الأحزاب الصغيرة في كردستان تخشى «الحيتان الكبيرة» في انتخابات العراق

المسيحيون يرون أن حصتهم الثابتة غير كافية والتركمان يتجهون للمقاطعة

ارشيفية لناخب كردي
ارشيفية لناخب كردي
TT

الأحزاب الصغيرة في كردستان تخشى «الحيتان الكبيرة» في انتخابات العراق

ارشيفية لناخب كردي
ارشيفية لناخب كردي

تشعر الأحزاب الكردية الصغيرة والمكونات القومية (التركمان والمسيحيون) بالغبن والإحباط جراء اعتماد قانون جديد للانتخابات المقبلة للبرلمان العراقي المقرر إجراؤها نهاية أبريل (نيسان) المقبل، وتخشى حرمانها من المشاركة في القرار السياسي بالعراق بسبب ذلك القانون الذي يخدم، حسب قيادي كردي، الأحزاب الكبيرة التي وصفها بـ«الحيتان الكبيرة» التي تستأثر بالسلطة والحكم سواء في كردستان أو العراق.
وقال القيادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم ذكر اسمه: «في كردستان استأثر الحزبان الرئيسان بمراكز القرار السياسي منذ أكثر من عقدين، وبعد عملية تحرير العراق من النظام الديكتاتوري، ظهر على الساحة السياسية عدد محدود من الأحزاب الشيعية والسنية، ومجملها لها توجهات طائفية، وباتت تتحكم بمقادير البلاد.. وفي ظل مثل هذه الظروف، فإن هذه الأحزاب الكبيرة تبتلع الأحزاب الصغيرة وتستحوذ على الحصة الكبرى من مغانم السلطة، ولذلك، فإن من مصلحتها أن تمرر قانونا انتخابيا يتماشى مع مصالحها الحزبية والطائفية». وأضاف: «في الانتخابات التي جرت بكردستان في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي كانت كردستان برمتها دائرة انتخابية واحدة، لكن بسبب العتبة الانتخابية، لم تستطع مجمل الأحزاب الصغيرة الحصول على أية مقاعد في برلمان الإقليم، عدا بعض الأحزاب التي استطاعت بشق الأنفس أن تحصل على مقعد واحد رغم أنها أحزاب عريقة ولها ماض نضالي مشرف». وتابع: «في الانتخابات البرلمانية العراقية، تضاعف ثمن المقعد الواحد، ناهيك بتوزيع العراق إلى 18 دائرة انتخابية، فكيف يستطيع أي حزب صغير أن يحصل على الأصوات الكافية لدخول مجلس النواب العراقي في كل محافظة على حدة؟».
وفي حين دخل حزب «كادحي كردستان» والحزبان الشيوعي والاشتراكي الديمقراطي الكردستاني، في تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة، فإن سعد خالد، عضو المكتب السياسي لـ«حزب الكادحين»، لا يخفي مخاوفه من إخفاق التحالف في الحصول على النسبة التي تؤهله لدخول البرلمان العراقي، ويقول: «المشكلة هي أن القوانين الانتخابية لا تمثل إرادة الشعب ورغبته، بل تمثل إرادة الأحزاب الكبيرة التي تستأثر بالحكم وبالأغلبية داخل المجلس، وكنا نرغب في أن تكون هناك قائمة كردية موحدة لخوض الانتخابات المقبلة، ولكن ذلك لم يحدث، وكنا نخطط لجعل قائمة التحالف الوطني الديمقراطي التي اقترحناها لخوض الانتخابات في كركوك، إطارا جامعا لجميع الأحزاب الكردية، لكن للأسف لم يتحقق ذلك، والآن لم يبق أمامنا الوقت الكافي للبحث في تشكيل قائمة موحدة لخوض الانتخابات المقبلة باسم القائمة الكردية». ورغم تشاؤمه من النتائج، فإن خالد يشدد على «ضرورة مشاركة جميع الكرد، بمختلف أحزابهم الصغيرة والكبيرة، في تلك الانتخابات حتى لا تضيع أصواتهم وتذهب إلى المكونات الأخرى». المسيحيون لهم حصة مقررة في البرلمان العراقي، فهم يتمتعون بكوتة خمسة مقاعد مضمونة لهم، ولكن سالم توما، السياسي المسيحي المستقل والقيادي السابق في الحركة الديمقراطية الآشورية، يرى أن هذا العدد غير كاف لتمثيل مكون عريق كالكلدوآشوريين والسريان وغيرهم، ويشير إلى خلل يعتقد أنه معرقل للتمثيل المسيحي في مراكز القرار السياسي سواء في كردستان أو على مستوى العراق. ويقول: «الوضع الأمني يعرقل بطبيعة الحال نسب المشاركة، ومع أن وضع إقليم كردستان من الناحية الأمنية والسياسية مستقر، لكن إقبال المسيحيين على الانتخابات كان ضعيفا للغاية، وأعتقد أن نسبة المشاركين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في كردستان من المسيحيين لم تتجاوز 20 في المائة، ونظرا لأن الوضع الأمني في بقية أنحاء العراق أكثر تدهورا، فأنا لا أتوقع أن تزيد نسبة المشاركة المسيحية على حدود 10 في المائة».
وعلى عكس المسيحيين، فإن التركمان ليست لهم كوتة بمجلس النواب، وهذا مما يصعب عليهم المشاركة والفوز بمقاعد المجلس، ويؤكد شيردل تحسين، النائب التركماني السابق في برلمان كردستان أن «التركمان لن يشاركوا في الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة، لأنهم لا يستطيعون تحقيق النسبة التي تؤهلهم لدخول المجلس تحت أي ظرف كان، باستثناء الجبهة التركمانية التي ستخوض الانتخابات». ويضيف: «التوجه العام لدى تركمان أربيل هو مقاطعة تلك الانتخابات».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.