عمدة نيويورك الجديد يعد بمدينة «أكثر عدالة وتقدمية»

دي بلازيو يعتزم فرض ضرائب على الأثرياء لتمويل مشاريع للطبقة الوسطى

عمدة نيويورك الجديد دي بلازيو وزوجته شيرلين (يمين) وولداهما كايرا (الثالثة يميناً) ودانتي، يرسلون قبلات إلى الحضور خلال حفل التنصيب في نيويورك الليلة قبل الماضية (رويترز)
عمدة نيويورك الجديد دي بلازيو وزوجته شيرلين (يمين) وولداهما كايرا (الثالثة يميناً) ودانتي، يرسلون قبلات إلى الحضور خلال حفل التنصيب في نيويورك الليلة قبل الماضية (رويترز)
TT

عمدة نيويورك الجديد يعد بمدينة «أكثر عدالة وتقدمية»

عمدة نيويورك الجديد دي بلازيو وزوجته شيرلين (يمين) وولداهما كايرا (الثالثة يميناً) ودانتي، يرسلون قبلات إلى الحضور خلال حفل التنصيب في نيويورك الليلة قبل الماضية (رويترز)
عمدة نيويورك الجديد دي بلازيو وزوجته شيرلين (يمين) وولداهما كايرا (الثالثة يميناً) ودانتي، يرسلون قبلات إلى الحضور خلال حفل التنصيب في نيويورك الليلة قبل الماضية (رويترز)

تعهد عمدة نيويورك الجديد الديمقراطي بيل دي بلازيو بأن يجعل أكبر مدينة أميركية مكانا «أكثر عدالة وأكثر تقدمية»، مؤكدا تصميمه على مكافحة الفروق الاجتماعية فيها. وقال دي بلازيو خلال أدائه القسم ليتولى مهامه رسميا على رأس البلدية أمام الرئيس الأسبق بيل كلينتون وأكثر من ألف مدعو في يوم بارد جدا «يدعوننا إلى وضع حد للفروق الاقتصادية والاجتماعية التي تهدد مدينتنا المحبوبة». ودي بلازيو (52 عاما) هو رئيس البلدية التاسع بعد المائة للمدينة، وتولى هذا المنصب خلفا لرجل الأعمال الثري المستقل مايكل بلومبرغ الذي أدخل خلال ولايته التي امتدت 12 عاما تغييرات كبيرة على المدينة.
وتنتهي ولاية بلومبرغ بعدما اتسعت المساحات الخضراء فيها وأصبحت أكثر أمانا وصحة، لكن 21.3 في المائة من سكانها يعيشون تحت خط الفقر وأكثر من 52 ألف شخص بينهم 22 ألف طفل تؤويهم البلدية لأنهم لا يملكون مكان إقامة محددا.
وقال دي بلازيو الديمقراطي اليساري من أمام مقر البلدية إن «مسيرتنا باتجاه مكان أكثر عدالة وأكثر تقدمية تبدأ اليوم» في نيويورك التي يبلغ عدد سكانها 8.3 مليون نسمة. وأضاف أن «الأحلام الكبيرة ليست ترفا يقتصر على بعض الامتيازات». وتحدث عن مدينة من خمس دوائر «متساوية فيما بينها، من سود وبيض ومتحدرين من أصول لاتينية وآسيويين ومثليي الجنس ومسنين وشباب وأغنياء وطبقة وسطى وفقراء..»..
أدى دي بلازيو الذي وقفت بالقرب منه زوجته السوداء شيرلين ماكراي وابناهما الخلاسيان، اليمين على نسخة من الكتاب المقدس كان يملكها الرئيس الأسبق فرانكلين ديلانو روزفلت (1882-1945) مهندس «العقد الجديد». وصل دي بلازيو إلى حفل تنصيبه مع أسرته بالمترو، وخلال كلمته دان عدم المساواة في المدينة ووعد بفرض ضرائب على النيويوركيين الأكثر ثراء لتمويل حضانة للأطفال اعتبارا من سن الرابعة وإصلاح إجراء التوقيف المفاجئ من قبل الشرطة للمارة والقيام بتفتيشهم بشكل سطحي، الذي يطال خصوصا الشبان السود والمتحدرين من أميركا اللاتينية. كما وعد ببناء المزيد من المساكن الاجتماعية للطبقات الوسطى.
وكان دي بلازيو انتخب في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بأكثر من 73 في المائة من أصوات النيويوركيين الذين عبروا بذلك عن رغبتهم الكبيرة في التغيير واختاروا عمدة ديمقراطيا للمرة الأولى منذ نحو عشرين عاما. وقد اكتسح خصمه الجمهوري جو لوتا.
لعبت عائلة دي بلازيو دورا محوريا في حملته الانتخابية التي شاركت فيها بشكل نشط زوجته شيرلين ماكراي الشاعرة والناشطة وولداهما دانتي (16 عاما) وكيارا (18 عاما)، وهي «عائلة عصرية» على صورة المدينة المختلطة ما بين البيض (33.3 في المائة)، والسود (25.5 في المائة) والمتحدرين من أميركا اللاتينية (28.6 في المائة) والآسيويين (12.7 في المائة).
ويعمل نحو 300 ألف شخص لحساب بلدية نيويورك حيث تسلم دي بلازيو مهامه. ويثير تولي دي بلازيو رئاسة بلدية نيويورك آمالا كبيرة لدى اليسار الأميركي، إذ إن نيويورك تشكل مختبرا على المستوى الوطني. وهي تضم أكثر من 400 ألف مليونير وإيجارات المنازل فيها مرتفعة جدا. وبحد أدنى من الأجور يبلغ ثمانية دولارات في الساعة تواجه عائلات كثيرة صعوبة في تأمين نفقاتها الشهرية.
وخلال حملته دان دي بلازيو الذي كان مؤيدا للساندينيين الذين أطاحوا بالديكتاتور اناستازيو سوموزا في نيكاراغوا في 1979، مرارا «قصة المدينتين» واعدا بتقليص الفروق. وأكد خلال حفل تنصيبه الليلة قبل الماضية أن الأمر «لم يكن مجرد خطابة» خلال الحملة الانتخابية. وأضاف «سنفعل ذلك»، معترفا في الوقت نفسه بأن ذلك لن يكون سهلا. وكما هي العادة، أدى دي بلازيو القسم بعد دقيقة واحدة من منتصف ليل الأربعاء - الخميس.
وحضر مايكل بلومبرغ (71 عاما) حفل أداء القسم في مقر البلدية، وبدا عليه التأثر. وقرر أن يمضي عطلة في هاواي ونيوزيلندا قبل أن يستأنف عمله. وكان قد صرح في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي أنه سيقضي وقته في «القليل من العمل في بلومبرغ (الشركة المالية التي أسسها في الثمانينات) والقليل من الأعمال الخيرية. سأمضي الكثير من الوقت في العمل لهذه المنظمة التي تضم 63 مدينة تعمل من أجل البيئة».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.