عيّنهم الرئيس.
وقال عبد العال إن التعديلات المقترحة ستحال إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب لإعداد تقرير بشأنها في غضون مدة لا تزيد عن 60 يوماً يُجري بعدها المجلس تصويتاً نهائياً عليها.
وأضاف عبد العال أنه عملاً بحكم المادة 137 من اللائحة، فعلى كل عضو من أعضاء المجلس لديه اقتراح أو دراسة أو بحث في شأن طلب تعديل الدستور أن يقدمه لرئيس المجلس كتابة خلال 30 يوماً من تاريخ إحالة التعديل إلى اللجنة، ويحيل رئيس المجلس هذه الاقتراحات إلى اللجنة، مع ما قد يكون لمكتب المجلس من ملاحظات عليها.
ومن المتوقع أن يوافق البرلمان في نهاية الأمر على التعديلات التي ستطرح بعد ذلك لاستفتاء شعبي، يتوقع أن يجري نهاية أبريل (نيسان) المقبل. وطالب رئيس مجلس النواب أعضاء المجلس بالتواصل مع المواطنين في دوائرهم، خاصة الشباب والمرأة، لشرح ما يدور من مناقشات في البرلمان حول التعديلات الدستورية، قبل إجراء الاستفتاء الشعبي عليها.
وشدّد عبد العال على ضرورة احترام كل الآراء المؤيدة والمعارضة للتعديلات الدستورية، قائلاً: «لا يمكن أن يُتهم المعارض للتعديلات بأنه ضد الوطن، مثل هذه العبارات يجب أن تنتهي تماماً، يجب أن يكون لدينا قبول للآخر ورأي الآخر».
وأُقرّ الدستور الحالي عام 2014، بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، إثر احتجاجات حاشدة على حكمه. ووفقاً لمواده ينتهي حكم السيسي عام 2022، ولا يحق له الترشح لفترة رئاسة جديدة بعدها.
وتنص التعديلات المقترحة على زيادة مدة تولي منصب رئاسة الجمهورية لتصبح 6 سنوات بدلاً من 4، مع استحداث مادة انتقالية بسريان هذا الحكم على الرئيس الحالي، وتعيين نائب أو أكثر للرئيس. كما تشمل استحداث غرفة ثانية للبرلمان باسم «مجلس الشيوخ»، بعد إلغاء مجلس مماثل عام 2013.
وبينما تحظر المادة «226» من الدستور الحالي «تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات»، اعتبر تقرير اللجنة العامة لمجلس النواب، أن «الحظر المشار إليه ينصب على زيادة عدد مدد الرئاسة لأكثر من مدتين اثنتين، ولا يتطرق لزيادة أمد المدة الواحدة من حيث عدد السنوات».
وإلى الآن لم يعلق الرئيس السيسي على طلب تعديل الدستور، لكنه سبق أن ذكر في سبتمبر (أيلول) 2015 أن الدستور المصري «كُتب بنيات حسنة، والدول لا تُحكم بحسن النيات فقط».
وتتضمن التعديلات أيضاً إنشاء مجلس أعلى للهيئات القضائية يرأسه رئيس الجمهورية. كما تمنح رئيس الجمهورية اختيار النائب العام من بين 3 يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، وكذلك رئيس المحكمة الدستورية العليا، من بين أقدم 5 نواب رئيس المحكمة.
وتمنح التعديلات القوات المسلحة دوراً في «حماية وصيانة الدستور ومبادئ الديمقراطية والحفاظ على مدنية الدولة»، كما تمنح القضاء العسكري صلاحية نظر الجرائم المترتبة حال قيام القوات المسلحة بحماية منشآت تقتضي الضرورة حمايتها.
وقد تم استبعاد المادتين 212 و213 الخاصتين بالهيئتين الوطنيتين للإعلام والصحافة من التعديلات الدستورية المطروحة من ائتلاف الأغلبية، نزولاً على طلب رئيس لجنة الثقافة والإعلام والآثار، أسامة هيكل، وأيّده رئيس ائتلاف «دعم مصر» عبد الهادي القصبي.
وتعطي المادة «226» من الدستور المصري الحالي الحق لرئيس الجمهورية أو خُمس أعضاء مجلس النواب طلب تعديل أي من مواده.
وتنص المادة على أنه «لرئيس الجمهورية، أو لخُمس أعضاء مجلس النواب طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ويجب أن تُذكر في الطلب المواد المطلوب تعديلها، وأسباب التعديل».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.