معارض تونسي: الاتهامات الموجهة إلى «النهضة» لم تأتِ من فراغ

رئيس الحكومة يوسف الشاهد (الثاني من اليمين) خلال منتدى اقتصادي في العاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة يوسف الشاهد (الثاني من اليمين) خلال منتدى اقتصادي في العاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)
TT

معارض تونسي: الاتهامات الموجهة إلى «النهضة» لم تأتِ من فراغ

رئيس الحكومة يوسف الشاهد (الثاني من اليمين) خلال منتدى اقتصادي في العاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة يوسف الشاهد (الثاني من اليمين) خلال منتدى اقتصادي في العاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)

أكد حمة الهمامي المعارض التونسي البارز، الناطق باسم «الجبهة الشعبية» اليسارية، «جدية» الاتهامات الموجهة إلى حركة «النهضة» وقياداتها، مشدداً في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية على أن التحالف بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد والحركة أشبه «بتحالف الثعالب لكونه بين طرفين محتالين».
وقال الهمامي في المقابلة التي نشرتها الوكالة الألمانية، أمس: «الاتهامات ضد النهضة... وتحديداً في قضية الجهاز السري وعلاقته بالاغتيالات السياسية، وبخاصة اغتيال القياديين البارزين في الجبهة الشعبية شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013 ليست كيدية، وإنما مدعومة بوثائق ومستندات قانونية، أي أن الأمر ليس مجرد صراع آيديولوجي أو محاولة لتشويهها قبل الانتخابات (المقررة خلال العام الجاري)... الاتهامات الموجهة إلى (النهضة) لم تأتِ من فراغ»، علماً بأن «النهضة» دأبت على نفي هذه الاتهامات وهددت باللجوء إلى القضاء دفاعاً عن نفسها.
وتابع الهمامي: «هناك وثائق كثيرة حصلت عليها هيئة الدفاع (في قضية بلعيد والبراهمي) من الجهات القضائية تتعلق بمصطفى خضر الذي وجه إليه قضاة التحقيق أخيراً تهمة الضلوع في اغتيال البراهمي... ومن بين هذه الوثائق ليس فقط ما يؤكد علاقة خضر بقيادات (النهضة) وإنما أيضاً ما يثبت تأسيسها جهازاً سرياً لمراقبة خصومها واختراق أجهزة الدولة ومفاصل المجتمع ومتابعة الأحزاب والجمعيات والمنظمات والإعلاميين وكوادر الأمن والجيش وغير ذلك».
وقال: «كما اعتدنا من (النهضة)، نفت في البداية أي معرفة لها بخضر، ولكن مع تضييق الخناق عليها اضطرت مؤخراً إلى الاعتراف بأنه يرتبط بعلاقة إنسانية مع بعض قيادات الحركة».
واستنكر بشدة موقف «النهضة» من قضية «المدرسة القرآنية» التي كشفتها السلطات قبل أيام، وسط مزاعم أنها تخرّج متشددين. وقال: «الجميع يعلم بقضية المدرسة القرآنية التي أثارت استياء الرأي العام التونسي بعدما شهدت احتجاز عدد من الأطفال في ظروف بالغة السوء صحياً وبيئياً بهدف ملء أدمغتهم بأفكار متطرفة تهدف إلى أفغنة ودعشنة جيل كامل... ومع ذلك تطوعت قيادات في (النهضة) في البداية للدفاع عنها، ولكن بعد الانتقادات الشعبية القوية لهذه المواقف اضطرت إلى إصدار بيان لإدانة الواقعة».
وقلل من شأن الحديث عن محاولات التوظيف السياسي في اتهامات تورط «النهضة» في الاغتيالات السياسية، ولفت إلى أن الأمر الذي يتعين التركيز عليه هو مدى صحة هذه الاتهامات. وأوضح: «كل المؤسسات القضائية والتنفيذية تُجري تحقيقات حول هذه الاتهامات، بما في ذلك مجلس الأمن القومي، برئاسة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي... بالطبع (النهضة) تدّعي أن السبسي يحاول استغلال سلطاته والسعي إلى تشويهها... ونرى أنه بفرض أن لدى السبسي نيات خاصة، فالأهم هو مدى جدية هذه الاتهامات».
وحمّل الهمامي، الذي يشغل موقع الأمين العام لحزب العمال، الصراع السياسي بين أطراف الحكم، مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وتابع: «كل أزمات بلادنا حالياً سببها الصراع السياسي المتعفن على كراسي السلطة بين أطراف الحكم، أي بين (النداء) ومعه مؤسسة الرئاسة، و(النهضة)، وأخيراً الشاهد؛ فكل طرف يسعى إلى توسيع سيطرته على أجهزة الدولة ليكون هو الفائز بانتخابات 2019».
ورأى الهمامي أنه «من المبكر الحديث عن قدرة أي طرف على حسم المعركة الانتخابية لصالحه، خصوصاً مع وجود تطورات يومية وانعكاسات دولية وإقليمية على المعركة».
واتهم الهمامي الشاهد باستخدام ما وصفه بـ«الأساليب غير الشرعية والقذرة للضغط على وسائل الإعلام وتوظيفها لصالحه بالانتخابات عبر ترهيبهم، إما بالأجهزة الأمنية وإما بالمنظومة الجبائية». وقال: «لم يُدلِ الشاهد بأي تصريح حول ملف التنظيم السري لـ(النهضة) رغم تفجره شعبياً وإعلامياً، وطبعاً هذا يأتي في إطار استمرار المصالح المتبادلة بين الجانبين... ولكن هذه العلاقة أشبه بتحالف الثعالب لكونها بين طرفين محتالين... ومع تضارب المصالح مع اقتراب الانتخابات نتوقع تفكك أواصر هذا التحالف... فالشاهد ينوي الترشح للرئاسيات، وهناك أحاديث عن احتمالية ترشح الغنوشي أيضاً».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».