انطلاقة «mbc» في العراق تفتح آفاقاً جديدة في إعلامه

رحبت بها الأوساط الفنية والإعلامية وتخشاها أوساط مقربة من إيران

انطلاقة «mbc» في العراق تفتح آفاقاً جديدة في إعلامه
TT

انطلاقة «mbc» في العراق تفتح آفاقاً جديدة في إعلامه

انطلاقة «mbc» في العراق تفتح آفاقاً جديدة في إعلامه

رحبت أغلب الأوساط الإعلامية والفنية والثقافية العراقية بإعلان مجموعة «mbc» إطلاق قناتها الخاصة بالعراق، وظهرت مجموعة كبيرة من الفنانين العراقيين في حملة الترويج التي دشنتها القناة تمهيدا لانطلاقها الرسمي منتصف فبراير (شباط).
وأعلنت القناة عن مجموعة منوعة من البرامج الترفيهية الموجهة إلى المشاهد العراقي يديرها ويقدمها مجموعة من الفنانين العراقيين وفي مقدمتهم المطرب حاتم العراقي.
وتتمحور أكثرية الآراء المرحبة بانطلاقة القناة، حول إمكانية أن تدشن القناة عهداً جديداً في الإعلام العراقي الذي يؤسس لمرحلة من العمل المهني الاحترافي ويدفع بقية القنوات المحلية إلى تحسين أدائها وتطوير محتواها الإعلامي ونوعية المواد التلفزيونية التي تقدمها لجمهور المشاهدين، وأيضا يرى كثيرون أنها ستخلق فرص عمل غير قليلة للفنانين والإعلاميين، إلى جانب المضمون المدني والترفيهي الذي تطرحه القناة في موازاة عدد كبير من القنوات المحلية ذات التوجه الديني.
في مقابل ذلك، هاجمت بعض الأوساط الإعلامية والسياسية المقربة من إيران انطلاقة القناة ودعت إلى مقاطعتها.
وعلى رغم تأكيد الناطق الرسمي باسم مجموعة «mbc» مازن الحايك «الأجندة التجارية التي تأخذ بعين الاعتبار مصالح المشاهد أولا» التي تحكم عمل القناة، فإن الجماعات القريبة من إيران، تسعى إلى تسويق فكرة أن هناك {أجندة سياسية» وراء انطلاقة القناة، وهو أمر ترفضه غالبية الأوساط الفنية والإعلامية العراقية.
فالإعلامي ومقدم البرامج في قناة «الشرقية» حسام الحاج يرى أن «انطلاقة القناة تمثل مرحلة جديدة في الإعلام العراقي، لأن بقية القنوات ستكون مضطرة إلى مراجعة مناهجها وأساليبها في الأداء كي تبقى في دائرة المنافسة».
وبشأن الاعتراضات على انطلاق النسخة العراقية من «mbc» التي ظهرت من بعض الأوساط المقربة من إيران يقول الحاج لـ«الشرق الأوسط»: «القناة معروفة التوجه والمحتوى الترفيهي وهي تطرح ذلك بشفافية عالية، ولديها متابعون منذ سنوات في العراق، وفي المقابل نرى أن القنوات الممولة إيرانيا تؤسس على أنها قنوات عراقية، لكنها تدافع وتروج لإيران وسياساتها في المنطقة أكثر من دفاعها عن العراقيين».
ويضيف: «نحن حيال تجربتين مختلفتين، الأولى لا تدخل في سياق التدخل في الشؤون العراقية، والثانية تفعل ذلك بوضوح، وأغرب شيء أن تصدر بعض الأطراف السياسية بيانات استنكار ضد (mbc)، فيما هي تحصل على الأموال الإيرانية منذ سنوات لتمويل قنواتها الإعلامية».
أما الكاتب والصحافي ساطع راجي، فيرى أن «الجدل حول (mbc) عراق طبيعي في ظل مناخ مشحون بالاستقطاب والترقب».
ويقول راجي لـ«الشرق الأوسط» إن «خطوة إطلاق قناة فضائية ذات طابع ترفيهي لا يستحق كل هذا الضجيج؛ بل إن الحكومات والدول تجاوزت مرحلة الاعتراض على ما يمكن تسميته (قنوات معادية) ما لم تدع للعنف صراحة، ولذلك تزدحم في الأقمار الصناعية العربية الفضائيات المعادية لحكومات قنواتها موجودة على الأقمار نفسها».
ويرى أن المشكلة تكمن في أن «ساسة ونوابا يريدون استخدام أي حدث للتحريض والشحن والعودة إلى واجهة السياسة قافزين على أدائهم الكارثي لسنوات».
ويعتقد راجي أنه «من الواقعي أن تقدم شبكة (mbc) تطمينات للجمهور والجهات الحكومية العراقية بشأن تجنبها لكل ما يؤدي إلى التحريض والتأجيج في المجتمع العراقي الذي يمر بمرحلة نقاهة».
أما الصحافي ورئيس تحرير جريدة «الصباح» شبه الرسمية فلاح المشعل، فيعتقد أن «ظاهرة الخوف من الآخر المختلف، انتقلت من المناخ السياسي العراقي إلى فضاء الإعلام».
ويرى أن «الإعلام العراقي الذي خرج عام 2003 من معطف الإعلان والدعاية للسلطة الشمولية، لم يجد قواعد وفلسفة ورؤية لبنائه وفق قاعدة الحرية في التعبير ومبادئ النشر العام والتنوع الفكري واحترام عقول وذوات الجمهور العراقي، إنما سخر لخدمة السياسة على نحو فج كما أبعد عن وظائفه الثقافية في تربية وتحرير ذات الفرد العراقي من الخوف».
ويأمل المشعل في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن تكون انطلاقة الـmbc عامل إيقاظ للعقل السياسي العراقي السلطوي المعطل بفهم وظائف الإعلام وتأثيره الاجتماعي والنفسي».



رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض