مشادات كلامية بين أعضاء مجلس النواب ورئيس أركان الجيش الليبي

سكان في طرابلس لـ («الشرق الأوسط») : سقوط قتلى وجرحى في تصاعد للاشتباكات بين الميليشيات في منطقة المطار

جلسة استماع مجلس النواب لرئيس أركان الجيش الليبي في طبرق أول من أمس («الشرق الأوسط»)
جلسة استماع مجلس النواب لرئيس أركان الجيش الليبي في طبرق أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

مشادات كلامية بين أعضاء مجلس النواب ورئيس أركان الجيش الليبي

جلسة استماع مجلس النواب لرئيس أركان الجيش الليبي في طبرق أول من أمس («الشرق الأوسط»)
جلسة استماع مجلس النواب لرئيس أركان الجيش الليبي في طبرق أول من أمس («الشرق الأوسط»)

بينما واصل مجلس النواب الليبي مناقشة الوضع الأمني والعسكري في البلاد، كشفت وزارة الخارجية الليبية أمس النقاب عن أن وفد الأمم المتحدة الزائر أبدى استعدادها لإرسال مراقبين دوليين لمراقبة وقف القتال، وتحديد الجهات التي تستهدف المدنيين في الأحياء السكنية والتي أدت إلى نزوح الآلاف من سكان العاصمة إلى مناطق آمنة.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مصدر بوزارة الخارجية الليبية قوله إن الوفد بدأ مشاورات مع الأطراف المتقاتلة في العاصمة طرابلس من أجل التوصل لوقف إطلاق النار، وإيجاد آليات تنفيذه، مشيرا إلى أن رئيس الوفد ولد الشيخ أحمد الذي يشغل أيضا منصب المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في ليبيا يركز اهتمامه خلال هذه المهمة على تقييم الوضع الإنساني في مدينة طرابلس والأضرار التي ترتبت على القتال المستمر منذ زهاء الشهر، ومعاناة السكان واحتياجاتهم وظروفهم المعيشية الصعبة في ظل نقص الوقود والمواد الغذائية في البلاد، وظروف النازحين من جراء هذا القتال.
لكن الميليشيات التي تتصارع للسيطرة على مطار طرابلس الدولي لم تتوقف أمس في المقابل عن تبادل القصف فيما بينها في منطقة محيط المطار، حيث أبلغ رامي كعال، الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية الليبية، أن القصف استمر أمس بالأسلحة الثقيلة في طريق المطار، مشيرا إلى عدم توفر أي إحصائيات رسمية تفيد بسقوط ضحايا أو تحدد حجم الأضرار الناتجة عن هذه الاشتباكات.
وقال سكان في العاصمة لـ«الشرق الأوسط» إن القصف العنيف تواصل منذ صباح أمس بشكل متقطع، بالإضافة إلى اندلاع اشتباكات بين الميليشيات التي حولت منطقة المطار إلى ساحة قتال حقيقية للأسبوع الرابع على التوالي من دون توقف.
وتحدث السكان عما وصفوه بكارثة إنسانية في عدة أحياء سكنية نتيجة القصف العشوائي باستخدام صورايخ غراد وقذاف الهاون، خاصة في أحياء الأكواخ والسراج وجنزور.
وقال أحد السكان لـ«الشرق الأوسط»: «القصف لم يتوقف علي محيط طريق المطار، وثمة هجوم على حي الأكواخ بالأسلحة الثقيلة». فيما قالت مواطنة أخرى: «صاروخ سقط في منطقة الهضبة الشرقية على منزل ومات طفل، وتم أيضا قصف محطة وقود الطيران ما أدى لحدوث انفجار». وأضافت: «اليوم (أمس).. القصف مستمر منذ الصباح ونسمع انفجارات، أكيد هناك كوارث».
ورغم تأكيد السكان ورود أنباء عن سقوط قتلى وجرحى، فإن السلطات الرسمية الليبية لم تصدر أي إحصائيات رسمية.
كما سقطت عدة قذائف على منازل بمنطقة القادسية بغوط الشعال مساء أول من أمس، ما أدى إلى أضرار جسيمة دون حدوث إصابات بشرية، وفقا لشهود عيان في المنطقة، فيما رصدت وكالة الأنباء الرسمية نزوح ومغادرة عدد من المواطنين الذين تضررت منازلهم، المنطقة، تحسبا لوقوع صواريخ أخرى، إلى مناطق آمنة.
بموازاة ذلك، وفي إشارة واضحة باعترافها بمجلس النواب الليبي الذي يتخذ من أحد فنادق مدينة طبرق بأقصى شرق ليبيا، مقرا له، أوفدت السلطات المصرية وفدا دبلوماسيا التقى مساء أمس مع صالح عقيلة رئيس المجلس طبقا لما أكدته مصادر مقربة من المجلس لـ«الشرق الأوسط».
واستغل سامح شكري وزير الخارجية المصري اجتماعه أمس مع ديفيد ساترفيلد مدير عام القوة متعددة الجنسيات والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، للتأكيد على حرص مصر على تحقيق تطلعات الشعب الليبي في بناء دولته الحديثة بما يصون وحدة التراب الليبي، مشيرا إلى ترحيب مصر بإجراء الانتخابات البرلمانية الأخيرة في ليبيا وانعقاد أولى جلسات مجلس النواب في مدينة طبرق.
كما أعرب شكري، وفقا لبيان أصدره مكتبه، عن أمله في أن ينجح المجلس في تشكيل حكومة وطنية في أقرب وقت ممكن لاستكمال خطوات بناء باقي مؤسسات الدولة، مؤكدا على ضرورة استمرار التنسيق الكامل من جانب المجتمع الدولي مع دول الجوار الجغرافي لليبيا باعتبارها المعنية في المقام الأول بتحقيق الاستقرار هناك.
ولفت البيان إلى أن المسؤول الأميركي أعرب عن اهتمامه البالغ للاستماع إلى الرؤية المصرية للوضع في ليبيا، آخذا في الاعتبار الدور الإقليمي المحوري لمصر واعتبارها أحد أهم دول الجوار الجغرافي لليبيا.
في غضون ذلك، عقد مجلس النواب الليبي أمس جلسة مغلقة خصصها للاستماع إلى اللواء عبد السلام العبيدي رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، ومساءلته حول أحداث الاقتتال الجاري في عدة مناطق ليبية.
وقال فتح الله السعيطي عضو المجلس النواب إن العبيدي أقر خلال الجلسة بأنه عاجز عن إصدار أوامره بوقف إطلاق النار، وأن القوات المهاجمة لمطار طرابلس لا تتبعه، مؤكدا أن الجيش الليبي على وشك الانهيار.
وقال النائب إن أعضاء المجلس دخلوا في مناقشات حامية مع العبيدي ووجهوا له كلمات شديدة اللهجة وحملوه مسؤولية كل ما يحدث في ليبيا من انتهاكات وتعدٍّ على أملاك الدولة وأملاك الشعب الليبي.
وقال أعضاء آخرون إن العبيدي اعترف أيضا بمسؤوليته عن تزويد ميليشيات مسلحة لا تتبع الجيش بالذخيرة.
وكان يفترض أن يستمع المجلس لاحقا إلى كل من سالم الحاسي رئيس المخابرات، وعبد الله الثني رئيس الحكومة الانتقالية، بعدما قدم عدد من وزراء الحكومة معلومات مفصلة عن الوضع الأمني في البلاد والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمعالجة تداعيات هذا الوضع، كما استعرض المجلس المشاكل والصعوبات التي تواجه الوزارات في أداء عملها بتقديم الخدمات للمواطنين والتخفيف من مضاعفات الأزمة الإنسانية التي تواجهها بعض المناطق في ليبيا.
وكان الثني قد طالب عناصر الجيش الليبي بضرورة الالتزام بالضوابط والقوانين العسكرية، والاعتزاز به وبالانتماء إليه لحماية الوطن وحدوده.
وأكد الثني في كلمة ألقاها بمناسبة الذكرى الرابعة والسبعين لتأسيس الجيش تحت قيادة العاهل الليبي الراحل إدريس السنوسي، على ضرورة مشاركة أفراد الجيش لضباط وأفراد الشرطة من أجل إرساء دعائم الأمن والاستقرار في ربوع ليبيا.
وأشاد الثني بتاريخ الجيش الليبي الذي استطاع إبان تأسيسه ورغم قلة الإمكانيات المادية والبشرية أن يساهم في تحرير ليبيا من الاحتلال الإيطالي ويصبح جيشا يمثل كل مناطق ليبيا ويجمعهم جميعا تحت راية الوطن، معربا عن أسفه لما يحدث الآن بعد مرور هذه السنوات الطويلة من هدم لهذا الصرح العظيم، واعتداء على هيبته، وتغيير لولائه وانتمائه.
من جهتها، دعت وزارة الداخلية الليبية أمس رؤساء الأجهزة والمصالح ومديري الإدارات العامة ومديري الأمن ومن في حكمهم كافة إلى ضرورة الوجود بمقار أعمالهم والالتزام بتنفيذ مهامهم الوطنية.
وشددت الوزارة في بيان لها على ضرورة دعوة عناصرها للالتحاق بأعمالهم واتخاذ ما يلزم من إجراءات تضمن استمرارهم في أداء واجباتهم تجاه أمن الوطن والمواطن، محذرة بتحويل كل من يتخلف للمحاكمة التأديبية.
وفى بنغازي بشرق البلاد، نفى العقيد علي العمامي مدير الأمن الوطني لمنفذ بنغازي البحري وصول أي تهديد بضرب الموانئ من قبل السلاح الجوي التابع لقوات اللواء المتقاعد حفتر، مؤكدا أن المنفذين البحريين «الرئيسي» و«جليانة» يعملان بصورة طبيعية. ولفت إلى أن الحركة خفت عن ذي قبل بسبب الأحداث الجارية بالمدينة، وخوف بعض الدول على رعاياها، مؤكدا ترحيل 383 فردا من الجالية الهندية إلى بلادهم تحت إشراف إدارة الجوازات وبمساعدة الهلال الأحمر الليبي.
وكان العقيد محمد حجازي الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الوطني قد أعلن إغلاق ميناء بنغازي البحري واستهداف أي قطعة بحرية تقترب منه اعتبارا من أول من أمس لأنه تحت سيطرة ما يسمى «مجلس شورى ثوار بنغازي» التابع للجماعات المتطرفة في المدينة.
وهدد حجازي باستهداف أي قطعة بحرية أو أي جسم يتحرك في المياه الإقليمية بالقرب من بنغازي بالطائرات، مطالبا مصلحة الموانئ بنقل کل سفنها إلى ميناء طبرق البحري، حتى لا يجري استخدامها من قبل المجموعات وتصبح بهذا هدفا مشروعا لقواتهم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.