تحذير إسرائيلي من الوضع الصحي في غزة وانهيار السلطة الفلسطينية

TT

تحذير إسرائيلي من الوضع الصحي في غزة وانهيار السلطة الفلسطينية

حذر جيش الاحتلال الإسرائيلي، في تقرير رفعه للمجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن والسياسة «كابينيت»، من أن أي عملية عسكرية بقطاع غزة في ظل الأوضاع الصحية الصعبة، قد تدفع لتدخل دولي بشكل كبير لوقفها. ومن أن الجمود في عملية السلام وتقليص مداخيل السلطة الفلسطينية يؤديان إلى انهيارها.
وقالت مصادر سياسية لصحيفة «هآرتس» العبرية، أمس الأربعاء، إن «الجيش يتحفظ على شن عملية عسكرية في غزة في ظل الخدمات الصحية التي توشك على الانهيار بشكل كامل. وفي ظل الوضع الذي تعكسه المؤسسة الأمنية، فسيكون من الصعب شن حرب على قطاع غزة، وتلقي الدعم الدولي لعملية عسكرية إسرائيلية».
وأكدت المصادر أن المخابرات الإسرائيلية حصلت على تقرير داخلي حول وضع الخدمات الصحية ومستشفيات غزة، أعده مصدر طبي دولي دخل القطاع لتقييم حالة الجرحى الفلسطينيين الذين أصيبوا في مسيرات العودة الأسبوعية وللاطلاع على حالة الخدمات الصحية. وأفاد التقرير، بأن 6 آلاف مصاب بالرصاص الحي الإسرائيلي، ما زالوا ينتظرون إجراء عمليات جراحية طارئة لإصاباتهم، وأن معظم المصابين لم يحصلوا على الرعاية الطبية المناسبة واللازمة. وكشف التقرير أن النظام الصحي في غزة يواجه نقصا خطيرا في الأطباء، وأن النقص الرئيسي هو في الأطباء المتخصصين بالتخدير، وأن المستشفيات في قطاع غزة تعاني من نقص في الأدوية بنسبة 60 في المائة، من الأدوية الأساسية والمضادات الحيوية والمسكنات، في حين لا يغطي مخزون الأدوية سوى حاجز 42 في المائة (تكفي شهرا واحدا فقط). ووفقًا للتقرير، يكافح النظام الصحي في غزة لمواجهة عدد كبير من الإصابات الناجمة عن مظاهرات ومسيرات العودة. ويواجه النظام الصحي بغزة مخاوف شديدة بشأن الطاقة، مع تعطل الخدمات الصحية في بعض المستشفيات والعيادات نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2018. وصلت نسبة الأدوية الأساسية عند مستوى المخزونات الصفرية. وحذّر التقرير الدولي، من انهيار وشيك في النظام الصحي بغزة، مع الارتفاع الأسبوعي للمصابين برصاص الاحتلال الحي، وانضمامهم إلى 30 ألف مصاب لم يتلقوا الرعاية الصحية اللازمة والضرورية. واتهم التقرير، السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بالمساهمة في تدهور الوضع بقطاع غزة، بسبب وقف تمويل القطاع الصحي.
ولفت النظر إلى أنه في حرب عام 2014 لم يكن القطاع الصحي بهذا السوء، وأن أي عملية جديدة ستسهم في تدهور الوضع بالكامل وقد تتسبب بتدخل دولي، إلى جانب أن «الأونروا» لن تستطيع كما في الماضي مساعدة وزارة الصحة بغزة في حل الأزمة.
وذكرت المصادر نفسها أن الجيش والمخابرات في إسرائيل، يحذران من نقص الأموال في السلطة الفلسطينية لأنه يمكن أن يؤدي إلى انهيارات في الخدمات وبالتالي في السلطة الفلسطينية برمتها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».