قطاع الخدمات يتعثر في بريطانيا... واطمئنان في «حي المال»

الشركات تقلّص الوظائف مع اقتراب الانفصال

يتباطأ نمو قطاع الخدمات في بريطانيا... لكن الخدمات المالية تبدو مستقرة (رويترز)
يتباطأ نمو قطاع الخدمات في بريطانيا... لكن الخدمات المالية تبدو مستقرة (رويترز)
TT

قطاع الخدمات يتعثر في بريطانيا... واطمئنان في «حي المال»

يتباطأ نمو قطاع الخدمات في بريطانيا... لكن الخدمات المالية تبدو مستقرة (رويترز)
يتباطأ نمو قطاع الخدمات في بريطانيا... لكن الخدمات المالية تبدو مستقرة (رويترز)

أظهر مسح الثلاثاء أن الاقتصاد البريطاني يواجه خطر التعثر أو الانكماش مع اقتراب انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتباطؤ الاقتصاد العالمي، فيما تعلن شركات في قطاع الخدمات، المهيمن على الاقتصاد، تقليص وظائف للمرة الأولى في ستة أعوام وتراجع الطلبيات.
ونزل مؤشر «آي.اتش.اس ماركت-سي.آى.بي.اس» لمديري المشتريات في قطاع الخدمات في بريطانيا بأكثر من المتوقع إلى 50.1 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي، من 52.1 نقطة في ديسمبر (كانون الأول) 2018... وهو أقل مستوى منذ يوليو (تموز) 2016. ولكنه لا يزال أعلى قليلا من مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش.
والمؤشر مقياس يُتابع عن كثب لخامس أكبر اقتصاد في العالم. وتوقع استطلاع لآراء خبراء اقتصاديين أجرته رويترز قراءة عند 51.0 نقطة. فيما أوضحت وكالة «بلومبرغ» أن هذا يقود الاقتصاد إلى ما يقرب من التوقف، في ظل تزايد مخاوف الشركات من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
وتقول الشركات إنها تستبعد البدء في مشروعات جديدة، وإن العملاء ينفقون بصورة أكثر حذرا في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن خروج البلاد من التكتل الأوروبي.
وقال كريس ويليامسون، الخبير بماركت، إن «الاقتصاد البريطاني مهدد بالتراجع، وربما أكثر، في ظل تزايد المخاوف المتعلقة بالخروج البريطاني بالتزامن مع اتساع نطاق التباطؤ في الاقتصاد العالمي».
ولفتت ماركت إلى تزامن هذا التقرير مع تقارير أخرى مخيبة للآمال بشأن قطاعي التصنيع والبناء. وتظهر البيانات نموا 0.1 في المائة في الربع الأخير، وركودا محتملا في بداية العام.
وتحدى اقتصاد بريطانيا توقعات بعض الاقتصاديين بأن يشهد كسادا عقب استفتاء 2016 بشأن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. لكن النمو تباطأ بشدة في أواخر 2018 مع تنامي المخاوف بشأن خروج مفاجئ بدون اتفاق من الاتحاد. وبصفة عامة، يشير المسح إلى أن اقتصاد بريطانيا مستقر بعدما خسر قوة الدفع في أواخر العام الماضي.
وبالتزامن، أعلنت شركة الاستثمار «أوريليوس إيكويتي أوبرتيونيتيز» بيع الأجزاء المتبقية من نشاطها في مجال خدمات القطاع العام في بريطانيا. ونقلت وكالة بلومبرغ عن بيان للشركة القول إنها باعت وحدتها في مجال الرعاية المنزلية في آيرلندا الشمالية إلى شركة «ماكلي» التي كانت تمتلك حصة الأقلية في الوحدة. كما باعت الشركة قطاع خدمات إعادة التأهيل الاجتماعي إلى شركة «سيتيك» للخدمات الموجودة في منطقة «هوكلي».
وانسحبت «أوريليوس» تماما من قطاع خدمات التعهيد للسلطات العامة في بريطانيا بصورة كاملة، مشيرة إلى أن أي تطورات جديدة في هذه السوق ستتوقف بدرجة كبيرة على أوضاع الموازنة العامة لبريطانيا.
لكن على جانب آخر، أظهر مسح جديد أجرته رويترز أن صناعة الخدمات المالية في بريطانيا لم يمسها سوء إلى حد كبير حتى الآن من تطورات مسألة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، إذ يتوقع نقل أو خلق نحو ألفي وظيفة في الخارج حتى مع تنامي خطر انفصال مصحوب باضطرابات.
كان كثير من المصرفيين والساسة تنبأوا بأن تصويت الناخبين في بريطانيا في 2016 بالموافقة على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى نزوح مؤسسات ونقل وظائف ويوجه ضربة موجعة تهز مكانة لندن في عالم المال.
غير أن عدد الوظائف التي تقول مؤسسات مالية عاملة في بريطانيا إنها تتوقع فعليا أن تنقلها للخارج في حالة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق انخفض من 5766 وظيفة في المسح السابق الذي أجري في سبتمبر (أيلول) الماضي. والعدد الجديد نحو خُمس العشرة آلاف وظيفة التي خلص إليها أول مسح أجرته رويترز في سبتمبر 2017.
وتسير بريطانيا في الوقت الحالي في طريق قد يؤدي بها إلى الخروج من الاتحاد دون اتفاق، وذلك لأن صفقة تتيح للندن وبروكسل فترة انتقالية مدتها 21 شهرا للتفاوض على علاقة تجارية جديدة معرضة لخطر الانهيار.
إلا أن معظم المصرفيين يشعرون بالثقة أنه سيتم التوصل إلى حل وسط. وهم ينتظرون لمعرفة ما سيتم الاتفاق عليه وطبيعة العلاقة الجديدة قبل أخذ أي قرارات نهائية بشأن نقل الوظائف.
وتقوم نتائج المسح على إجابات 132 من أكبر أو أغلب البنوك وشركات التأمين وشركات إدارة الأصول وشركات الاستثمار المباشر والبورصات التي تركز على النشاط الدولي. وأُجري المسح في الفترة من 3 إلى 28 يناير الماضي. ويعادل عدد الوظائف الذي خلص إليه المسح 0.5 في المائة من 400 ألف موظف يعملون في قطاع الخدمات المالية في لندن.
في الوقت نفسه أظهر مسح منفصل أجرته رويترز أن بنوك الاستثمار الكبرى تعتزم تعيين عدد أكبر بكثير من العاملين في لندن مقارنة بأي مدينة أخرى في أوروبا، مما يشير إلى أنها تتوقع أن تظل بريطانيا المركز الإقليمي الرئيسي في الأجل القريب على الأقل.
وقالت كاثرين مكجينس، المسؤولة السياسية الفعلية عن الهيئة البلدية التي تساعد في إدارة حي المال في لندن المعروف باسم «سيتي»، إن هذه العملية ستكون أشبه بعملية «احتراق بطيء. لن ندرك ما سيكون عليه الأثر الكامل قبل عشر سنوات على الأقل». وأضافت: «غير أن سيتي يتغير باستمرار وسيجد وسيلة للازدهار».
وتشير نتائج المسح إلى أن لندن، التي يوجد بها أكبر عدد من البنوك وأكبر سوق للتأمين في الاتحاد الأوروبي، ستبقى على الأرجح مركز صناعة المال العالمية في المنطقة.
وتتمتع البنوك وشركات التأمين في بريطانيا في الوقت الحالي بإمكانية التواصل دون أي عوائق تذكر مع عملائها في أنحاء الاتحاد الأوروبي في أغلب الأنشطة المالية. غير أن أسسا كانت تعتبر بديهية منذ فترة طويلة، مثل الحق في شراء المنتجات وبيعها في سوق واحدة، أصبحت فجأة في حالة تغير.
وفي ظل أسوأ سيناريو يمكن تصوره للانفصال دون اتفاق، تنبأت شركة أوليفر وإيمان الاستشارية بنقل ما يصل إلى 75 ألف وظيفة للخارج، في حين أشارت بورصة لندن للأوراق المالية قبل عامين أن هذا الرقم قد يبلغ 232 ألفا. ويعد مستقبل لندن كمركز لصناعة المال في أوروبا واحدا من أهم نتائج محادثات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي لأن هذه الصناعة تشكل أكبر مصادر دخل للصادرات في بريطانيا وأكبر مصدر للدخل من ضرائب الشركات.



نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)
شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)
TT

نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)
شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)

تسارع نمو الوظائف في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في ديسمبر (كانون الأول)، بينما انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة، مما يعكس قوة سوق العمل في نهاية العام ويعزز النهج الحذر الذي يتبعه بنك الاحتياطي الفيدرالي، فيما يتعلق بتخفيض أسعار الفائدة هذا العام.

وقالت وزارة العمل في تقريرها الخاص بالتوظيف، يوم الجمعة، إن الوظائف غير الزراعية زادت بنحو 256 ألف وظيفة في ديسمبر، بعد زيادة بنحو 212 ألف وظيفة في نوفمبر (تشرين الثاني). وكان خبراء اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا زيادة في الوظائف بنحو 160 ألف وظيفة، بعد إضافة 227 ألف وظيفة في نوفمبر. وتراوحت التوقعات لعدد الوظائف في ديسمبر بين 120 ألفاً و200 ألف.

وعلى الرغم من تباطؤ التوظيف بعد رفع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأميركي في 2022 و2023، فإن مرونة سوق العمل، التي تعكس في الغالب مستويات تسريح العمال المنخفضة تاريخياً، تستمر في دعم الاقتصاد من خلال تحفيز الإنفاق الاستهلاكي عبر الأجور الأعلى.

ويتوسع الاقتصاد بمعدل أعلى بكثير من وتيرة النمو غير التضخمي التي يبلغ 1.8 في المائة، وهي النسبة التي يعتبرها مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الحد الأقصى للنمو المستدام. ومع ذلك، تتزايد المخاوف من أن تعهدات الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض أو زيادة التعريفات الجمركية على الواردات وترحيل ملايين المهاجرين غير المسجلين قد تؤدي إلى عرقلة هذا الزخم.

وتجلى هذا القلق في محضر اجتماع السياسة الأخير لبنك الاحتياطي الفيدرالي في 17 و18 ديسمبر، الذي نُشر يوم الأربعاء؛ حيث أشار معظم المشاركين إلى أنه «يمكن للجنة تبني نهج حذر في النظر» في المزيد من التخفيضات.

وارتفع متوسط الدخل بالساعة بنسبة 0.3 في المائة خلال ديسمبر بعد زيادة بنسبة 0.4 في المائة في نوفمبر، فيما ارتفعت الأجور بنسبة 3.9 في المائة على مدار الـ12 شهراً حتى ديسمبر، مقارنة بزيادة قدرها 4 في المائة في نوفمبر.

ورغم تحسن معنويات الأعمال بعد فوز ترمب بالانتخابات في نوفمبر، وذلك بسبب التوقعات بتخفيضات ضريبية وبيئة تنظيمية أكثر مرونة، لا يتوقع الخبراء الاقتصاديون زيادة كبيرة في التوظيف على المدى القريب، ولم تظهر استطلاعات الأعمال أي مؤشرات على أن الشركات تخطط لزيادة أعداد الموظفين.

وقد انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة خلال ديسمبر، من 4.2 في المائة خلال نوفمبر. كما تم مراجعة بيانات مسح الأسر المعدلة موسمياً، التي يُشتق منها معدل البطالة، على مدار السنوات الخمس الماضية.

وقد تم تأكيد تخفيف ظروف سوق العمل من خلال الارتفاع التدريجي في عدد الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم بشكل دائم، إلى جانب زيادة مدة البطالة التي وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 3 سنوات تقريباً؛ حيث بلغ متوسط مدة البطالة 10.5 أسبوع في نوفمبر.

ويتماشى هذا مع مسح الوظائف الشاغرة ودوران العمالة، الذي يُظهر أن معدل التوظيف يتراجع إلى المستويات التي كانت سائدة في وقت مبكر من جائحة كوفيد-19.

وفي هذا السياق، خفض الفيدرالي في الشهر الماضي سعر الفائدة القياسي بمقدار ربع نقطة مئوية أخرى إلى نطاق 4.25 في المائة -4.50 في المائة، ليصل إجمالي التخفيضات منذ بدء دورة التيسير في سبتمبر (أيلول) إلى 100 نقطة أساس. لكنه أشار إلى أنه يتوقع خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية مرتين فقط هذا العام مقارنة بالـ4 التي كانت متوقعة في سبتمبر، وذلك في ضوء قدرة الاقتصاد على التحمل واستمرار التضخم المرتفع. وكان البنك قد رفع سعر الفائدة بمقدار 5.25 نقطة مئوية في عامي 2022 و2023.

وفي رد فعل على البيانات، ارتفع الدولار بنسبة 0.5 في المائة مقابل الين ليصل إلى 158.765 ين، في حين انخفض اليورو إلى أدنى مستوياته منذ نوفمبر 2022 مقابل الدولار الأميركي، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 0.6 في المائة ليصل إلى 1.024 دولار.

كما قفزت عوائد سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ نوفمبر 2023. وارتفعت عوائد سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات إلى 4.786 في المائة، بينما قفزت عوائد سندات الـ30 عاماً إلى 5.005 في المائة، مسجلتين أعلى مستوى لهما منذ نوفمبر 2023.