«بوعزيزي» لبناني يحرق نفسه بسبب عجزه عن دفع قسط ابنته

وزير التربية يحقق في الأسباب... والمدرسة تؤكد «تعاطفها»

جورج زريق وابنته (الشرق الأوسط)
جورج زريق وابنته (الشرق الأوسط)
TT

«بوعزيزي» لبناني يحرق نفسه بسبب عجزه عن دفع قسط ابنته

جورج زريق وابنته (الشرق الأوسط)
جورج زريق وابنته (الشرق الأوسط)

أقدم المواطن اللبناني جورج زريق على إحراق نفسه بسبب رفض المدرسة التي كانت ابنته طالبة فيها إعطاءه إفادة مدرسية لنقلها إلى مدرسة أخرى، وأثار الحادث صدمة في الأوساط اللبنانية، ودفع وزير التربية أكرم شهيب إلى إصدار إيعاز بفتح تحقيق لجلاء الملابسات.
وتوفي زريق بعدما أضرم النار في نفسه في باحة مدرسة بكفتين في الكورة في شمال لبنان، وتردد أنه فعل ذلك احتجاجا على عدم إعطائه إفادة مدرسية لنقل ابنته إلى مدرسة أخرى، وذلك بسبب سوء وضعه المادي وتراكم القسط المدرسي المتوجب عليه، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية. وكان زريق قد نقل إلى أحد مستشفيات طرابلس للمعالجة إلا أنه ما لبث أن فارق الحياة.
وقال وزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيب لـ«الشرق الأوسط» بأن الموضوع لا يتعلق بإفادة مدرسية كون وزارة التربية سهلت أمور الطلبة العاجزين عن تأمين إفادات من مدارسهم بتأمينها من سجلات الوزارة. وأشار شهيب إلى أن الأمر يحتاج إلى تحقيق للوقوف على الأسباب التي دفعت المواطن للانتحار، معلنا أنه سيتولى تأمين التعليم لولدي زريق.
إلى ذلك، قال شهيب في بيان صادر عن مكتبه، بأنه أوعز بفتح تحقيق لجلاء الملابسات المحيطة بالحادثة، وشدّد على أن وزارة التربية التي استوعبت خلال العام الحالي في المدارس الرسمية آلاف التلاميذ الذين انتقلوا إليها من التعليم الخاص بسبب صعوبة الظروف الاقتصادية، لا تتوانى عن منح الطلاب الإفادات اللازمة للتسجيل في المدارس الرسمية.
وأكد مستشار وزير التربية أكرم شهيب أنور ضو لـ«الشرق الأوسط» أن الوزير كلف مصلحة التعليم الخاص بإجراء تحقيق لإجلاء ملابسات الحادثة، وذلك إثر التضارب في المعلومات، وإعلان المدرسة أنها تعاطفت معه منذ تسجيل ولديه سنة 2014 - 2015 وأعفته من دفع الأقساط، باستثناء رسوم النقليات والقرطاسية والنشاطات اللاصفية.
وأعلنت إدارة ثانوية سيدة بكفتين الأرثوذكسية في الكورة التي أحرق زريق نفسه في باحتها، أنها منذ مطلع العام الدراسي الحالي، طلبت من أولياء الطلبة الحضور إلى المدرسة لتسوية أوضاعهم المالية والإدارية الخاصة بأولادهم، ولم يصدر عنها إطلاقا أي تهديد بطرد أي تلميذ.
وأوضحت أنها تعاطفت مع جورج زريق منذ تسجيل ولديه سنة 2014 - 2015 وأعفته من دفع الأقساط، باستثناء رسوم النقليات والقرطاسية والنشاطات الأخرى، وعليه فكل ما يتم تداوله هو غير صحيح.
وكانت وزارة التربية استقبلت آلاف الطلاب الذين انتقلوا من مدارس خاصة إلى مدارس رسمية، من غير طلب الإفادات منهم، عملاً بتعميم أصدره وزير التربية السابق مروان حمادة لمدير عام التربية. وراعت الوزارة في هذا القرار الظروف الاقتصادية في البلاد، حيث اضطر الكثير من الأهالي إلى نقل أولادهم إلى مدارس رسمية بسبب العجز عن دفع مستحقات المدارس، وتمنع بعض المدارس الخاصة عن إعطاء إفادات مدرسية للأهالي من غير استكمال دفع الأقساط.
وأشار ضو إلى أن نقل الطلاب من مدرسة خاصة إلى مدرسة خاصة أخرى، لا تتدخل فيه الوزارة لأنها حرية وليست نتيجة انهيار وضع مالي للأهل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».