الإنفاق الدفاعي وانتهاك روسيا معاهدة 1987 النووية يتصدران نقاشات «الناتو»

وزيرة الدفاع الألمانية لا تستبعد العودة إلى سباق التسلح في أوروبا

وزيرة الدفاع الألمانية (وسط) مع نظيرتها الهولندية (يسار) ونظيرهما النرويجي (إ.ب.أ)
وزيرة الدفاع الألمانية (وسط) مع نظيرتها الهولندية (يسار) ونظيرهما النرويجي (إ.ب.أ)
TT

الإنفاق الدفاعي وانتهاك روسيا معاهدة 1987 النووية يتصدران نقاشات «الناتو»

وزيرة الدفاع الألمانية (وسط) مع نظيرتها الهولندية (يسار) ونظيرهما النرويجي (إ.ب.أ)
وزيرة الدفاع الألمانية (وسط) مع نظيرتها الهولندية (يسار) ونظيرهما النرويجي (إ.ب.أ)

عاد ملف الإنفاق الدفاعي ليفرض نفسه من جديد على أجواء اجتماعات حلف شمال الأطلسي (الناتو) ببروكسل، أمس (الأربعاء)، بعد أن كاد يتسبب في إفساد أجواء آخر قمة أطلسية عقدها الحلف في بروكسل العام الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي استخدم لهجة صارمة في مطالبة الدول بزيادة مساهماتها وإنفاقها، معتبراً أنه من غير المعقول أن تتحمل واشنطن معظم هذه النفقات.
وفرض الملف نفسه، إلى جانب انتهاك روسيا معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى، على أجواء اجتماعات وزراء دفاع الحلف، التي انطلقت الأربعاء في بروكسل، وتستغرق يومين. وظهر ذلك في التصريحات والكلمات التي ألقيت على هامش الاجتماع، الذي شهد أول مشاركة للقائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي باتريك شاناهان، والذي كتب في تغريدة له على «تويتر» أن «الولايات المتحدة الأميركية بدأت سلسلة من النقاشات الجادة والتفاعل مع وزراء دفاع (الناتو)، وسوف نؤكد التزامنا تجاه التحالف»، مشيراً إلى «أننا سوف نناقش مستقبل حلف شمال الأطلسي».
من جانبه، حاول الأمين العام لـ«الناتو» ينس ستولتنبرغ توجيه رسالة طمأنة لواشنطن، وقال أثناء لقاء مع المسؤول الأميركي إن الجميع هنا متفق على ضرورة تحسين تقاسم الأعباء، وقال: «لقد قدّم جميع الحلفاء تقارير سنوية عن الخطط الوطنية للوفاء بتعهد الاستثمار في الدفاع، وسوف نستعرض التقدم المحرز في التعهد بأبعاده الثلاثة؛ النقدي والقدرات والمساهمات». وأشار من جديد إلى أنه منذ 2016 أنفق الحلفاء الأوروبيون أكثر من 41 مليار دولار على الدفاع، «واستناداً إلى أحدث التقارير سيرتفع الرقم إلى 100 مليار دولار بحلول العام المقبل، كما يستثمر الحلفاء مزيداً في القدرات الحديثة، والمساهمة بمزيد من القوات في مهماتنا وعملياتنا، ولا يزال لدينا عمل للقيام به، ولكن لا شك هناك تقدم محرز حتى الآن».
كما تطرق ستولتنبرغ لنفس الملف، في كلمته الافتتاحية، وانتقل بعدها للحديث عن ملف انتهاك روسيا لمعاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى، وقال إنها حجر الزاوية في الحد من التسلح. ونوّه إلى أن «الناتو» أثار مخاوفه من تطوير موسكو للصواريخ خلال السنوات الماضية، ولكن روسيا لم تستجب لتلك المخاوف.
كانت الولايات المتحدة انسحبت من المعاهدة مطلع الشهر الحالي، وأيّدها في ذلك شركاؤها في الحلف، واتهمت الولايات المتحدة روسيا بانتهاك المعاهدة التي جرى إبرامها بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق في عام1987. وتقول واشنطن إن موسكو تقوم بتطوير نظام صواريخ متوسطة باسم «إس سي 8»، ويسمى النظام بالروسية «9 إم 729». ويُفْتَرَض أن هذا النظام له القدرة على إطلاق صواريخ كروز يمكن أن تحمل رؤوساً نووية، ويمكنها الطيران لمدى يزيد عن 2000 كيلومتر. في المقابل، تقول روسيا إن مدى هذه الصواريخ الأقصى لا يزيد عن 480 كيلومتراً، مشيرة إلى أن هذا متوافق مع المعاهدة التي تحظر حيازة صواريخ نووية متوسطة بمدى يتراوح بين 500 و5500 كيلومتر.
وجدّد ستولتنبرغ دعم دول الحلف لقرار واشنطن الانسحاب من المعاهدة، وقال: «في نفس الوقت ستواصل الدول الأعضاء الضغط على موسكو للعودة إلى الامتثال والالتزام بما جاء في المعاهدة».
وجاء ذلك بعد أن قال الأمين العام لـ«الناتو» سنناقش الخطوات التي يجب على «الناتو» اتخاذها للتكيف مع عالم به مزيد من الصواريخ الروسية، وفي نفس الوقت الحفاظ على الردع والدفاع بشكل فعال.
ورفض ستولتنبرغ عشية الاجتماع التكهن بالخطوات المقبلة، لكنه قال إن أي خطوات سيتخذها «الناتو» ستكون بشكل منسق، مضيفاً: «نحن لا ننوي نشر صواريخ نووية أرضية جديدة في أوروبا، وما زال (الناتو) ملتزماً بالجهود الهادفة لمكافحة الأسلحة وجهود عدم الانتشار، فـ(الناتو) لا يريد سباق تسلح جديداً، لأن ذلك لن يكون في مصلحة أحد».
وقالت مصادر مقربة من الاجتماعات لـ«الشرق الأوسط»: «لقد جرت مناقشة ملف الردع والدفاع على نطاق أوسع في حلف الناتو، بما في ذلك المبادرة الجديدة التي تضمن جاهزية 30 سفينة مقاتلة و30 كتيبة برية و30 سرباً جوياً متوفرة في غضون 30 يوماً».
كما أعلن الأمين العام للحلف أنه يعتزم الاجتماع مع وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف، في ألمانيا في وقت لاحق هذا الأسبوع، لمناقشة معاهدة 1987 للقوى النووية متوسطة المدى، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن. وقال ستولتنبرغ: «أعتقد أنه من المهم أن يكون هناك حوار مع روسيا، خاصة عندما نواجه كثيراً من القضايا الصعبة التي نواجهها اليوم بسبب تزايد التوترات مع انتهاك معاهدة القوى النووية متوسطة المدى».
وأضاف بالقول: «إن تركيزنا الأساسي الآن هو الحفاظ على المعاهدة، وهناك فرصة سانحة لروسيا للعودة إلى الالتزام، لأن عملية الانسحاب لن تنتهي حتى أغسطس (آب)».
وقال ستولتنبرغ: «إننا نواصل حثّ روسيا على العودة إلى الالتزام بالمعاهدة»، مشيراً إلى أن «الناتو» «يخطط للمستقبل دون معاهدة القوى النووية متوسطة المدى، مع مزيد من الصواريخ الروسية».
وأعلنت وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين أنها لا تستبعد بشكل تام العودة إلى التسلح النووي في أوروبا كرد فعل على إنهاء العمل بالمعاهدة.
وقالت الوزيرة المنتمية إلى حزب المستشارة أنجيلا ميركل المسيحي الديمقراطي، في بروكسل، أمس (الأربعاء): «بالتحديد؛ لأننا في بداية النقاش، من المهم ألا نبدأ الآن بوضع تسلسل هرمي، أو أن نستبعد نقاطاً بعينها، بل المهم هو أن نضع المسألة برمتها على الطاولة».
وأكدت فون دير لاين أن المهم الآن هو ألا يتم استبعاد، أو إدراج شيء، أو وضع تسلسل هرمي للأحداث، بل المهم هو ترك وقت للمناقشة حتى يتم التمكن من طرح «مقترح ذكي ومتعقل» على الطاولة.
والاجتماعات ستبحث أيضاً في مهام وعمليات «الناتو» في أفغانستان والعراق وكوسوفو.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».