تحذير من فراغ برلماني لبناني يلاقي الشغور الرئاسي.. وقوى {8 آذار} تلوح بإعادة النظر بالنظام

جلسة نيابية عاشرة لانتخاب رئيس.. وعودة الحريري لم تحدث خرقا بعد

الحريري مستقبلا النائب وليد جنبلاط والنائب مروان حميدي في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري مستقبلا النائب وليد جنبلاط والنائب مروان حميدي في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
TT

تحذير من فراغ برلماني لبناني يلاقي الشغور الرئاسي.. وقوى {8 آذار} تلوح بإعادة النظر بالنظام

الحريري مستقبلا النائب وليد جنبلاط والنائب مروان حميدي في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري مستقبلا النائب وليد جنبلاط والنائب مروان حميدي في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)

يُقاطع نواب قوى الثامن من آذار وللمرة التاسعة على التوالي، اليوم الثلاثاء، جلسة عاشرة لانتخاب رئيس لبناني جديد، كان قد دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بحجة عدم التوافق على اسم الرئيس المقبل وإصرار رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»، النائب ميشال عون، وهو صاحب أكبر كتلة نيابية مسيحية في البرلمان، على أنّه الأحق بمنصب الرئاسة.
ولم ينجح رئيس تيار «المستقبل»، رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري بإحداث أي خرق على صعيد الملف الرئاسي بعد عودته المفاجئة إلى بيروت الأسبوع الماضي بعد 3 سنوات من الغياب القسري، فهو لم يحمل أي تسويات أو مبادرات جديدة تشمل الرئاسة، بل ركّز في الأيام الماضية حركته على لملمة صفوف تيار المستقبل وقوى 14 آذار والإشراف على التخطيط لكيفية صرف هبة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي تبلغ مليار دولار، لدعم الأجهزة الأمنية اللبنانية في مكافحة الإرهاب. وباتت معظم القوى السياسية اللبنانية مقتنعة بأن ارتباط الملف اللبناني بملفات المنطقة المتشعبة والمعقدة، يجعل مصير الاستحقاقات الكبرى وبالأخص الاستحقاقين الرئاسي والنيابي مرتبطين إلى حد بعيد بالتطورات الإقليمية. واستهجنت مصادر في «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه عون ما أشيع عن تسوية يحملها الحريري تقضي بانتخاب قائد الجيش جان قهوجي رئيسا للبنان على أن يتم تعيين قائد فوج المغاوير، صهر عون، شامل روكز قائدا للجيش. وقالت مصادر «التيار» لـ«الشرق الأوسط»: «لسنا بوارد البحث بتسويات مماثلة باعتبار أننا أصحاب حق، وقد ولى زمن التنازل عن حقوقنا».
وعدت المصادر أن «هناك من يسعى من خلال تسريب معطيات مماثلة لوسائل الإعلام، إلى جس نبض العماد عون وإمكانية تجاوبه مع الموضوع»، موضحة أن «موقفنا نهائي وحازم، ولا تراجع عن الرئاسة إلا لمقايضتها بقانون انتخابي جديد يحقق صحة التمثيل وخاصة المسيحي».
وعن إمكانية إعادة البحث بالنظام في حال الوقوع في فراغ برلماني يُضاف للفراغ الرئاسي المستمر منذ ثمانين يوما، قالت المصادر: «مع أننا لا نحبذ طرحا مماثلا في المرحلة الحالية، لكن مجريات الأمور قد تفرض هذا السيناريو». وكان أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله أول من طرح في العام 2012 إقامة «مؤتمر تأسيسي وطني عنوانه بناء الدولة»، على أن يتم اختيار الشخصيات المشاركة فيه «على أساس تركيبة الشرائح الوطنية وليس على أساس طائفي أو مناطقي». وبرز أمس موقف لبري حذّر منه من فراغ مدو يضرب كل المؤسسات دون استثناء يقود لإعادة البحث بالنظام اللبناني. وشدّد رئيس المجلس النيابي في حديث صحافي على أن الأولوية هي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي ثم إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، عادا أنّه إذا تعذر حصول الانتخابات لسبب ما: «فأنا سأدفع في اتجاه وضع النظام برمّته في (بيت اليك) مع انتهاء ولاية المجلس رسميا في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حتى لو وقع عندها الفراغ الكبير، وأصبحنا بلا رئيس للجمهورية ولا رئيس للمجلس ولا حكومة... لأنه إذا ما كبرت ما بتزغر».
وفضّل النائب ميشال موسى، عضو كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري وضع مواقفه الأخيرة في خانة «حث كل الأفرقاء على تحمل مسؤولياتهم، وتنبيههم لخطورة أن يحين موعد الانتخابات النيابية في نوفمبر المقبل ونحن لم ننتخب رئيسا بعد».
وعد موسى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المسار الطبيعي للأمور يقول بوجوب أن تسبق الانتخابات الرئاسية تلك النيابية، لأن وجود رئيس الجمهورية ضروري لضمان سير عملية الانتخابات النيابية بإطارها الدستوري». وأكد أن «موقف الرئيس بري واضح لجهة رفض التمديد وتأييده إجراء الانتخابات في موعدها»، لكن عد أن «هناك من يسعى لرمي الكرة في ملعبه علما بأن المسؤولية تتحملها كل القوى السياسية مجتمعة».
وتوقع موسى أن «تسهم عودة الحريري، صاحب أكبر كتلة نيابية في البرلمان اللبناني بإعطاء زخم للحركة السياسية وخصوصا ملفي الانتخابات الرئاسية والنيابية، رغم أنّه قد اتضح للجميع أنّه لا يحمل اتفاقات معينة وجاهزة للتنفيذ».
وفي حال توافقت القوى السياسية اللبنانية على السير بمشروع تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي، فإنها تكون قد أقرت سابقة بعد اتفاق الطائف، بتمديد ولاية المجلس لمرتين على التوالي، بعدما كانت مدد لنفسه في شهر يونيو (حزيران) 2013. وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق أعلن الأسبوع الماضي أن الظروف الأمنية التي يمر بها لبنان لا تسمح بإجراء الانتخابات النيابية.
وأكد النائب أنطوان زهرا، عضو كتلة «القوات» اللبنانية التي يرأسها سمير جعجع، أن «أحدا لم يطرح مسألة التمديد للمجلس النيابي مع القوات»، مشددا في تصريح أمس على أن «الأولوية القصوى تبقى لإجراء الانتخابات الرئاسية ومن ثم العمل على قانون انتخابي جديد والذهاب إلى انتخابات نيابية».
ويُتوقع أن يتفرغ الحريري في الأيام المقبلة لمحاولة تحقيق خرق بالملف الرئاسي، وهو ما لمّح إليه عضو تيار «المستقبل» النائب جمال الجراح الذي رجّح أن تدفع عودة الحريري باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، داعيا «الأفرقاء المصرّين على التعطيل إلى العدول عن خيار الفراغ والحضور إلى الهيئة العامة لانتخاب رئيس».
وذكّر الجراح في حديث إذاعي بموقف قوى الرابع عشر من آذار القائل بـ«عدم التشريع الكامل بغياب رئيس للجمهورية»، وقال: «سنساهم بالتشريعات الملحّة مثل سلسلة الرتب والرواتب أو انتخاب رئيس جمهورية أو إعادة إنتاج السلطة عبر قانون جديد للانتخاب».
بدوره، استبعد وزير الإعلام رمزي جريج أن يتم في الجلسة النيابية اليوم انتخاب رئيس للجمهورية. وآمل، في حديث تلفزيوني: «قيام حراك بين جميع القوى السياسية، بما فيها المسيحية، من أجل الاتفاق على ضرورة انتخاب رئيس».
وأخفق البرلمان اللبناني في تسع جلسات سابقة دعا إليها بري منذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان في 25 مايو (أيار) الماضي، في انتخاب رئيس جديد كنتيجة حتمية لتوازن الرعب القائم بين طرفي الصراع في لبنان، حيث يمتلك فريق 8 آذار 57 نائبا وفريق 14 آذار 54 نائبا، في حين أن هناك كتلة وسطية مؤلفة من 17 نائبا. وبما أن الدستور اللبناني ينص على وجوب حصول المرشح على 65 صوتا على الأقل في دورات الاقتراع الثانية وما بعد، فإن اشتراط حضور ثلثي أعضاء البرلمان لتأمين النصاب القانوني لانعقاد جلسة لانتخاب جعل الطرفين قادرين على التعطيل، من دون قدرة أي منهما على تأمين أصوات 65 نائبا لصالحه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».