سجال «الكتائب» و«حزب الله» يتصدّر وقائع جلسات الثقة بالحكومة

خطابات النواب تمدد الجلسة البرلمانية

TT

سجال «الكتائب» و«حزب الله» يتصدّر وقائع جلسات الثقة بالحكومة

طغى السجال بين «حزب الكتائب» و«حزب الله» على وقائع اليوم الثاني من جلسات مناقشة البيان الوزاري في البرلمان، وسرق الضوء من الاتهامات بالتقصير والفساد، التي وردت في مداخلات النواب لليوم الثاني على التوالي، وسط تقديرات بأن تمتد المناقشات إلى يوم السبت المقبل، بالنظر إلى عدد طالبي الكلام من النواب.
وفيما لن يستأنف البرلمان اليوم الجلسات، بسبب العطلة الرسمية لمناسبة ذكرى اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، طلب رئيس مجلس النواب نبيه بري من النواب، أمس، عدم الارتباط، الجمعة والسبت، لأن الجلسة قد تمتد إلى ذلك الحين.
وفي المقابل، شطب 4 من نواب التيار الوطني الحر و6 نواب قواتيين، أسماءهم من لائحة طالبي الكلام، وكانوا جزءاً من نحو 60 نائباً طلبوا الكلام في الجلسات التي ستنتهي بمنح الحكومة الثقة.
وقد تسلم نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي رئاسة الجلسة الأولى نيابة عن الرئيس بري، بعد خروج الأخير للقاء المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا.
ووقع سجال حاد بين نواب حزب «الكتائب» ونائب «حزب الله» نواف الموسوي على خلفية سؤال وجهه النائب سامي الجميل خلال كلمته، «هل هذه حكومة (حزب الله)؟»، فردّ النائب الموسوي معترضاً، فقال: «يجب أن تسمح لنا يا دولة الرئيس بأن نرد على كل من يتعرض إلينا، فلا يجوز أن يحاول كل من يريد أن يسلط الضوء عليه أن يهاجمنا»، فقاطعه النائب نديم الجميل قائلا: «من يهاجمك، هو يقول رأيه وهذا حقه». فرد الموسوي بالقول: «اسكت أنت، شو دخلك؟».
وعندما تطرق النائب سامي الجميل إلى تصريح الوزير جبران باسيل الأخير عن دور «حزب الله» في إيصال الرئيس العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة، قاطعه الموسوي بالقول: «شرف للبنانيين أن يصل الرئيس عون ببندقية المقاومة لا أن يصل مثل غيره على دبابة إسرائيلية». وهنا احتد السجال وعمّ الصخب أرجاء القاعة. ورد الجميل من جديد على النائب الموسوي بالقول: «ما حدا وصل على ظهر دبابة، أنتو كنتو عم تكبوا رز، والأكثرية صوتت في مجلس النواب لبشير الجميل». واستحوذت النقاشات في الجلسات، أمس، على ملف مكافحة الفساد، استكمالاً لما بدأ به النواب، أول من أمس. ورأت النائبة بولا يعقوبيان أن «الطبقة السياسية الممسكة بمفاصل الدولة أوصلت الناس إلى حد اليأس»، مؤكدة أن «هذه الحكومة ألغت دور المجلس الرقابي».
وفي وقت اتهمت فيه «حزب الله» بأنه شارك في توظيف أكثر من 5500 موظف قبيل الانتخابات النيابية، رد عليها النائب حسن فضل الله، مؤكداً أن هذا الأمر غير صحيح، متحدياً إياها أن تأتي بالدليل إذا كان لديها.
وشدد فضل الله على أن «حزب الله» يؤيد التوظيف عبر مجلس الخدمة المدنية. كما رد وزير الإعلام جمال الجراح على ما قالته بأن رئيس هيئة أوجيرا أبلغها أنه «وظف أشخاصاً قبل الانتخابات الماضية، لأسباب انتخابية».
وبعد أن منح عضو لبنان القوي النائب نعمت إفرام، الحكومة، الثقة، تحدث عضو كتلة التنمية والتحرير النائب أنور الخليل، فأكد أن «الفساد مستشر كمرض سرطاني في جسم الإدارة الهزيل، وكان على الحكومة أن تعطي الأولوية للإصلاح الإداري ولكل إجراء يحارب الفساد».
من جهته، سأل النائب سامي الجميل: «كيف نعطي ثقة لحكومة تأخذ 9 أشهر لتقوم بالمحاصصة وساعتين لإصدار بيان وزاري، في وقت الأخير يجب أن يأخذ وقتاً ونقاشاً، لأنه يشكّل خطة إنهاض البلد أما المحاصصة المتعلّقة بمصالح فيجب أن تأخذ وقتاً قليلاً لأنها ثانوية أمام مصلحة البلد». وأشار الجميّل إلى أن سؤالاً يُطرح في الإعلام، وهو: «هل هذه حكومة (حزب الله؟)». وقال: «يجب أن نعترف بأن (حزب الله) فرض شروطه على تشكيل الحكومة، فرض حليفه الدرزي والسني، حجم حصة القوات، وسحب الثلث المعطّل من رئيس الجمهورية الذي كان يطمح له، وأنا برأيي يجب ألا نقول إن هذه حكومة (حزب الله)، ولكن يمكن القول إن حزب الله هندس هذه الحكومة».
وبينما اعتبر النائب حسين الحاج حسن أن «المشكلة الأساسية في البلد أن المواطن قلق ويائس»، أشار النائب بجورج عدوان إلى أن «عجز الموازنة ارتفع 10.5 في المائة، وخدمة الدين عام 2005 كانت 3900 مليار، وعام 2016 كانت 6600 مليار، والآن 8214 ملياراً». وقال: «هذه الأرقام تدل على أننا في قلب الهاوية، والإصلاح يجب أن نبدأ به عمليا الآن، ما يعني أننا نحن نخطئ كل مرة، لأننا نربط الإصلاح بشيء آخر».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».