احتفالات شعبية بتحرير درنة... وخلافات السراج وحفتر تدخل «حرب الطائرات»

{الجيش الوطني} يشن غارات قرب حقل الفيل جنوب ليبيا

TT

احتفالات شعبية بتحرير درنة... وخلافات السراج وحفتر تدخل «حرب الطائرات»

أعلنت مدرية الأمن الوطني في مدينة درنة، الموالية للحكومة المؤقتة في شرق ليبيا، أمس، الانتهاء من العمليات العسكرية بالمدينة، بينما لم يصدر على الفور تأكيد رسمي من الجيش الوطني الليبي الذي كانت قواته تخوض آخر معاركها ضد الجماعات الإرهابية والمتطرفة المتحصنة داخل المدينة.
وطبقا لما أبلغه سكان محليون في المدينة لـ«الشرق الأوسط» فقد شهدت معظم أحياء المدينة مساء أمس احتفالات واسعة، شارك فيها الجنود وسكان مدينة درنة بمناسبة تحرير المدينة، التي كانت تعد آخر معاقل الجماعات المتطرفة هناك.
وأطلق الجنود أعيرة نارية في الهواء احتفالا بالمناسبة، فيما كانت أبواق السيارات تدوي أيضا في معظم الشوارع.
وقالت مديرة الأمن الوطني في درنة إن العملية العسكرية في المدينة «انتهت وتم تحريرها من الإرهاب تحريرا كاملا غير منقوص».
في غضون ذلك، صعد السراج من وتيرة خلافاته مع المشير حفتر، حيث انتقد في بيان له مساء أمس ما وصفه بـ«القصف بالصواريخ الذي تعرضت له طائرة مدنية تنقل جرحى من حقل الفيل في الجنوب للعلاج في طرابلس». واعتبر المجلس الرئاسي لحكومة السراج أن قيام سلاح الجو، التابع للجيش الوطني بقيادة حفتر، بتحذير الطائرة واستهدافها، يعد عملاً إرهابياً لا تسمح بارتكابه جميع القوانين والمعاهدات الدولية، وتعتبره جريمة ضد الإنسانية.
وزعم البيان أن القصف أصاب مدرج المطار والبنية التحتية لحقل الفيل، أحد حقول النفط الرئيسية في جنوب غربي البلاد، وأحد مصادر رزق الليبيين، مؤكدا أنه تم اتخاذ ما وصفه بـ«خطوات إجرائية وقانونية لمواجهة هذا العبث المدمر». كما أصدر توجيهاته لوزارة الخارجية لعرض هذا التجاوز الخطير الذي يستهدف حياة المدنيين على مجلس الأمن الدولي.
ورأى البيان أن هذا القصف استفزاز وتصعيد يتحمل مسؤوليته الكاملة من قام به، بعدما عرض أرواح المدنيين للخطر، وعرض مصدر رزقهم للتدمير، لافتا إلى أن ما حدث محاولة لجر البلاد إلى مواجهات جديدة تمد من عمر الأزمة، على حد تعبيره.
وترددت معلومات غير رسمية تفيد بأن الطائرة التي استهدفها سلاح الجو من باب التحذير على مدرج مطار حقل الفيل النفطي، جنوب غربي مدينة أوباري، والتابعة للخطوط الليبية، كانت تستعد على ما يبدو لنقل الفريق علي كنّة، الذي عينه فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني قائداً عسكرياً لمنطقة سبها في الجنوب، إلى العاصمة طرابلس، ، وهو الهجوم الذي أدانه فائز السراج، ووجه وزير خارجيته بعرض هذا «التجاوز الخطير» على مجلس الأمن.
وكان الجيش الوطني، بقيادة حفتر، قد بدأ اعتباراً من أول من أمس فرض حظر على الهبوط والإقلاع من وإلى مطارات ومهابط المنطقة الجنوبية، التي اعتبرها منطقة عمليات حربية مغلقة، مشترطاً موافقة غرفة عمليات القوات الجوية على ذلك. وهدد بأن أي طائرة تدخل هذا المجال من دون تصريح سيتم إجبارها على الهبوط، وستعامل عند عدم امتثالها للأوامر كهدف معادي، لافتاً أيضاً إلى أن أي طائرة أجنبية تهبط حتى في المهابط الترابية ستكون هدفاً مشروعاً لمقاتلات سلاح الجو.
من جهة ثانية، أعلن الجيش التشادي أنه أسر أمس أكثر من 250 «إرهابياً، بينهم أربعة قياديين»، وذلك منذ أن تسللت قافلة تابعة للمتمردين إلى نجامينا من ليبيا المجاورة نهاية الشهر الماضي، فيما شن سلاح الجو الليبي أربع غارات تحذيرية، أمس، باتجاه مطار حقل الفيل النفطي جنوب البلاد.
وقالت هيئة أركان الجيش التشادي، في بيان لها، إنه تم تدمير أكثر من 40 عربة، كما جرى ضبط مئات القطع من الأسلحة، مشيرة إلى أن ما وصفتها بعملية التمشيط مستمرة في منطقة النادي في شمال شرقي تشاد، بالقرب من حدود البلاد مع ليبيا والسودان.
وعلى صعيد غير متصل، ناقش مصطفى صنع الله، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، داخل مقر المؤسسة بطرابلس مع لويس باولو نافاس، المدير العام لشركة «ريبسول»، فرع ليبيا، مشروعات الشركة بليبيا والأزمة المستمرة في حقل الشرارة النفطي.
وقالت المؤسسة، في بيان نشرته أمس على موقعها الإلكتروني، إن الجانبين بحثا مجالات تعزيز التعاون بين المؤسسة الوطنية وشركة «ريبسول»، والأنشطة والخطط التجارية المشتركة للعام الحالي، بما في ذلك آخر التطورات في حقل الشرارة.
وعلى صعيد متصل بأزمة الهجرة التي تعيشها ليبيا، انتقد العميد أيوب قاسم، المتحدث باسم رئاسة أركان القوات البحرية الليبية، التابعة لحكومة الوفاق الوطني، بعض المنظمات الأممية العاملة في البلاد، وقال إنها «تصدر تقارير عن ليبيا غير موثقة، وتطلق اتهامات بالجملة دون تحقيق، بهدف تشويه صورتها». وأضاف المتحدث باسم القوات البحرية في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن «هذه المنظمات، التي تمارس عملها تحت مظلة الأمم المتحدة، تقول إنها واجهة للحق والعدل في العالم. لكنها تمارس عملها بشكل سافر، لأنه يعتمد على التهويل والمبالغة، وتتعمد إغفال الجهود المبذولة مع المهاجرين المحتجزين في مراكز الإيواء». تأتي تصريحات المتحدث باسم رئاسة أركان القوات البحرية الليبية، على خلفية انتقاد منظمة العفو الدولية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، حيث قالت في وقت سابق إن «الآلاف منهم يتعرضون للتعذيب والاحتجاز والابتزاز والاغتصاب هناك».
وأوضح قاسم أن «التقارير التي تطلقها المنظمات الدولية عن ليبيا، خصوصاً فيما يتعلق بملف الهجرة غير المشروعة، لا تخضع للتحقيق أو التدقيق من أي لجنة، ويتم تسويقها في وسائل الإعلام العالمية بشكل فج، ما يخالف الحقيقة ويبتعد عن المصداقية»، مشدداً على أنه «كان يتحتم على هذه المنظمات، التي تستغل هشاشة الأوضاع في ليبيا، أن تغادر البلاد بعد نشر هذه التقارير». ودعا قاسم جامعة الدول العربية إلى «لعب دور في تفنيد هذه التقارير والتصدي لها»، وتابع متسائلاً: «ما ذنب ليبيا إذا تسلل إليها آلاف المهاجرين غير الشرعيين من 40 دولة، فيما العالم يكتفي باللوم والفرجة». وذهب المتحدث باسم رئاسة أركان القوات البحرية الليبية إلى أن «هناك توجهاً من الرأسمالية العالمية لتهجير المواطن الأفريقي، وإبعاده عن وطنه كي لا يتمكن من استرداد وطنه»، لافتاً إلى أن «العالم خاضع لسيطرة القوى العظمى، والدول أصحاب المصالح».
في شأن آخر، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، إنها تدعم بالتعاون مع بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا المشاركة النشطة للشباب الليبي في الحياة العامة.
وأضافت «اليونيسف» في بيان نشرته، مساء أول من أمس، أنه من بين نحو 6.4 مليون نسمة في ليبيا، فإن 26 في المائة من المواطنين من فئة الشباب، حيث تبلغ أعمارهم بين 10 و24 عاماً، مشيرة إلى أنه على الرغم من دورهم النشط في انتفاضة عام 2011، فإن «احتياجاتهم لم تحظَ حتى الآن بالأولويات من جانب السلطات، وهي عرضة لمزيد من النفور من المجتمع... وهم يتعرضون للصراع المستمر، ويواجهون عمليات إغلاق متكررة للمؤسسات التعليمية، وارتفاع معدلات البطالة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».