التاريخ يؤكد أن أيام ساري معدودة ومحنة تشيلسي تبدو طويلة الأمد

تشيلسي تلقى أسوأ هزيمة في الدوري منذ سقوطه 7 - صفر أمام نوتنغهام فورست في 1991 (أ.ف.ب)  -  ترى كم بقى من الزمن على رحيل ساري؟ (رويترز)
تشيلسي تلقى أسوأ هزيمة في الدوري منذ سقوطه 7 - صفر أمام نوتنغهام فورست في 1991 (أ.ف.ب) - ترى كم بقى من الزمن على رحيل ساري؟ (رويترز)
TT

التاريخ يؤكد أن أيام ساري معدودة ومحنة تشيلسي تبدو طويلة الأمد

تشيلسي تلقى أسوأ هزيمة في الدوري منذ سقوطه 7 - صفر أمام نوتنغهام فورست في 1991 (أ.ف.ب)  -  ترى كم بقى من الزمن على رحيل ساري؟ (رويترز)
تشيلسي تلقى أسوأ هزيمة في الدوري منذ سقوطه 7 - صفر أمام نوتنغهام فورست في 1991 (أ.ف.ب) - ترى كم بقى من الزمن على رحيل ساري؟ (رويترز)

تثير هزيمة تشيلسي الأخيرة تساؤلات صعبة: ما هو المستوى الذي يعتبره النادي القاع؟ وأي مستوى من الهزيمة يتعين على أي نادٍ عندها تغيير خططه على المدى البعيد؟ بل هل ثمة خطة طويلة الأمد من الأساس لدى تشيلسي؟ حتماً أثارت الهزيمة الأسوأ لتشيلسي على مدار 28 عاماً هذه التساؤلات الخطيرة وغيرها، وتوحي جميع السوابق بأن مثل هذه التساؤلات ستنتهي برحيل المدرب، ماوريسيو ساري.
في واقع الأمر، لطالما كان هناك أمر لا يبعث على الشعور بالارتياح وراء تعيين ساري مدرباً لتشيلسي. في كل الأحوال، هذا نادٍ يتسم بقلة الصبر، وكثيراً ما ضربت الفوضى أركانه خلال السنوات الأخيرة. وتشير الأرقام إلى أن ساري المدرب الدائم أو شبه الدائم الـ11 لتشيلسي في غضون 11 عاماً منذ نهاية الحقبة الأولى لجوزيه مورينيو مع النادي. وتبدو حقبة ساري الأكثر تفرداً بينها على الإطلاق.
الحقيقة أن قرار تعيين ساري كان يعني ضمنياً الالتزام بخطة طويلة الأمد وإجراء عملية إعادة بناء شامل للفريق. كما أنها تعني قبول احتمالات حدوث تراجع في النتائج قبل أن يبدأ التحسن. منذ شراء رومان أبراموفيتش النادي عام 2003، كان هذا هو النهج الذي سار عليه تشيلسي. وبالنسبة لساري، فإنه من الطبيعي أن يستغرق العمل وقتاً، ولطالما كانت هناك شكوك حول قدرته على الوصول للنتائج المرجوة - خاصة بالنظر إلى التعليمات التي أصدرها أبراموفيتش بالسعي وراء شراء مشتر - لم تكن هناك ضمانات بخصوص إلى متى سيظل مالكاً للنادي؟. ويكشف الإخفاق في تعيين مدير رياضي جديد بعد استقالة مايكل إمينالو في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 الكثير عن غياب التخطيط طويل الأمد داخل النادي. إلا أن مستوى الأداء خلال المباريات الأخيرة أثار قضية شائكة: فحتى إذا حصل ساري على الوقت اللازم، ليست هناك ضمانات بأنه سينجح في مهمته.
من ناحيته، دافع جوسيب غوارديولا عن ساري الذي ينظر إليه باعتباره صديقاً، وتحدث عن صعوبة فرض فلسفة ما وكيف أنه جابه صعوبات كبيرة خلال الموسم الأول. إلا أن الموقفين غير متقاربين على نحو يسمح بعقد مقارنات بينهما. من ناحية، قدم غوارديولا إلى مانشستر سيتي بعد فوزه بالفعل بست بطولات للدوري وبطولتي دوري أبطال أوروبا. لقد كان بطلاً متوجاً، بينما لم يفز ساري بأي شيء.
وهناك أسباب وراء ذلك، بالنظر إلى أنه اضطر للنضال لشق طريقه نحو الدوري الممتاز قادماً من دوريات الهواة. ومع هذا، يبقى ساري أشبه بمخاطرة كبيرة. واللافت أن كل هزيمة يتعرض لها تخلق قدراً أكبر بكثير من الشكوك عما تفعله الانتكاسات التي مني بها غوارديولا أمام ليستر سيتي وإيفرتون خلال موسمه الأول مع مانشستر سيتي.
من ناحية أخرى، قدم غوارديولا إلى نادٍ جرى بناؤه من أجله، فقد احتشد الرئيس التنفيذي ومدير الكرة والكثير من اللاعبين حوله في استقباله، وحرصوا على أن يكون هو في المركز. أما تشيلسي فلم يكن قد أنهى ارتباطاته تماماً مع أنطونيو كونتي المطرود عندما أعلن تعيين ساري مكانه. إلا أن الاختلاف الأكبر يظل أن غوارديولا لم يعانِ قط من مذلة كتلك التي عايشها ساري أخيراً. بالتأكيد واجه مشكلات تكتيكية من حين لآخر، وتركزت في الغالب حول الاعتماد على كرات مفرطة في الارتفاع عند خط الدفاع مع قلة تمرير الكرة، لكن بدا من الممكن بسهولة إيجاد حل لذلك.
إلا أن غوارديولا لم يعان قط من مثل هذا الانهيار والتداعي وسلسلة الأداء الرديء والمضطرب التي قدمها تشيلسي بعيداً عن أرضه هذا العام. الأكثر إثارة للقلق كيف تحول جورجينيو الذي جرى ضمه في الأساس لتيسير انتقال الفريق إلى فلسفة ساري داخل الملعب، إلى المشكلة الكبرى بالفريق. ربما كان اللاعب ليصبح أكثر فاعلية لو أنه محاط بمجموعة مختلفة من اللاعبين، أو ربما حال توافر قدر أكبر من الإبداع بمراكز أخرى داخل الملعب. المؤكد أنه بمرور الوقت تبدو هذه التجربة محكوم عليها بالفشل.
الحق يقال إن المدرب ساري بدأ عهده مع تشيلسي بطريقة واعدة، حيث حقق 5 انتصارات متتالية ولم يخسر في الدوري حتى أواخر نوفمبر تشرين الأول الماضي. لكن بعد الهزيمة 4 - صفر أمام بورنموث، ثم الخسارة المذلة أمام مانشستر سيتي، ثارت تساؤلات بشأن اتجاه النادي. ورغم كل ما قيل عن «نهج ساري الثوري» ظهر تشيلسي من دون روح، وافتقد لاعبوه للدافع في ظل غياب خطة حقيقية لمواجهة فريق المدرب غوارديولا.
وتحتاج تشكيلة تشيلسي المتقدمة في العمر لعملية كبيرة لإعادة البناء وبث الحيوية فيها للارتقاء إلى مستوى الطموحات.
فإذا كان تشيلسي مقتنعاً بأن ساري هو المدرب القادر على قيادة الفريق، فالنادي بحاجة لمساندته بشكل تام وتغيير سياسة التعاقدات للتحول من ضم لاعبين يريدهم المدرب إلى لاعبين يعمل معهم المدرب. لكن في حال فقد الثقة في ساري يتوجب البحث عن مدرب يتمتع بسجل جيد في تطوير اللاعبين الشبان، لأن تشيلسي لا يزال يفرز لاعبين شبان موهوبين ثم يعيرهم أو يبيعهم. وربما تشكل الفوضى الحالية فرصة لإحداث تغيير جذري في تفكير النادي؟
وهذه هي أسوأ هزيمة لتشيلسي في الدوري منذ سقوطه 7 - صفر أمام نوتنغهام فورست في 1991، وستطرح تساؤلات بشأن اتجاه الفريق مع الإيطالي ساري بعدما تراجع إلى المركز السادس برصيد 50 نقطة متأخرا بنقطة واحدة عن المربع الذهبي.
وقال أزبليكويتا قائد تشيلسي، إنها «واحدة من أسوأ الليالي في مسيرتي. من الصعب شرح ماذا حدث. عندما نخسر 6 - صفر يجب علينا تقبل أننا لم نلعب بشكل جيد وارتكبنا الكثير من الأخطاء. انتصارنا 2 - صفر على سيتي في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) في ستامفورد بريدج كان لأننا لعبنا بشكل جيد وكنا متحدين. هذا لم يحدث في المواجهة الثانية».
وأضاف: «كل ما أستطيع فعله هو الاعتذار للجماهير لأن ما حدث ليس مقبولاً».


مقالات ذات صلة

ماريسكا: تشيلسي لا ينافس على «البريميرليغ»

رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (رويترز)

ماريسكا: تشيلسي لا ينافس على «البريميرليغ»

قال ماريسكا إنه ولاعبي تشيلسي لا يشعرون بأنهم دخلوا في إطار المنافسة على لقب «البريميرليغ» بعد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا (رويترز)

ماريسكا: سيتم التدوير بين اللاعبين في مواجهتي آستانة وبرينتفورد

يأمل إنزو ماريسكا، المدير الفني للفريق الأول لكرة القدم بنادي تشيلسي الإنجليزي، ألا يكون بحاجة لأي لاعب من اللاعبين الذين سيواجهون فريق آستانة، الخميس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية كول بالمر (أ.ف.ب)

بالمر: جماهير تشيلسي عاشت لحظات عصيبة قبل انضمامي

يمر فريق تشيلسي بلحظة مختلفة بعد فوزه الثامن في 12 مباراة تحت قيادة مدربه الإيطالي إنزو ماريسكا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (إ.ب.أ)

ماريسكا بعد انتفاضة تشيلسي المذهلة: حققنا فوزا رائعا

أشاد المدرب إنزو ماريسكا بالفوز الرائع لفريقه تشيلسي، بعدما عوض تأخره بهدفين في أول 11 دقيقة ليفوز 4-3 على توتنهام هوتسبير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية كول بالمر تألق في فوز تشيلسي على توتنهام برباعية (إ.ب.أ)

«البريميرليغ»: في ليلة تألق بالمر... تشيلسي يعاقب توتنهام برباعية

سجل كول بالمر هدفين من ركلتي جزاء، ليعدل تشيلسي تأخره بهدفين في غضون أول 11 دقيقة إلى انتصار 4-3 خارج ملعبه على توتنهام هوتسبير.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».