هل بدأ عصر اللجوء المناخي؟

الخبراء: 150 إلى 300 مليون نازح بسبب تبدل الطقس بحلول عام 2050

جزيرة توفالو الصغيرة، الواقعة بين أستراليا وهاواي يعتقد الخبراء أنه إذا استمر الارتفاع الحالي  لمستوى سطح البحر، قد تختفي الجزيرة في نحو 30 إلى 50 سنة (واشنطن بوست)
جزيرة توفالو الصغيرة، الواقعة بين أستراليا وهاواي يعتقد الخبراء أنه إذا استمر الارتفاع الحالي لمستوى سطح البحر، قد تختفي الجزيرة في نحو 30 إلى 50 سنة (واشنطن بوست)
TT

هل بدأ عصر اللجوء المناخي؟

جزيرة توفالو الصغيرة، الواقعة بين أستراليا وهاواي يعتقد الخبراء أنه إذا استمر الارتفاع الحالي  لمستوى سطح البحر، قد تختفي الجزيرة في نحو 30 إلى 50 سنة (واشنطن بوست)
جزيرة توفالو الصغيرة، الواقعة بين أستراليا وهاواي يعتقد الخبراء أنه إذا استمر الارتفاع الحالي لمستوى سطح البحر، قد تختفي الجزيرة في نحو 30 إلى 50 سنة (واشنطن بوست)

يتكون ساحل توفالو من شواطئ رملية بيضاء وأشجار النخيل الخضراء وأشجار المانغروف. من الصعب تصور أن هناك شخصا ما يريد طواعية أن يترك هذه الجزيرة الصغيرة، الواقعة بين أستراليا وهاواي. أثارت توفالو الانتباه عقب صدور حكم تاريخي بشأن لاجئيها وهو ما قد يكون بداية موجة من حالات مماثلة: ففي 4 يونيو (حزيران) ، منحت محكمة الهجرة والحماية في نيوزيلندا تصريح إقامة لعائلة ادعت أن تغير المناخ في بلدها الأصلي، توفالو، يمثل تهديدا لها، وفق ما نشرته صحيفة «نيوزيلندا هيرالد» يوم الأحد الماضي.
وتقع الجزيرة الصغيرة التي تطل على المحيط الهادي فوق مستوى سطح البحر بمترين. ويعتقد الخبراء أنه إذا استمر الارتفاع الحالي لمستوى سطح البحر، قد تختفي الجزيرة في نحو 30 إلى 50 سنة. وتشارك توفالو هذا التهديد الوجودي مع الكثير من الجزر الأخرى والمناطق الساحلية، التي ناضلت لسنوات لزيادة الوعي الدولي إزاء محنتهم المأساوية. ويقدر عدد النازحين جراء تغير المناخ بنحو 150 إلى 300 مليون شخص بحلول عام 2050. مع تحمل البلدان منخفضة الدخل للعبء الأكبر الناجم عن الهجرة بسبب الكوارث، وفقا لمركز رصد النزوح الداخلي.
يواجه أولئك المهددون بارتفاع مستوى سطح البحر والجفاف أو غيرها من الكوارث الطبيعية مشكلة مصيرية: لا يعترف بضحايا تغير المناخ كلاجئين بموجب الاتفاقية الدولية للاجئين. وفي حالة توفالو، خسر سيغو أليسانا وأسرته التي غادرت الجزيرة في عام 2007 وانتقل إلى نيوزيلندا وضعها القانوني في 2009. لم تستطع الأسرة الحصول على تأشيرات العمل، وكان عليها التقدم بطلب للحصول على صفة لاجئين وأشخاص ذوي حماية خاصة في عام 2012. ورغم رفض دعواهم في مارس (آذار) 2013 ورفض استئنافهم، جرى قبول دعوى العائلة في نهاية المطاف. وتابع القضية عن كثب سلطات الهجرة والمحامون البيئيون من جميع أنحاء العالم.
وادعى سيغو أليسانا وزوجته أمام المحكمة أن تغير المناخ قد جعل الحياة في توفالو أكثر صعوبة بسبب حدوث سيول بشكل أكثر من ذي قبل، مما تسبب في تآكل السواحل وجعل من الصعب زراعة المحاصيل. ذكرت المحكمة تغير المناخ صراحة في تقييمها بالقول إن أطفال أليسانا كانوا بشكل خاص «عرضة للكوارث الطبيعية والآثار السلبية لتغير المناخ».
ويقول فيرنون ريفي، محاضر قانون في كلية القانون بجامعة أوكلاند للتكنولوجيا «أنا لا أرى ذلك باعتباره إصدار أي نوع من الأحكام بشأن تغير المناخ كما يعتقد». وقال ريفي إن قرار نيوزيلندا محدد جدا نظرا لأن الأسرة تستند في طلبها للحصول على الإقامة على ثلاث حجج. أولا، ادعى أفراد الأسرة أنهم لاجئون. الحجة الثانية، ادعوا أنهم «أشخاص محميون»، والحجة الأخيرة هي ادعاء العائلة بأن قضيتها تأتي تحت عنوان «أسباب إنسانية استثنائية». ويستند كل من هذه الحجج إلى الاتفاقية القائمة بشأن اللاجئين، بيد أن الأسرة لم تنجح إلا للادعاء الأخير وهو «أسباب إنسانية استثنائية»، وهي صيغة معترف بها في قانون الهجرة في نيوزيلندا ولكن لا تعترف بها الكثير من الحكومات الأخرى. واعترفت محكمة نيوزيلندا على نحو مفاجئ في حكمها بالعواقب الإنسانية المترتبة على تغير المناخ من بين عوامل أخرى، مثل وجود الأمهات المسنات اللاتي يحتجن إلى الرعاية. ومع ذلك امتنعت المحكمة في استدلالها من التفرد بتغير المناخ وذكرت أن هناك عوامل أخرى قد كانت بالفعل كافية لمنح الإقامة للأسرة. وبعبارة أخرى: إن المحكمة تجنبت إصدار قرار واضح حول ما إذا كان تغير المناخ يمكن أو لا يمكن أن يكون سببا كافيا لمنح الإقامة للاجئين. ومجرد حقيقة أن المحكمة ذكرت آثار ظاهرة الاحتباس الحراري باعتبارها عاملا مساهما في الحكم، إلا أنها ليست حاسمة. «هذا القرار لن يؤدي إلى فتح الباب لجميع الناس من أماكن مثل كيريباتي وتوفالو وبنغلاديش الذين قد يعانون مشقة بسبب آثار تغير المناخ» حسب قول ريفي.
ورغم أن قرار المحكمة قد لا يكون له نفس التأثير في كل الأماكن، قد يرسل إشارة قوية إلى عدد من الدول مثل السويد وفنلندا، التي غالبا ما تمنح اللجوء إلى الأشخاص المتضررين من الكوارث الطبيعية. ووفقا للخبير الفرنسي فرنسوا جيمني المختص في مجال الهجرة الناجمة عن تغير المناخ، تحتاج الحكومات إلى إحكام سيطرتها على واقع اللاجئين بسبب تغير المناخ، بغض النظر عن الاتفاقيات القانونية. «أعتقد أن الترتيبات الثنائية أو الإقليمية في طريقها لأن تصبح ضرورية» حسب ما قاله جيمني، مشددا على ضرورة تفعيل مجموعة من الاتفاقيات بين الدول وبين الكتل الجيوسياسية، التي من شأنها ضمان حماية النازحين بسبب ارتفاع منسوب المياه.
ولكن هل ستفتح الأبواب في نهاية المطاف لضحايا تغير المناخ؟ بعض الدول المعرضة للخطر بسبب تغير المناخ تخشى من إمكانية أن يصبح مواطنوها مواطنين «درجة ثانية» في الخارج. ونتيجة لذلك، قامت جزيرة كيريباتي –المعرضة للخطر من جراء تغير المناخ - بإنشاء برنامج «الهجرة بكرامة» الذي ينطوي على تدريب مواطنيها والعمال ذوي المهارات العالية الذين يكون عليهم طلب ويرحب بهم في بلدان أخرى في حالة اضطرار سكان كيريباتي للرحيل. الحكم النيوزيلندي الأخير ربما يعطي الدول الصغيرة اهتماما أكبر على الساحة الدولية. ولكن هل يهتم رجال الدول الرائدة في العالم، التي تعاني من مجموعة من الأزمات الأخرى؟ وضع مايكل جيرارد، أستاذ قانون تغير المناخ في جامعة كولومبيا، منظوره للتقدم في هذا الصدد بقوله «لم يبدأ إلى الآن المجتمع الدولي في مواجهة ما هو آت».
* خدمة: «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



أفغانستان: «طالبان» تبدي انفتاحاً مشروطاً على إقامة علاقات جيدة مع أميركا

شير محمد عباس ستانيكزاي نائب وزير الخارجية في الحكومة الأفغانية المؤقتة (متداولة)
شير محمد عباس ستانيكزاي نائب وزير الخارجية في الحكومة الأفغانية المؤقتة (متداولة)
TT

أفغانستان: «طالبان» تبدي انفتاحاً مشروطاً على إقامة علاقات جيدة مع أميركا

شير محمد عباس ستانيكزاي نائب وزير الخارجية في الحكومة الأفغانية المؤقتة (متداولة)
شير محمد عباس ستانيكزاي نائب وزير الخارجية في الحكومة الأفغانية المؤقتة (متداولة)

أعرب نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية في حكومة «طالبان» الأفغانية، شير محمد عباس ستانيكزاي (السبت)، عن رغبته في إقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة.

وفي حديثه خلال فعالية في كابل، طلب ستانيكزاي على وجه التحديد من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تغيير السياسة الأميركية الحالية تجاه أفغانستان، وتبني سياسة جديدة تستند إلى اتفاق الدوحة الموقع بين «طالبان» والولايات المتحدة في عام 2020.

محادثات بين وفد من «طالبان» الأفغانية مع مسؤولين أتراك في أنقرة (متداولة)

وأوضح ستانيكزاي أن «طالبان» مستعدة لأن تكون صديقةً للولايات المتحدة، مشيراً إلى أن «العدو ليس العدو دائماً».

ومع ذلك، حدَّد شروطاً معينة لتحسين العلاقات؛ بما في ذلك رفع العقوبات الاقتصادية، ورفع تجميد أصول أفغانستان في البنوك الأجنبية، وإزالة قادة «طالبان» من القوائم السوداء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان، والاعتراف بحكومة «طالبان».

يشار إلى أن حكومة «طالبان» غير معترف بها دولياً؛ بسبب سياساتها تجاه النساء والفتيات الأفغانيات.

ومنذ عودتها إلى السلطة، لم تسمح حكومة «طالبان» للفتيات والنساء الأفغانيات بالدراسة بعد المرحلة الابتدائية. وقالت سلطات «طالبان» في الأصل إن الحظر هو «تعليق مؤقت» سيتم حله بعد تهيئة بيئة آمنة للفتيات للذهاب إلى المدرسة، لكن لم يتم إجراء أي تغييرات حتى الآن.

وتدافع «طالبان» عن هذه السياسة بوصفها ضروريةً لدعم قانون البلاد والأعراف الاجتماعية والسلامة العامة.

وتنفي الجماعة أنها فرضت حظراً كاملاً على أنشطة المرأة، وسلطت الضوء على أنه تم إصدار نحو 9 آلاف تصريح عمل للنساء منذ استيلاء «طالبان» على السلطة، وأن كثيراً من النساء يعملن في القوى العاملة الأفغانية.

جندي يفحص وثائق الأشخاص الذين يعبرون إلى باكستان على الحدود الباكستانية - الأفغانية في تشامان بباكستان يوم 31 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

الإفراج عن 54 مهاجراً أفغانياً من سجون باكستان

في غضون ذلك، ذكرت وزارة اللاجئين والعودة إلى الوطن الأفغانية أنه تم الإفراج عن أكثر من 50 مواطناً أفغانياً، كانوا مسجونين في سجون كراتشي وبيشاور، في باكستان؛ بسبب عدم حيازتهم وثائق قانونية.

وأضافت الوزارة أن هؤلاء الأفراد، الذين تم سجنهم لمدد تتراوح بين 3 و30 يوماً؛ بسبب عدم حيازتهم وثائق قانونية، عادوا إلى البلاد في الثاني من يناير (كانون الثاني)، من خلال معبرَي تورخام وسبين بولداك، حسب قناة «طلوع نيوز» التلفزيونية الأفغانية، أمس (السبت).

وقال عبد المطلب حقاني، المتحدث باسم وزارة اللاجئين والعودة إلى الوطن، أمس (السبت)، إنه «تم الإفراج عن 54 مواطناً أفغانياً، كانوا مسجونين في سجون كراتشي وبيشاور؛ بسبب عدم حيازتهم وثائق قانونية، وعادوا إلى البلاد». وكانت وزارة اللاجئين والعودة إلى الوطن، قد أعلنت سابقاً أن 11 ألف لاجئ أفغاني، لا يزالون مسجونين في إيران وباكستان، وأن الوزارة تعمل على الإفراج عنهم وإعادتهم إلى البلاد.