المراهقون وازدياد القلق الاجتماعي

نتيجة انتشار وسائل التواصل الإلكترونية

المراهقون وازدياد القلق الاجتماعي
TT

المراهقون وازدياد القلق الاجتماعي

المراهقون وازدياد القلق الاجتماعي

من المعروف أن القلق واحد من أهم الأمراض النفسية التي تصيب المراهقين بل إنه يعتبر في الأغلب عرضا مشتركا مع معظم الأمراض النفسية الأخرى. وهناك نوع من القلق يسمى القلق الاجتماعي Social Anxiety Disorder أو المخاوف الاجتماعية ورغم أن هذا النوع متعارف عليه في الطب النفسي منذ فترة طويلة إلا أن كثرة الحديث عنه الآن تأتي في ظل اجتياح مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت والهواتف الذكية وتعرض المراهقين بشكل خاص لهذا النوع من القلق حيث إنهم الأكثر استخداما لوسائل التواصل الحديثة التي فتحت مجالات أكثر للوجود في محيط اجتماعي أكبر بمراحل من المدرسة أو النادي وهو الأمر الذي يمكن أن يضاعف من حجم المشكلة.
- الخوف الاجتماعي
ويعتبر الخوف الاجتماعي social phobia سلوكا مرضيا حيث إنه يتمثل في شدة الخوف من عدم التقبل أو الخوف من التقييم، أو الحكم على الشخص من قبل الآخرين، أو الشعور بأنه غير مساوٍ أو أقل كفاءة عند وجوده في مكان معين، أو أن يبدو أقل ذكاء وحضورا من الآخرين أو الإحساس بأن حديثه ممل أو مظهره غير لائق.
ويحدث هذا الشعور دون أن يتعرض المراهق لمضايقات أو أسباب تؤدي إلى تلك المخاوف. وهو بذلك يختلف عن التنمر bullying الذي تكون فيه الرغبة في عدم الوجود في منتدى معين نابعة من شعور قوي وحقيقي بالرفض من قبل الآخرين يتمثل في عبارات سخرية أو أفعال ملموسة مسيئة.
وهذه المخاوف تكون من القوة بالشكل الذي يجعل المراهق يتجنبها تماما مهما كانت مهمة مثل المدرسة أو النادي أو دور العبادة وحتى العمل، وحديثا المنتديات الاجتماعية الإلكترونية. ومعظم هؤلاء المراهقين ليس لديهم حسابات على مواقع التواصل أو لديهم حسابات وهمية بأسماء وصور مختلفة عن شخصياتهم الحقيقية خشية الرفض.
وبالطبع يعاني معظم البشر من شعور بسيط من التوتر عند وجودهم في المجتمعات الكبيرة خاصة في البداية، ولكن أن يتحول هذا التوتر البسيط إلى قلق أو مخاوف ملازمة للشخص بالشكل الذي يمنعه من الوجود في تلك المجتمعات هو الأمر غير الطبيعي، الذي يحتاج لعلاج نفسي وسلوكي.
ويعتبر القلق الاجتماعي من الأمراض الشائعة ويعاني منه 15 مليون فرد في الولايات المتحدة فقط معظمهم من المراهقين. ويعتبر ثاني أشهر سبب للقلق بعد المخاوف الخاصة specific phobias (الفوبيا هي الخوف غير المبرر. وتختلف المخاوف من شخص إلى آخر فالبعض يخاف من الأمراض أو الأماكن الضيقة أو المرتفعة). والمريض يعاني من أعراض جسدية مثل زيادة ضربات القلب وشعور بالغثيان وآلام بالمعدة وإفراز العرق وفي بعض الأحيان النادرة يمكن أن يحدث فقدان كامل للوعي إذا كانت المخاوف قوية بشكل يضغط نفسيا على المريض.
تكمن مشكلة المرضى في أن الأعراض يمكن أن تكون من الحدة بحيث تتعارض مع الحياة الطبيعية للمريض. وعلى سبيل المثال يمكن للمراهق أن يرفض منحة تعليمية في مدينة كبيرة لأنه سوف يكون مضطرا للتعامل مع العديد من الأشخاص الغرباء كما أن هذا المريض يمكن أن يعتذر عن تناول الطعام في المطاعم أو المناسبات الاجتماعية. وفي الغالب يفشل هؤلاء المرضى في تكوين صدقات أو علاقات عاطفية وهو الأمر الذي يضاعف من عزلتهم ويعرضهم للإصابة بالاكتئاب major depressive disorder أو تعاطي المواد المخدرة والكحولية.
- العلاج بالمهارات
وهناك فرق بين القلق الاجتماعي والخجل، إذ ليس بالضرورة أن الأشخاص الذين يتميزون بالخجل لديهم قلق اجتماعي والعكس، أي بمعنى أن الأفراد الذين يعانون من القلق الاجتماعي ربما يكونون ودودين ولديهم طلاقة في الحديث ولكن المشاعر الموجودة بالرفض لديهم تمنعهم من الاندماج الاجتماعي والدخول في علاقات جديدة ويدخلون في دائرة مفرغة من التفكير والتحليل والقلق. وفي المقابل فإن الأشخاص الذين يتميزون بالخجل فقط لا يؤثر الخجل على اختياراتهم الحياتية بنفس القدر المرضي ولا يشعرون بنفس الأعراض الجسدية التي يعاني منها مرضى القلق.
رغم أن علاج القلق الاجتماعي فعال ويؤدي إلى نتائج جيدة إلا أن نسبة لا تتعدى 10 في المائة فقط من المرضى هم الذين يحاولون العلاج والانتظام عليه والذي يتكون من العلاج النفسي Psychotherapy والدوائي من خلال جلسات يتعلم فيها المراهق مهارات معينة تمكنه من مقاومة الأفكار السلبية التي تسيطر على تفكيره وتعيد ثقته بنفسه ويتم العلاج إما بشكل فردي أو من خلال مجموعة تعاني من نفس الأعراض group therapy.
والعلاج الدوائي يكون من خلال الأدوية النفسية التي تعالج القلق ومضادات الاكتئاب ويمكن أيضا تناول الأدوية التي تسيطر على الأعراض العضوية مثل الأدوية التي تقوم بمحاصرات بيتا Beta blockers والتي تقلل من سرعة ضربات القلب وتقلل من الضغط المرتفع وبالتالي تتحكم في حدة الأعراض.
يجب أن يتحلى المراهقون بالصبر في انتظار نتائج العلاج حيث إن التحسن ربما يأخذ فترة طويلة ربما تصل لسنوات. وتعتبر هذه النقطة من أهم مشكلات المرضى النفسيين بشكل عام، إذ أن التحسن يكون بطيئا وغير ملموس مما يجعل المريض يعزف عن المواصلة.
وهناك بعض الأمور التي يمكن أن يلجأ لها المراهق لتساعده في التحسن مثل الانتظام في ممارسة رياضة أو مجهود بدني يخلصه من القلق وكذلك النوم بشكل كاف والأكل الصحي وتجنب المأكولات الضارة مثل الوجبات السريعة وكذلك تجنب المشروبات الكحولية وتقليل المشروبات التي تحتوي على كميات كبيرة من الكافيين.

- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

الخليج الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

اتفقت تركيا وسلطنة عمان على تعزيز علاقات الصداقة والتعاون فيما بينهما وأكدتا دعمهما لأي مبادرات لوقف إطلاق النار في غزة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
صحتك ضرب الكرة بالرأس خلال لعب كرة القدم قد يسبب تلفاً في الدماغ أكبر مما كان يُعتقد (أ.ف.ب)

لعبة شائعة في كرة القدم قد تسبب تلفاً بالدماغ

وفقاً لدراسة جديدة، فإن ضرب الكرة بالرأس خلال لعب كرة القدم قد يسبب تلفاً في الدماغ أكبر مما كان يُعتقد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك يشكل النوم أهمية مركزية للصحة العامة ومستوى رفاهية الإنسان (جامعة ولاية أوريغون)

تغيير وقت الذهاب إلى الفراش كل ليلة يؤثر على صحتك

أشارت دراسة جديدة إلى وجود صلة قوية بين عدم الذهاب إلى الفراش في الوقت نفسه كل ليلة وخطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ارتفاع ضغط الدم يشكّل تحدياً للصحة (رويترز)

6 أشياء يقول أطباء السكتة الدماغية إنه لا يجب عليك فعلها أبداً

تعدّ السكتات الدماغية أحد الأسباب الرئيسة للوفاة، والسبب الرئيس للإعاقة في أميركا، وفقاً لـ«جمعية السكتات الدماغية الأميركية»، وهو ما يدعو للقلق، خصوصاً أن…

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا (د.ب.أ)

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا وغيرهما من الفيروسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لقاح يخفض وفيات سرطان عنق الرحم

لقاح فيروس الورم الحليمي البشري يخفض وفيات سرطان عنق الرحم (جامعة ساوث كارولاينا)
لقاح فيروس الورم الحليمي البشري يخفض وفيات سرطان عنق الرحم (جامعة ساوث كارولاينا)
TT

لقاح يخفض وفيات سرطان عنق الرحم

لقاح فيروس الورم الحليمي البشري يخفض وفيات سرطان عنق الرحم (جامعة ساوث كارولاينا)
لقاح فيروس الورم الحليمي البشري يخفض وفيات سرطان عنق الرحم (جامعة ساوث كارولاينا)

أفادت دراسة أميركية بأن وفيات سرطان عنق الرحم بين الشابات تحت سن 25 في الولايات المتحدة، شهدت انخفاضاً ملحوظاً بعد تلقيهن لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV).

وأوضح الباحثون في مركز هولينغز للسرطان التابع لجامعة ساوث كارولاينا أن هذه النتائج تُظهر الدور الحيوي للقاح في الحد من الإصابة بأنواع فيروس الورم الحليمي البشري التي تؤدي إلى تطور السرطان، ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «غاما».

ويُعد فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) من الفيروسات المنقولة جنسياً، وهو السبب الرئيسي وراء معظم حالات سرطان عنق الرحم. ويمكن لبعض أنواع الفيروس أن تسبب تغييرات خلوية قد تتحول لاحقاً إلى سرطان. وقدمت الولايات المتحدة لقاح فيروس الورم الحليمي البشري منذ عام 2006 كإجراء وقائي ضد الأنواع المسببة للسرطان مثل سرطان عنق الرحم. ويُعطى اللقاح في مرحلة المراهقة، حيث يُظهر فاعليته العالية في الحماية من العدوى بالأنواع الخطيرة من الفيروس؛ مما يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالسرطان في المستقبل.

وعلى الرغم من أن سرطان عنق الرحم نادر بين النساء تحت سن 25، فإنه لا يزال يحدث. لذلك، استهدف الباحثون في دراستهم مراقبة تأثير تلقي اللقاح في سن مبكرة على معدلات الوفيات في هذه الفئة العمرية.

وقام الفريق البحثي بإجراء دراسة شملت تحليل معدل الوفيات بسرطان عنق الرحم بين النساء الأميركيات تحت سن 25 بين عامي 1992 و2021.

وأظهرت النتائج أن الوفيات بسبب هذا النوع من السرطان قد انخفضت بنسبة 62 في المائة في العقد الماضي، مقارنة بما كانت عليه في التسعينات، وهو ما يُعزى بشكل كبير إلى تطعيم الفتيات ضد فيروس الورم الحليمي البشري.

وأضاف الباحثون أنه منذ إدخال لقاح «HPV» في 2006، أظهرت الدراسات انخفاضاً ملحوظاً في حالات الإصابة بسرطان عنق الرحم؛ مما يعكس تأثير التطعيم الإيجابي. كما تم توسيع نطاق التطعيم ليشمل بعض البالغات حتى سن 45 عاماً.

ومع ذلك، يُحذر الباحثون من أن هناك تحديات مستمرة؛ إذ يشهد المجتمع الأميركي انخفاضاً في معدلات التطعيم ضد الفيروس بين المراهقات بعد جائحة «كوفيد-19».

وعلى الرغم من أن الهدف الوطني لعام 2030 هو الوصول إلى 80 في المائة من معدلات التطعيم، أظهرت تقارير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أن نحو 60 في المائة فقط من المراهقات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 13 و15 عاماً قد حصلن على الجرعات الموصى بها.

ووفق الباحثين، يُعد هذا التراجع مصدر قلق بالغ؛ حيث يمكن أن يؤدي إلى تقليص المكاسب الصحية المكتسبة في مكافحة السرطان، ويستدعي الأمر تكثيف الجهود لزيادة وعي المجتمع بأهمية التطعيم.