«الرعاية» تنعش الثقافة الفرنسية من جديد

تبرعات الشركات والخواص في تزايد مستمر

واجهة اللوفر
واجهة اللوفر
TT

«الرعاية» تنعش الثقافة الفرنسية من جديد

واجهة اللوفر
واجهة اللوفر

إذا كانت المؤسسات العمومية اليوم عاجزة عن رعاية المثقف ودعم أعماله وإبداعاته بسبب سياسات التقشف والأزمات، فإن المال الخاص حاضر لتشجيع الثقافة وتمويل مشاريعها ومعالمها ومتاحفها. الحل وُجد في كلمتين «رعاية الثقافة». المفهوم قديم جديد، بما أنه عرف بدايته إبان النهضة الإيطالية حين كان الأغنياء يتكفلون ويرعون مُبدعين شباباً ليتمكنوا من التفرغ للفن، لكنه تطور مع الوقت إلى ما أصبح يُعرف -حسب المفهوم الانجلوسكسوني- بـ«سبونسورنغ» أو «التمويل مقابل الدعاية» وهو ما يحدث عادةً في مجال الرياضة والفن.
في كل سنة تخصص فرنسا، الحريصة على الاحتفاظ بمكانتها الرائدة في مجال الثقافة والفنون، ميزانيات ضخمة لضخ الحياة الثقافية والفنية، وصلت عام 2018 إلى 10 مليارات يورو، حسب تقرير وزارة الثقافة، منها أكثر من 240 مليوناً لرعاية المعالم الأثرية وترميمها، و200 مليون لتغطية نفقات مجانية المؤسسات الثقافية، و3 ملايين لاستقبال المبدعين الأجانب، و860 مليوناً لتمويل مشاريع مختلفة، وإن كانت هذه المبالغ تبدو مرتفعة إلا أنها أصبحت في الواقع لا تفي بالغرض لا سيما مع ارتفاع تكاليف بعض المشاريع. رغم هذا وذاك، فإن كثيراً من المؤسسات الثقافية لا تزال تنشط وتنتعش بفضل هبات وتبرعات الشركات والخواص.
هذه السنة المداخيل التي جاءت من المؤسسات الراعية بلغت أرقاماً قياسية: 3 مليارات يورو (أي تقريباً ثلث الميزانية المخصصة للثقافة) حسب جمعية «الأكميدال» (لدعم الشركات الفرنسية في ميدان الثقافة والتآزر الاجتماعي)، إلى هذا الرقم يجب إضافة الهبات التي جمعتها المنظمات الخيرية كجمعية «التراث» التي يرأسها أحد إطارات بورصة باريس والتي جمعت ما يقارب 5 ملايين يورو لدعم التراث الفني، أو مؤسسة «أصدقاء متحف اللوفر».
الطباعة والنشر كانا الأوفر حظاً بالرعاية، حيث استحوذا على 34% من مجموع ما قُدم من الأموال. المكتبة الوطنية الفرنسية «بي إن إف» وحدها تتلقى ما بين 4 و6 ملايين يورو سنوياً، تليها الموسيقى والسمعي البصري بنسبة 31%، والفنون التشكيلية والاستعراضية بـ26%، والمعالم الأثرية بـ9%.
تطور ملحوظ، لا سيما أن فرنسا قد ترددت طويلاً قبل الخوض في هذا المجال نظراً إلى الحساسية التي كانت تطرحها مسألة دخول رؤوس الأموال مجال الثقافة وحرصها الشديد على إبعاد كل شبهات التدخل في حرية رجال الثقافة والفن، إضافة إلى الحضور القوي للدولة وإشرافها على كل ما يدخل في دائرة «الصالح العام» وعلى رأسها الثقافة. اليوم لم يتم تدارك التأخير فحسب، بل إن ظاهرة «النصرة» تعرف رواجاً منقطع النظير، ففي مقال بعنوان «نصرة الشركات الفرنسية في ازدهار» قيمت صحيفة «لوفيغارو» عدد الشركات الخاصة التي تبرعت لمؤسسات ثقافية وجمعيات بنحو 145 ألف شركة بعد أن كانت لا تتعدى 6500 عام 2006، مُضيفة أنها في تزايد مستمر وبوتيرة متسارعة، حيث عرفت زيادة 120% في ظرف 6 سنوات. الفضل يعود إلى التغيير الذي طرأ على الإطار القانوني الذي يصاحب عمليات «النصرة»، حيث تم استبدال بقانون 23 يوليو (تموز) 1987 قانوناً آخر، وهو قانون 1 أغسطس (آب) 2003 الذي يمنح الشركات المساهمة خصماً على الضرائب يقدَّر بـ60% وقد يصل إلى90%، حين يتعلق الأمر بدعم الدولة في الحصول على قطعة من التراث المهم، وهو ما شجّع الكثير من المؤسسات على خوض تجربة النصرة.
تقرير الصحيفة الفرنسية يشير إلى أن الظاهرة لم تعد تقتصر على الشركات الكبيرة فقط، إذ حتى الصغيرة التي لا تملك مداخيل مهمة تسهم بشكل مختلف عن طريق تشجيع موظفيها مثلاً على التبرع بوقتهم لإنجاح أي مشروع ثقافي أو فني. نظراً غلى إلى أهمية هذا النشاط في تحسين الصورة الخارجية للمؤسسات فإن أكثر من 200 منها قررت إنشاء مؤسسات خيرية خاصة تتفرغ للاهتمام بهذا المجال، أشهرها مؤسسة «بالازو غراسي» لصاحبها رجل الأعمال الفرنسي فرنسوا بينو، ومؤسسة «كارتيي» التي تشرف على أكبر متحف خاص في فرنسا، وكذا مؤسسة «لوي فيتون» و«فينشيي».
«متحف اللوفر» يقدم أكبر مثال على نجاح هذه التجربة عبر «حلقة أصدقاء متحف اللوفر» التي تضم خواص وشركات تدعم المتحف الفرنسي الأكثر زيارة في العالم، حيث إنها مكّنته مثلاً من اقتناء لوحة الفنان جاك سالي «الحب وهو يشهر سهامه» بفضل جمعها ما يقارب 3 ملايين يورو من التبرعات، كما ينظم المتحف سنوياً ومنذ 2010 حملة «كلنا رعاة» التي يدعو فيها الخواص إلى التبرع عبر موقعه على الشبكة، آخر هذه الحملات مكّنت المتحف من اقتناء تحفة نادرة هي «كتاب الساعات» للملك فرنسوا الأول، والتي كانت معروضة للبيع من طرف مُجمع بريطاني بمبلغ 10 ملايين. أما حملة التبرع الجديدة التي يدعو إليها المتحف حالياً على موقعه لترميم بوابة «الكروزيل» والتي تتكلف مليون يورو فقد جمعت حتى الآن 4326 متبرعاً وحققت أهدافها بنسبة 92%.
بعض المعالم أصبحت نماذج يُحتذى بها في التمويل الذاتي، كقصر «شامبور» التاريخي الذي يعتمد في تسييره بنسبة 90% على الأموال الخاصة الفرنسية ولكن أيضاً الأجنبية، هذا على الرغم من أن المعلم التاريخي مصنف ضمن التراث العالمي لليونيسكو. ورغم غياب المقابل المادي والدعاية لمثل هذه العمليات فإن المرافق التي تستفيد من هكذا دعم تكافئ داعميها بطرق متفاوتة، فالراعي قد يجد اسمه أو شعاره -إذا كان مؤسسة- في مربع صغير داخل قاعة المتحف، أو قد تحمل القاعة اسمه إذا كانت هبته كريمة، أما الذي يدفع أقل من ذلك، فتمكنه الاستفادة مثلاً من تذاكر دخول مجانية له ولعملائه أو من قاعات لتنظيم حفلات خاصة أو من حجز الأماكن الأمامية في صالات العرض. وربما كانت أطرف هذه المكافآت ما تقترحه أوبرا باريس لشركائها من زيارات لكواليس العرض ساعات قبل الافتتاح. من المانحين أيضاً مَن يرفض تماماً كل أشكال المكافآت؛ عائلة «آل روتشليد» التي دعمت لعقود طويلة المؤسسات الثقافية وموّلت عودة أكثر من 12 ألف قطعة فنية إلى المتاحف الفرنسية كانت تتفادى الأضواء وترفض حتى وضع اسمها على بطاقات الدعوة.



مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة، بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة بادوفا الإيطالية، الثلاثاء، اكتشاف عدد من الورش الصناعية التي ترجع إلى العصر المتأخر وبدايات العصر البطلمي، إلى جانب الكشف عن جزء من جبانة رومانية تضم أنماطاً متنوعة من الدفن، أثناء أعمالها بموقعي كوم الأحمر وكوم وسيط بمحافظة البحيرة (غرب الدلتا).

ويساهم هذا الكشف في تعميق فهم طبيعة الحياة والنشاط البشري في مناطق غرب دلتا النيل والمناطق الداخلية المحيطة بمدينة الإسكندرية، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد، موضحاً في بيان للوزارة، الثلاثاء، أن «هذه الاكتشافات تمثل إضافة علمية مهمة لدراسة أنماط الاستيطان والممارسات الجنائزية والأنشطة الصناعية في غرب الدلتا، كما تسهم في تقديم رؤى جديدة حول شبكات التواصل الإقليمي منذ العصر المتأخر وحتى العصرين الروماني والإسلامي المبكر».

وتتكون الورش الصناعية المكتشفة من مبنى كبير مقسّم إلى ما لا يقل عن ست غرف، خُصصت اثنتان منها لمعالجة الأسماك، حسب تصريحات رئيس قطاع الآثار المصرية، محمد عبد البديع، حيث عثرت البعثة على نحو 9700 عظمة سمك، بما يشير إلى وجود نشاط واسع لصناعة السمك المملح في تلك الفترة.

الكشف عن جبانة رومانية بمصر (وزارة السياحة والآثار)

ويرجح تخصيص الغرف الأخرى لإنتاج الأدوات المعدنية والصخرية، وتمائم الفيانس، إذ عُثر على عدد من التماثيل الجيرية غير المكتملة، إلى جانب قطع أخرى في مراحل تصنيع مختلفة.

وأسفر الكشف أيضاً عن العثور على جرار أمفورا مستوردة وقطع من الفخار اليوناني، الأمر الذي يؤرخ نشاط هذه الورش إلى القرن الخامس قبل الميلاد.

وأسفرت أعمال الحفائر كذلك عن اكتشاف جزء من جبانة رومانية تضم عدة دفنات بثلاثة أنماط رئيسية، شملت الدفن المباشر في الأرض، والدفن داخل توابيت فخارية، بالإضافة إلى دفنات أطفال داخل أمفورات كبيرة، وفق بيان الوزارة.

فيما أوضحت رئيسة البعثة من جامعة بادوفا الإيطالية، الدكتورة كريستينا موندين، أن فريق العمل يجري حالياً عدداً من الدراسات البيو - أثرية على الهياكل العظمية المكتشفة، بهدف تحديد النظام الغذائي، والعمر، والجنس، والحالة الصحية للمدفونين بالموقع، والبالغ عددهم 23 شخصاً من الذكور والإناث والأطفال والمراهقين والبالغين.

وأشارت إلى أن النتائج الأولية لهذه الدراسات تشير إلى أن هؤلاء الأفراد عاشوا في ظروف معيشية جيدة نسبياً، دون وجود دلائل واضحة على إصابتهم بأمراض خطيرة أو تعرضهم لأعمال عنف.

وعدّ عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، هذه الاكتشافات، تمثل إضافة نوعية لفهم تاريخ غرب الدلتا خلال العصر الروماني، إذ تكشف بوضوح عن تداخل الحياة الاقتصادية مع الممارسات الاجتماعية والدينية في تلك المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ورش تجهيز السمك المملح تعكس نشاطاً صناعياً منظماً يعتمد على استغلال الموارد الطبيعية، ما يدل على أهمية غرب الدلتا بوصفها مركزَ إنتاجٍ غذائي وتجاري مرتبط بشبكات أوسع داخل مصر وخارجها».

من القطع المكتشفة في الجبانة (وزارة السياحة والآثار)

كما رأى عبد البصير أن «الكشف عن الجبانة الرومانية يقدّم مادة علمية ثرية لدراسة المعتقدات الجنائزية والبنية الاجتماعية للسكان، من خلال تنوع طقوس الدفن واللقى المصاحبة».

ونجحت البعثة في الكشف عن عشرات الأمفورات الكاملة (جرار خزفية)، بالإضافة إلى زوج من الأقراط الذهبية يعود لفتاة شابة، وقد نُقلت هذه القطع الأثرية إلى المتحف المصري في القاهرة، تمهيداً لإجراء أعمال الدراسة والترميم اللازمة لها، وفق بيان الوزارة.

وقال الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، أحمد عامر، إن «هذا الاكتشاف الأثري في غرب الدلتا يفتح آفاقاً جديدة لفهم فترة حكم العصور المتأخرة وما تلاها من حقب تعاقبت على الحضارة المصرية القديمة، بل وتعيد قراءة التاريخ المصري القديم من منظور جديد».

من القطع الأثرية المكتشفة (وزارة السياحة والآثار)

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الكشف سوف يضيف لنا علمياً كثيراً عن تلك الحقبة، كما أنه معروف أن الأمفورات كانت تستخدم في عمليات التجارة الخارجية، وكان يوضع بها النبيذ، وأحياناً في نقل السمك المملح، وهذه ليست المرة الأولى في العثور على الأمفورات، حيث كانت متداولة في التجارة الخارجية للدولة المصرية مع اليونان في فترات كثيرة».


للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
TT

للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)

يواجه أحد أقدم أنواع النحل على كوكب الأرض، والمُلقِّح الأساس في غابات الأمازون، تهديدات متزايدة نتيجة إزالة الغابات، والتغيرات المناخية، وتلوث المبيدات، والمنافسة من نحل العسل الأوروبي العدواني.

في خطوة تاريخية، أصبح نحل الأمازون غير اللاسع، أي الذي لا يلسع على عكس نحل العسل الأوروبي «النحل العدواني»، أول الحشرات في العالم التي تُمنح حقوقاً قانونية، تشمل الحق في الوجود، والازدهار، والحماية القانونية في حال التعرض للأذى.

وقد أُقرّت هذه القوانين في بلديتين في بيرو هما: ساتيبو وناوتا، بعد سنوات من البحث وجهود الضغط التي قادتها روزا فاسكيز إسبينوزا، مؤسسة منظمة «أمازون ريسيرتش إنترناشيونال».

يُربي السكان الأصليون هذا النوع من النحل منذ عصور ما قبل كولومبوس، ويُعد مُلقحاً رئيسياً يساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي وصحة النظم البيئية، إذ يلقح أكثر من 80 في المائة من النباتات، بما في ذلك محاصيل الكاكاو، والقهوة، والأفوكادو. وأظهرت أبحاث إسبينوزا، التي بدأت عام 2020، أن عسل هذا النحل يحتوي على مئات المركبات الطبية المضادة للالتهاب والفيروسات والبكتيريا، كما وثقت المعرفة التقليدية في تربيته وجني عسله.

أفاد السكان الأصليون بتراجع أعداد النحل وصعوبة العثور على الأعشاش، كما كشف التحليل الكيميائي للعسل عن آثار المبيدات حتى في المناطق النائية. وأظهرت الدراسات صلة بين إزالة الغابات وتراجع أعداد النحل، بالإضافة إلى المنافسة المتزايدة من نحل العسل الأفريقي المهجن، الذي بدأ في إزاحة النحل غير اللاسع من موائله الطبيعية منذ القرن الـ20.

وفقاً لكونستانزا برييتو، مديرة قسم شؤون أميركا اللاتينية في «مركز قانون الأرض»، تمثل هذه القوانين نقطة تحوُّل في علاقة البشر بالطبيعة، إذ تعترف بالنحل غير اللاسع بوصفه من الكائنات الحاملة للحقوق وتؤكد أهميته البيئية.

وأوضح زعيم السكان الأصليين آبو سيزار راموس أن القانون يحتفي بالمعرفة التقليدية ويعترف بالدور الحيوي للنحل غير اللاسع في دعم نُظم الأمازون البيئية وثقافات الشعوب الأصلية.

تتطلب هذه القوانين، حسبما ذكرت «الغارديان» البريطانية، استعادة المَواطن البيئية، وتنظيم استخدام المبيدات، واتخاذ تدابير للحد من آثار تغيُّر المناخ، وقد اجتذبت عريضة عالمية مئات الآلاف من التوقيعات، في حين أبدت دول أخرى اهتماماً بتطبيق نموذج بيرو لحماية المُلقِّحات المحلية.


«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

يشكل إعلان الحكومة المصرية على لسان وزير قطاع الأعمال العام المصري المهندس محمد شيمي، عن سعيها للاستحواذ على مبنى قصر القطن في مدينة الإسكندرية المجاور للنصب التذكاري للجندي المجهول طاقة نور لإخراج المبنى من حالة الجمود واستغلاله سياحياً بعد تحويله إلى فندق.

ويعود المبنى لفترة الثمانينات، وأقيم مكان قصر القطن التاريخي زمن السادات، ويعدُّ أكبر منشأة في منطقة المنشية تطل على البحر مباشرة وسط مدينة الإسكندرية، ويتميز «قصر القطن» بطرازه المعماري ما جعله فريداً بين المنشآت والبنايات الموجودة في المنطقة من حيث الارتفاع والضخامة والعناصر الهندسية والمعمارية.

وقال الفنان فتحي بركات، رئيس جمعية الفنانين والكتاب «أتيليه الإسكندرية»، إن مبنى «قصر القطن» كان في البداية مملوكاً لشركة الأقطان الشرقية بالإسكندرية، وكانت هناك محاولة لأن يكون أعلى مبنى في المدينة ليتشكل من 45 طابقاً، لكن لم يتم الموافقة على مخطط بنائه، واقتصر على 22 طابقاً فقط، ومنذ إنشائه زمن السادات في موقع قصر القطن التاريخي لم يُستغل بشكل مثالي. «والآن تشغل جزءاً منه جامعة سنجور الفرنسية، بالإضافة إلى طابقين حكوميين، لكن تظل باقي الأدوار بلا أي نوع من الإشغال، وفق كلام بركات الذي أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المبنى محاط بمنطقة مزدحمة بالبائعين، منطقة المنشية، ويجاور النصب التذكاري للجندي المجهول وإعادة الحياة له ربما يعيد الهدوء مرة أخرى للمكان، ويضفي طابعاً مختلفاً لها يعيدها للزمن الجميل، وهو يمتلك إمكانات تؤهله للاستغلال الفندقي، حيث يتضمن جراجاً في الدور الأرضي، بالإضافة لإجراء الكثير من التغييرات الداخلية لاستغلال مكوناته، أما عن شكله الخارجي فلا توجد هناك مساحة لأي تغييرات، لأن واجهته زجاجية، ولا يمكن تغييرها».

المبنى المراد تحويله إلى فندق (تصوير: عبد الفتاح فرج)

كان المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، قال خلال لقائه عدداً من الصحافيين بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة، الثلاثاء، إن الحكومة المصرية تعمل حالياً على خطة تهدف إلى إعادة إحياء الأصول التاريخية وتعظيم الاستفادة منها، من بينها أحد القصور الأثرية المميزة بمدينة الإسكندرية، وهو «قصر القطن» الواقع بجوار النصب التذكاري، مشيراً إلى أنه من المستهدف تطوير القصر وإعادة تشغيله فندقاً سياحياً متميزاً.

وأضاف شيمي أن المشروع المقترح يتضمن إنشاء فندق بارتفاع 22 طابقاً، يسهم في دعم الطاقة الفندقية بالإسكندرية وتعزيز المنتج السياحي، والحفاظ على الطابع التراثي وتحقيق عوائد اقتصادية مستدامة، ولتحقيق ذلك أجرت الوزارة دراسة استغلال المبنى بوضع تصور شامل لتحقيق الاستغلال الأمثل له، وتحويله إلى مركز استثماري متعدد الاستخدامات الفندقية والإدارية والتجارية، وتسهم في تعظيم العائد منه، وتنشيط ودعم الحركة السياحية والتجارية في الإسكندرية وتوفير فرص عمل إضافية.

من جهته قال الباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان إن «اتجاه مصر لتطوير واستغلال قصر القطن وتحويله إلى فندق سياحي، سيُعيد صياغة المكان، عبر إزالة الكثير من الساحات التي تشوه المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة صارت مزدحمة جداً، فضلاً عن عشوائيتها، لذا سيكون مشروع الفندق بمثابة رئة تعيد ساحة النصب التذكاري ومنطقة المنشية لسماتها السياحية والتراثية التي فقدتها منذ سنين».